انوار الفقاهة-ج23-ص18
التالف من مال التجارة إما أن يكون قبل الدوران في التجارة بمعنى البيع والشراء به لا مجرد السفر به أو يكون بعده وعلى كل حال فأما أن يكون الكل أو البعض وعلى كل حال فأما أن يكون بطريق غير مضمون كتلف بآفة سماوية أو نقصان سوق أو بطريق مضمون كسرقة ونهب وشبهها فأن كان التلف قبل الدوران في التجارة فالأوجه بطلان المضاربة مطلقاً لأنها إنما وقعت على مال معين وقد ذهب ما وقع عليه فتبطل ولأن المتيقن من جبر رأس المال بالربح هو جبره بما كان بعد الدوران لأما كان قبله ويحتمل عدم البطلان فيما إذا كان التالف مضموناً لقيام العوض مقام المعوض وحينئذٍ فلو استوفى العامل منه شيئاً فربح ذلك الشيء ونوى الباقي كان الربح جبران لذلك التالف وفيه أن قيام العوض مقام المعوض والبدل مقام المبدل في عقد المضاربة ونحوها مفتقر إلى الدليل وهو مفقود في غير ما دل عليه الدليل كأثمان الأعيان المبيعة في التجارة عند تقليب المال وقد يحتمل الصحة مطلقاً كما إذا ضاربه على مال معين وإذن له بالشراء في الذمة ليفي منه فاشترى في الذمة فتلف عين المال قبل دفعه فأنه يلتزم المالك حينئذ بنقد الثمن عنه ويكون العين المشتراة من أموال المضاربة وكلما حصل فيها ربح يكون جبراً لرأس المال الذي قد تلف وفيه أن صيرورة العين المشتراة من أموال المضاربة بمجرد نية الوفاء من رأس المال وأن لم يف منه مشكل جداً هذا أن كان التالف جميع رأس المال وأن كان بعضه احتمل أيضاً بطلان المضاربة به مطلقاً فلا يجبر ربح ما بقي لما تلف مطلقاً ويحتمل جبره مطلقاً لأن الربح وقاية رأس المال ومتى صحت المضاربة في شيء منه كان الربح الباقي جبراً لما فات منه والمقتضي للصحة هو نفس العقد دون الدوران في التجارة ويحتمل التفصيل بين التلف السماوي أو نقصان السوق فيجبر بربح الباقي وبين التلف المضمون فلا يجبر لأن ضمانه بمنزلة بقائه وجوده فلا يلتزم جبره ويحتمل العكس لأن ضمانة مقتضى لعدم بطلان المضارة فيه لصيرورته بمنزلة الموجود والمفروض أنه قد تلف ولا يمكن استعادته لزم جبره بربح الباقي حينئذٍ وأن كان تلف قدر رأس المال بعد الدوران كلاً كما إذا تلف راس المال بعد الشراء به وبقي الربح أو بقي بعضاً جبر بالربح قطعاً لكونه وقاية لرأس المال سواء كان التلف بوجه مضمون أو غير مضمون واحتمال أن التالف بوجه مضمون لا يجبر بالربح لأنه بمنزلة الموجود ولأن الربح وقاية لما كان نقصانه بتصرف العامل كنقصان السوق وشبهه لا مطلقاً بعيد لأن الفرض في الأول مع عدم تأدية ما على الضامن فيكون تالفاً والتخصيص بالأخير مخالف لظواهر الفتاوى والنصوص.
الثانية والعشرون:في بيان أمور
أحدهــا مضاربة العامل بازيد من أجرة مثله:
لو ضارب المريض العامل بأزيد من أجرة مثله صح ولم يخرج الزائد من الثلث لأنه لم يفوت شيئاً على الوارث من أعيان التركة وإنما قوت أمراً موهوماً لا تحقق له في الخارج فكلما تحقق شيء من الربح فهو ملك جديد للوارث يستغنمه.
ثانيهــا شرط المالك على العامل بقاء المال في يده وعدم تسليمه إليه :
لو شرط المالك على العامل بقاء المال في يده وعدم تسليمه إليه فلا يبعد صحة الشرط والعقد لعموم دليل الشروط وكذا لو شرط المشاركة معه أو مراجعته في التصرف أو أن لا يعمل إلا بنظره صح ذلك كله لوجود المقتضى وعدم المانع ويظهر من العلامة (() منع اشتراط بقاء المال في يد المالك على وجه الاستقلال لمنافاته لموضع المضاربة وفيه منع المنافاة لذلك شرعاً وعرفاً ولو خلط العامل المال بمال آخر ضمن حتى لو كان بمال آخر للمالك ولو كان ذلك بمضاربة أخرى.
ثالثهـــا تعدد المضاربات:
لا يجوز للمضارب أن يأخذ مضاربة أخرى إذا تضرر المالك الأول ولا يجوز أن يتّمان في عمله أو يترك المال من دون عمل ولو أخذ مضاربة أخرى كان الربح بينه وبين المالك الثاني وليس للمالك الأول فيها شيء ولو ضارب اثنين فساواهما في الربح صح تفاوتاً في العمل أو تساويا فاوتهما في الربح مع التساوي في العمل والتفاوت.
رابعهــا مضاربة اثنان لواحد: