انوار الفقاهة-ج23-ص11
إذا اشترى العامل من ينعتق على رب المال بنسب أو سبب أو ما يخرج عن ملكه بمجرد دخوله فيه لنذر أو لغيره من الأسباب فأن كان بأذن المالك صح الشراء وأنعتق العبد وخرج المال عن ملك المالك وبطلت المضاربة في ثمنه فأن بقي مال للمضاربة غيره بقي على المضاربة وأن لم يبق بطل عقد المضاربة من أصله وهل هذا الشراء من أعمال المضاربة بحيث يدخل فيها أو خارج عنها فأن قلنا بخروجه عنها لأقتضاء المضاربة العمل القابل للتكرير والتقلب والبيع بعد الشراء مرة أو مرات وهذا لا يقبل ذلك فهو عمل ليس له داخل في المضاربة قضي به أذن المالك المغايرة لعقد المضاربة وحينئذ فلو شرط مثل هذا في أبتداء المضاربة بطلت ولو أذن له في أثنائها كان فسخاً للمضاربة بالنسبة إليه فلا يستحق العامل شيئاً من الربح لو ظهر فيه لعدم وقوع المضاربة عليه أبتداءً وعدم دخوله تحت اعمالها في الأثناء وهل يستحق أجرة لأنه عمل محترم صدر عن أذن المالك فيستحق عليه الأجرة ولو كان عليه أجرة عادة أو على مقدماته من السعي والمماكسة والترغيب في الشراء ونحو ذلك أو لا يستحق لأنه بعد خروجه عن المضاربة وأعمالها يكون بمنزلة الوكيل الظاهر عمله في التبرع كما هو شأن الوكالة وجهان اقواهما استحقاق الأجرة لأنه لم يقدم على العمل بعقد الوكالة كي يكون عمله ظاهراً في التبرع وأن قلنا بدخوله في أعمال المضاربة بل وجواز شرطه أبتداءً لعدم تسليم اشتراط قبول كل شراء في للمضاربة للبيع مرة أو مرات والتقليب والدوران في التجارة كما يرشد إليه جواز الفسخ من المالك والعامل بعد الشراء من دون تعقيب بيع ويرشد إليه جواز تحديد المضاربة في زمن لا يسع إلا الشراء فقط فهو عمل من أعمال المضاربة يتبعها في الحكم وحينئذ فأن لم يظهر في العمل ربح افسخت المضاربة بالنسبة إليه قلنا أن الربح يملك بالظهور وكذا أن ظهر وقلنا أن الربح يملك بالأنضاض أو القسمة وهل يستحق أجرة على عمله لأنه عمل محترم صدر بأمر المالك ولم يسلم له عوضه بسبب أذنه له فكان الفسخ جاء من قبله ويكون بمنزلة ما إذا أتلف المال مال المضاربة بعد سعي العامل أو لا يستحق لأن فسخ المضاربة جاء من فعله وإن كان بأذن المالك فكأنه المباشر والمباشر أقوى من السبب ولأن عوض عمله الربح وقد أقدم عليه بعقد جائز فأن سلم كان له وأن لم يسلم له فلا شيء له سواه وجهان ولا يبعد الأول وأن ظهر ربح للعامل احتمل كون الربح للعامل لملكه له بالظهور فأن كان المالك معسراً بقي نصيب العامل دقيقا وان كان مؤسراً قلنا بعدم حتى وإن كان مورداً قلنا بعدم السراية في الأنعتاق القهري مطلقاً حتى لو كان سببه أختيارياً بقي نصيبه أيضاً كذلك وأن قلنا بالسراية فيما إذا كان السبب أختيارياً سري العتق إلى نصيب العامل وكان على المالك قيمة نصيبه لأنه قد أتلفه عليه فهو بمنزلة ما إذا استرد المالك طائفة من المال بعد ظهور الربح فأتلفها واحتمل أن له الأجرة دون الربح أما لأن الربح لا يملك إلا بلأننضاض أو القسمة أو لأن مثل هذا العمل من أعمال المضاربة لا يستحق الربح لأنفساخ المضاربة فيه من أول مرة فلا يستحق سوى الأجرة بناءاً على وقوع عمل منه له أجرة عادة ولا يخفى ضعف هذا الأخير لأن الحكم بكونه من أعمال المضاربة ومع ذلك فلا يستحق الربح مخالف لظاهر الأدلة إلا أن يقال أن اعمال المضاربة إنما تنصرف إلى ما يقبل الدوران والتقليب فيعود إلى الوجه المتقدم من أنه ليس من أعمال المضاربة فلا يستحق سوى الأجرة أو لا يستحق شيئاً وأن اشترى العامل من غير أذن المالك وأن كان عالماً بنسب من أشتراه للمالك وعالماً بحكم الأنعتاق واشترى بعين المال كان آثماً وفضولياً يتوقف صحة عمله على الأجازة ولا يقع باطلاً أبتداءً ومن عبر به أراد ذلك فأن لم يجز المالك بطل الشراء وأن أجاز مضى الشراء وليس للعامل ربح ولا أجرة مثل لصدور عمله منه تبرعاً فلا يستحق عليه شيئاً واحتمل بعضهم ههنا البطلان لمكان النهي فلا تؤثر الأجازة حينئذ وهو ضعيف وأضعف من احتمال صحته الشراء لأنه مال متقوم قابل لجريان العقود عليه ويكون العامل ضامناً لتفريطه به فكأنه أتلفه إن كان جاهلاً بالحكم أو النسب أو بهما قوي القول بكونه أيضاً كما قدمنا من توقفه على الأجازة وأن لم يضمن الثمن لو تلف لعدم تعديه ولم يأثم لمكان جهله وهل يستحق أجرة مثل عمله وجه لا يخلو من قوة ويحتمل صحة فعله ووقوع الشراء عن المالك وأنعتاقه عليه لأن تكليفه ما أدى إليه نظرة ولم يكن مقصراً فيه كما إذا أشترى معيباً غير عالم بعيبه فأنه يكون للمالك وكما إذا اشترى ما يظن فيه الربح فظهر لا ربح فيه وكما إذا اشترى ما يتلف بعد شرائه فتلف إلى غير ذلك وسيما لو كان الجهل بالحكم والنسب أو بالنسب فقط لأن الجهل بهما عذر بخلاف الجهل بالحكم فأن احتمال عدم عذره لمكان تفريطه بالتعلم قوي وفي استحقاقه الربح أو الأجرة على هذا الأحتمال أو عدم استحقاقه شيئاً وجره مبناها على دخول هذا العمل في المضاربة حقيقة فيستحق الأول أو حكماً لا أسماً فيستحق الثاني أو لا يدخل أصلاً بل هو تبرع سببه الجهل لأمر المالك فلا يستحق شيئاً وأقواها الأخير وأن كان شراء العامل بالذمة لم يقع الشراء للمضاربة إلا إذا أذن له في الشراء في الذمة فيجيئُ في الصحة وجه كما تقدم وأن لم يأذن له فأن ذكر المالك لفظاً ونواه معنى فهو فضولي عنه وأن ذكره لفظاً ونوى نفسه كان له باطناً وفضولياً عن المالك ظاهراً وأن نوى المالك باطناً ولم يذكره لفظاً كان للمالك باطناً وله ظاهراً وكذا إذا ذكر نفسه ظاهراً وأن أطلق النية واللفظ كان له ظاهراً وباطناً ويجب عليه التخلص على حسب ما نواه.
خامس عشرهــا شراء العامل من نذر المالك: