پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج23-ص4

من أحكام إطلاق عقد المضاربة شرعاً جواز أخذ العامل نفقته سفراً من مال المضاربة وفاقاً للمشهور نقلاً بل تحصيلاً وللإجماع المنقول وللأخبار كالصحيح في المضارب ما اتفق في سفره فهو من جميع المال فإذا قدم بلدة فما انفق فهو من نصيبه وفي أخر مثله وفي ثالث مثلهما والمراد بهذه الأخبار الرخصة قطعاً لا الإلزام وظاهرها عدم الفرق بين مساواة نفقة سفر العامل لحضره وبين عدمها زيادة أو نقصاناً وأن هذه النفقة كسائر النفقات تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص شرقاً وضعة ومزاجاً من مأكول وملبوس ومشروب ومركوب وفراش وغطا وشراب قهوة وتتن ونفقة دابة يركبها وعبد يخدمه وظروف وآلات سفر ونحو ذلك وفي إلحاق دوائه وإكرام ضيوفه ومهر زوجته المحتاج إليها في سفره وجه والأوجه خلافه والأحوط الاقتصار على ما يحتاج إليه لنفسه ولدابته ولخادمه من مأكول وملبوس وأجرة مركوب ومسكن ونحوها فأن قتر على نفسه كان عليه ولم يحتسب له ما زاد وأن أسرف ضمن ما زاد وأنفاقه كنفقة الأقارب تؤخذ من المال ولا تكون ديناً على المالك إذا لم يستوفها العامل كلاً أو بعضاً ولو زاد من النفقة شيئٌ عيناً أو منفعة رده إلى مال المضاربة أو أَبقاه لسفر آخر إذا كان ممن يتكرر سفره ولا يتفاوت الحال بين نفقة السفر ذهاباً وإياباً وبين السفر الشرعي والعرفي وبين قصر المدة وطولها وبين نية الإقامة في أثناء السفر وعدمها نعم أن يكون سفراً مأذوناً فيه من المالك فلو تعدى إلى جهة أخرى بمال المضاربة من غير أذن لم يكن له شيء وكذا لو أقام في مكان لأمر أخر غير المضاربة أو أقام بعد إتمام عمل المضاربة وكذا لو تعدى في عمله إذن المالك وأن لم يتعدَ في سفره ولو ضاق مال التجارة عن النفقة فالظاهر سقوطها ويحرم عليه الأخذ مع احتمال جواز الأنفاق حتى ينفذ المال أخذاً بالإطلاق ولكنه بعيد وكذا لو كانت في الابتداء لا تسع نفقته فأنه لا يجوز له الأنفاق لمكان الضرر وللقطع بعدم رضا المالك وللشك في شمول الأخبار لمثل ذلك وجواز أخذ العامل النفقة حكم من الأحكام الشرعية اللاحقة لعقد المضاربة لا من مقتضيات العقد إلا أنه مشروط عدمها مما يخالف الكتاب والسنة لأنها ثابتة للعقد المطلق لا لمطلق العقد ولا حقه للمضاربة من حيث رضا المتعاقدين لا من حيث هي حتى لو كان المالك جاهلاً بالحكم والعامل عالماً به لم يجز للعامل الأنفاق من دون أخباره ولو لم يعلم حاله فالظاهر عدم لزوم السؤال لأن الظاهر معرفته بذلك ولو شرط المالك على العامل أن لا ينفق من مال المضاربة لزم الشرط فلو أجازه بعد ذلك كان تبرعاً ولو شرط المالك على العامل النفقة كان شرطاً مؤكداً وفائدته التزام المالك به وتسلط العامل على الخيار عند منع المالك له فيكون أجرة المثل والربح كله للمالك وهل يشترط تعيين النفقة عند أخذها شرطاً لدفع الضرر المنهي عنه بالتعيين ولأن الشرط من أجزاء العقد فتعود الجهالة للعقد أو لا تشترط لثبوتها من دون الشرط لا على جهة التعيين فلا يزيد الفرع على الأصل وجهان ويضعّف الأخير أن الحكم اللاحق للعقد غير الشرط المبني عليه العقد فيفتفر في الأول مالا يفتفر في الثاني ولو شرط المالك أنفاق شيء معين أو على جهة معينة لزم على حسب ما شرط وتخرج النفقة أصل المال ظهر ربح أم لم يظهر وقع بيع وشراء من العامل أم لم يقع ولو ظهر ربح أخذ العامل النفقة أيضاً من مجموع المال وتقدم على حق العامل والمالك والأحوط عدم الأنفاق إلا من الربح ويجوز أن يشتري النفقة بذمته ويفي من مال المضاربة إذا لم ينو التبرع عند الأنفاق ولو اشترى بالذمة فتلف المال قبل الوفاء من مال المضاربة كان عليه لا على المالك ولو كانت عنده مضاربتان لمالك واحد أو لمالكين أو مضاربة ومال لنفسه يتجر به فالنفقة موزعة على نسبة المآلين لا على نسبة العملين لأن النفقة تابعة لمال المضاربة حكماً شرعياً لا للعمل والعمل يقابله الربح كما هو مقتضى العقد واحتمل بعضهم تبعية النفقة للعمل وهو بعيد ويحتمل سقوط النفقة لو اجتمع مع مال المضاربة مال لنفسه ويحتمل كون الكل من مال المضاربة والأقوى التقسيط ولا يتفاوت الحال في تقسيط ذلك على ما ذكرنا بين أن يشترط العامل على أهل المال النفقة وبين أن لا يشترط لأنه شرط مؤكد ويحتمل مع تعدد المضاربة التخير في الأنفاق ولكنه بعيد كاحتمال تخصيصها بما كثرت مالاً وغلبت عملاً أما لو اشترط على أحدهم كمال النفقة من ماله وكان عالماً بالمضاربات الأخر أو كان جاهلاً ولكنه أقدم على ذلك كانت النفقة من ماله خاصة ولو اشترط على كل واحد منهم مع علمهم أو أقدامهم كان مخيراً بين إخراج النفقة من أي مال شاء وبين التوزيع ولو شرط أحد المالكين إلا ينفق من ماله وأطلق الأخر كان للعامل نصف النفقة والباقي عليه ويحتمل كون الكل على مال الأخر ولو شرط أحد الملاك التفاوت في النفقة على حسب ما يريدون من لزم الشرط ولو مات العامل أو جن أوعز له المالك أو عزل نفسه أو انتهى زمان المضاربة لا عملها حرم الأنفاق من مال المضاربة اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد الدليل ولأقدام العامل على عقد مبني على الجواز بحيث متى ما أراد المالك فسخه وحينئذٍ فلو عزل المالك العامل في سفره كانت نفقة الرجوع على العامل حسب ولو بقي المال غير ناض على الظاهر ولو عزله أحد الملاك وبقي بيده مال الأخر كانت نفقته كلها من مال الأخر حتى لو شرط عليه التضيف في الابتداء لعلمه بالمضاربة الأخرى وذهب بعض إلى أن نفقة السفر كلها على العامل جرياً على مقتضى القواعد وبعض أخر أن النفقة عليه إذا كان بيده مال له ومال مضاربة لغيره وبعض ثالث إلى أن الزائد على نفقة الحضر على مال المضاربة والمساوي لنفقة الحضر على العامل اقتصاراً على مورد اليقين ولو كان العامل لا وطن له كالسائح أو كان قد توطن في أثناء سفره ففي أخذه النفقة من مال المضاربة إشكال ولو كانت البلد واسعة كأصفهان وافتقر المضارب إلى الدوران فكذا لا يخلو الحكم بها من إشكال ولو كان المال لطفل أو لمجنون فالأحوط للعامل أن ينفق من ماله ويجوز له أن يشتري نفقة من مال المضاربة في بلده وينقلها معه إذا كان ذلك أعود ولو ضارب شخص اثنين كانت قسمتهما معاً من مال المضاربة وهذا الحكم خاص بالمضاربة فلا يسري للبضاعة ولا للإجارة ولا للشركة اقتصاراً على مورد اليقين.

سادسهــا موت المالك أو العامل:

موت المالك أو العامل مبطل للمضاربة من حينه بلا خلاف لأن المال بموت المالك ينتقل إلى الوارث فلا أثر لأذن المالك السابق في مال غيره ولأن العمل كان الأذن مقصوراً فيه على العامل لا يتعدى إلى غيره ولأن المضاربة وكالة في المعنى ويلحق بالموت الجنون والسفه والإغماء وشبهه فأن مات المالك وكان المال نافيا لا ربح فيه أخذه الوارث فأن ظهر فيه ربح أقتسماه ويقدم حق العامل على الديون لتعلقه بالعين تعلق الشركة وأن كان المال عن رضا فللعامل انضاضه إذا كان الربح مرجواً له سواء رضي أم لا لبناء المعاملة على ذلك ولأن العمل محترم وقد كان رجاءً لتحصيله فمنعه عن ضرر وأضرار مع احتمال جواز منع الوارث له لأصالة عدم الربح وعموم الناس مسلطون على أموالهم وعموم حرمة التصرف بمال الغير وعدم ثبوت أن رجاء الربح مجوز لذلك إلا أن ينعقد إجماع وفي ثبوته بحث وقد يقال بلزوم الأنضاض على المالك ولو على يد غير العامل فلا يلزم تسليمه إلى العامل بل يسلمه إلى من يتفقان عليه أو إلى عدل وهل للوارث مع ظهور الربح عدمه إلزام العامل بأنضاض المال لبناء العقد على ذلك ولأنه حقا للمالك فينتقل إلى وارثه أو ليس له للأصل وعدم موجب له ومنع كونه حقاً للمالك كي ينتقل إلى وارثه وجهان والأظهر الأول وأن مات العامل فأن كان المال ناضاً ولا ربح أخذه المالك وأن كان فيه ربح اقتسمه بينه وبين الورثة وأن كان عروضاً فيه ربح ظاهر اقتسموه أيضاً وأن لم يكن كذلك وكان الربح مرجواً لزم على المالك دفعه إلى ورثة العامل أو إلى أمين ينضه فأن ظهر فيه ربح قسمه بينهما وإلا دفعه إلى المالك مع احتمال عدم لزوم الأنضاض على المالك للأصل وعدم موجب لذلك ثم أن المالك له أن يجدد المضاربة مع الوارث عند اجتماع شرائطها في الابتداء.

سابعهــا ثبوت الربح للعامل: