انوار الفقاهة-ج23-ص9
لو قال المالك ضاربتك على أن الربح بيننا ولم يقيد انصرف الإطلاق للمناصفة كما ينصرف لفظ المساواة والمشابهة والمثلية مع عدم القيد إلى العموم أو إلى الأفراد الظاهرة والظاهر ههنا من لفظ بيننا في أخبار أو إنشاء أن كل جزء يفرض هو بينهما فيفيد المناصفة ولأنهما في باب المضاربة مستويان في السبب المقتضي للاستحقاق فينصرف اللفظ إلى استوائهما في المسبب وأما الاستناد لأصالة عدم التفاضل فهو ضعيف لأن الأصل لا يصحح العقد لو فرضناه مجملاً ويظهر من بعضهم أن لفظ بيننا مجمل صالح للمناصفة وغيرها وربما أيده بالأخبار الواردة فيمن خالف أمر المالك أنه ضامن والربح بينهما فأنه ليس المراد به فيها التصنيف قطعاً بل المراد مجرد الاشتراك وفيه أن مطلق لفظ بيننا صالح للتصنيف وغيره وأما إطلاقه فمنصرف للتصنيف وما ورد في الأخبار محمول على مجرد الاشتراك للقرينة الصارفة وهي الحكم على العامل والمالك بعد التعدي وحصول الربح وهما لا يكونان إلا بعد صدور المضاربة المشتملة على بيان القدر وحينئذ فإرادة مجرد الاشتراك فيه ظاهر لا يحتاج إلى بيان ويساعده أن في بعض الأحبار أن الربح بينهما على ما شرطاه فالمراد من الأخبار بيان الاشتراك في الربح على حسب الشرط دفعاً لتوهم أن الربح كله للمالك وما قدمناه قرينة عليه ولو ضارب المالك العامل على أن النصف له صح ولو ضاربه على أن النصف للمالك احتملت الصحة لقضاء العرف في مقام الخطاب أن النصف الأخر للعامل ولمفهوم الذكر في مقام البيان فأنه يقضي بأن الأخر للعامل واحتمل البطلان لبقاء النصف الأخر أيضاً على حكم مالك المال لأن الأصل تبعية الربح للمال ومجرد ذكر النصف العائد إلى المالك المؤكد للأصل لا يدل على كون النصف الأخر للعامل ودعوى دلالة العرف على ذلك ممنوعة والأحتمال الأول أقوى لأن منع قضاء العرف بذلك مكابرة ولو قال المالك ضاربتك على أن الربح كله لي احتمل كونه قرضاً فاسداً فيستحق العامل أجرة المثل واحتمل كونه كذلك ولا يستحق أجرة لأقدامه على أنها مضاربة فلا يستحق سوى الربح وبأقدامه على أن الربح كله للمالك لا يستحق شيئاً فيكون كالمتبرع وفيه أن التبرع مبني على أنه مضارب ولم يحصل ذلك فلم يحصل التبرع فيكون عملاً مأذوناً فيه من المالك له أجرة عادة فيضمنه الأذن واحتمل كونه بضاعة قد استعمل فيه لفظ القراض مجازاً أو يكون بضاعة قهراً لأن البضاعة لا تخصها صيغة خاصة بل كل عمل بالمال قد تبرع صاحبه به مسمّى بضاعة ولو دار الأمر بين كونه قراضاً فاسداً فيستحق الأجرة أو بضاعة على وجه المجاز احتمل لزوم تقديم المجاز لأصل البراءة ولأن الحمل على الصحة اولى واحتمل تقديم جانب الفساد لأصالة ثبوت الأجرة على عمل المسلم إلا ما أخرجه الدليل ولظهور الخطاب في الفساد دون التجوز والصحة ولو عرف قصد المالك اتبع قصده مع احتمال صيرورة الصيغة بضاعة قهراً ولو قال له ضاربتك على أن الربح لك احتمل كونه قرضاً أما لأن القرض لا يختص بلفظ أو لأن المجاز خير من الحمل على الفساد هذا إن لم يعلم قصده وأن علم قصد أحدهما قصده لأحدهما اتبع قصده وحكم بأنه قرض أو مضاربة فاسدة واحتمل كونه قرضاً فاسداً والفرق بين القرض الفاسد في الضمان وعدمه لأن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده في الثاني دون الأول ولو قال ضاربتك على النصف احتملت الصحة حملاً على إرادة بيان نصف العامل لأنه المحتاج إلى ذلك ولأن الحمل على الصحة أولى واحتمل البطلان حملاً على إرادة نصف المالك وهو مبطل على الوجه المتقدم أو لأنه مجمل فتردد فيه بين الصحيح والفاسد فيبطل ولو قال ضاربتك على أن لي النصف ولك السدس صح وتعين السدس للعامل وكان الثلث المسكوت عنه للمالك ولو قال على أن لك الربع وربع ما بقي أو الثلث وثلث ما بقي صح وكان للعامل ربع الأصل وربع الباقي وثلث الأصل وثلث الباقي إن كان عارفاً بالحساب وإلا بطل للجهالة ويحتمل الصحة وأغتفار مثل هذه الجهالة لأن العلم بها محقق والمعرفة الإجمالية حال العقد في العقد الجائز مغتفر وأن لم يغتفر في العقد اللازم ولو كان له ألفان فضاربه على أن له ربح أحدهما صح وكذا أن له ربح نصفهما أو نصف ربحهما هذا أن كانت الألفان ممزوجتين وأن كانتا معزولتين بطلا لإحتمال اختصاص أحد الألفين بالربح دون الأخرى ولا يجوز أن يكون ربح مال عوضاً في عمل مال أخر ولو ضاربه على أن يكون لغلامه حصة من الربح جاز لأن ما للغلام هو للمالك فيكون بمنزلة اشتراط أحدهما ما لازائداً ولو اشترط حصة من الربح لأجنبي فأن كان عاملاً صح وأن لم يكن عاملاً فسد للشك في صحة المضاربة مع هذا الشرط لأن مبنى عقد المضاربة على الاشتراك بين المالك والعامل فاشتراط حصته من الربح لمن لا يعمل مناف لمقتضى العقد ويحتمل الصحة لعموم الوفاء بالعقد والشرط والمناقشة في شمولهما لذلك محل نظر ويحتمل الصحة أن كان المشترط المالك لأنه بمنزلة استثنائه من الربح والبطلان أن اشتراطه العامل لمنافاته لعقد المضاربة والظاهر أن الأول هو المشهور.
ثالث عشرهــا تملك العامل حصة من الربح: