انوار الفقاهة-ج23-ص2
عقد قابل للشروط السائغة المقدورة القابلة للانتفاع التي لا تنافي مقتضى العقد إلا أنها جائزة لجواز اصلها فللمشروط عليه عدم القيام بأن يفسخ اصل العقد وللمشترط أن يسقط حقه من الشرط وليس للمشروط فسخ الشرط وإبقاء العقد بل يحرم على العامل التصرف بالمال من دون القيام بالشرط إذا تعلق الشرط بالمال ويحرم عليه عدم الوفاء بالشرط مادام مقيماً على العقد كما يحرم على المالك عدم الوفاء بالشرط مادام مقيماً على العقد لأن الظاهر من أدلة الشروط لزوم الوفاء بها مادام مقيماً المشروط عليه على عقدها إلا مجرد ثبوت الخيار للمشترط عند عدم وفاء المشروط عليه بها وفائدة الشرط في العقد الجائز هو أنه لو فسخ العقد بفواته لم يكن للعامل في المضاربة شيء من الربح ويكون للمالك وعليه أجرة المثل للعامل وأما الشروط الغير سابغة وشبهها فإذا وقعت في العقد كاشتراط لزوم الجائزة أو لزوم المضاربة إلى وقت خاص أو اشتراط أمر محرم أو غير مقدور أو لا يعمل أو اشتراط أن لا ربح له أو غير ذلك بطلت وأبطلت العقد لارتباط الأذن في العقد بها فمتى بطلت بطلت الأذن التي في ضمن العقد ويستحق العامل أجرة المثل لو عمل جاهلاً بالفساد ومع علمه بالفساد فوجهان أقربهما ثبوتها على المالك ولو كان عمل المضارب في غير ما عين له المالك مع فساد المضاربة فلا شيء له لأنه لو تعدى مع صحة المضاربة ولم يظهر ربح ففسخ المالك لم يكن له شيء فهنا بطريق أولى ولو شرط المضاربة في عقد لازم فأن شرط في عقدها لزم الوفاء به ولا يلزمه الاستمرار عليها ولو اشترط أثرها فلا يبعد صحته ولزوم الاستمرار عليها ولو شرط المالك على العامل شرطاً صحيحاً كان لا يشتري شيئاً معيناً أو لا يبيع كذلك أو لا يشتري من معين أو لا يبيع عليه أو لا يسافر إلى جهة معينة أو أن لا يبيع ويشتري فيها لزوم العامل القيام به ويأثم مع عدم اتباعه لحرمة التصرف بمال الغير من دون أذنه ويضمن المال لو تلف ولا يستحق أجرة لو فسخ المالك قبل ظهور الشيء من الربح وكان ينبغي على مقتضى القواعد أن يكون الربح كله للمالك إذا أجاز التصرف فضولياً فأن لم يجز كان البيع باطلاً إلا أنه قد وردت جملة من الأخبار تدل بظاهرها على خلاف ذلك كالصحيح فيمن يعطي المال مضاربة وينهي العامل عن الخروج قال يضمن المال والربح بينهما والأخر فيمن يعطي الرجل المال ويقول له أئت أرض كذا وكذا ولا تتجاوزها واشتر منها قال فأن جاوزها وهلك المال فهو ضامن وأن اشترى متاعاً فوضع فيه فهو عليه وأن ربح فهو بينهما وفي ثالث في مال المضاربة قال له الربح وليس عليه من الوضيعة إلا أن يخالف عن شيء مما أمره صاحب المال وفي رابع في المضاربة وينهاه أن يخرج إلى ارض أخرى فعصاه قال هو له ضامن والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه وفي خامس في المضاربة يخرج إلى الأرض وينهاه أن يخرج إلى غيرها فعصى فخرج إلى ارض غيرها فعطب المال قال هو ضامن فأن سلم فربح فهو بينهما وفي سادس فيمن ضاربه بمال يشتري به ضرباً من المتاع فاشترى غيره قال هو ضامن والربح بينهما على ما شرط إلى غير ذلك وهي أخبار معتبرة لابد من قبولها في الجملة إلا إنها قابلة للاقتصار فيها على مورد مخالفة الأمر والنهي الصادرين من المالك بعد حصول عقد المضاربة لا مخالفة الشرط الداخل في ضمن العقد وما يلوح من بعضها ذلك فهو منزل على مخالفة الأمر والنهي الخارجيين وهذا التنزيل أقل مخالفة للقواعد من مخالفة الشرط لإمكان كون الأمر والنهي من قبيل الإلزام الخارجي لا من قبيل تخصيص الأذن السابقة الحاصلة من عقد المضاربة وقابلة للاقتصار فيها على خصوص التعدي من ارض إلى ارض ومن شراء عين إلى غيرها ويحمل مادام على العموم على خصوص تلك جمعاً بينها لمخالفة القواعد وقابلة للأقتصار على الأمرين معاً تقليلاً للمخالفة للضوابط وقابلة لتسريتها لجميع الشروط تنقيحاً للمناط ولأنا نفهم أن الغرض الذاتي في هذه المعاملة إنما هو الربح وباقي التخصيصات عرضية لا تؤثر فساداً وقابلة للاقتصار فيها على الشروط المصرح بها كما هو مورد الروايات فلا يتعدى إلى ما يقتضيه الإطلاق من نقد أو نسيئة أو نقد بلد أو ثمن مثل أو نحو ذلك وقابلة للتعدي بطريق المولى لأن الحكم الثابت للشرط المصرح به ثابت لما يقتضيه ولما يقتضيه الشرط الضمني بطريق أولى وقابلة للاقتصار فيها على نفس الشرط وقابلة للتعدي عنه إلى العقود والصفات لتنقيح المناط أو الأولوية وحيث كانت تلك الأخبار قابلة للتعدي وقابلة للاقتصار كان الاقتصار فيها أولي وعدم التعدي أجمل لعدم القطع بتنقيح المناط أو الأولوية أو إجماع قطعي يقضي به فلا بد أن بقتصر فيها على مخالفة الشرط الصادر بلفظ الأمر والنهي كما يشعر به التعبير بالعصيان الواقع في الأخبار وأن يكون بعد العقد وفي خصوص ذينك الأمرين ولو أردنا التسرية فلا تتعدى إلا إلى نظائرهما من ذلك القبيل وكأنه لكون الأمر والنهي غير مخصصين للأذن الحاصلة من المضاربة لأن القصد فيها إصالة هو الربح وأمر المالك ونهيه كان لأجله فإذا ظهر ربح في غير ما أمر أو فيما نهي صحّ فعله تبعاً للقصد الأول وهذا تعليل للنص لا علة مستقلة وإلا لاقتضت العموم ونحن لا نقول به ولو خالف العامل ما اشترطه عليه المالك وقد نص المالك وظهر الربح فيه كان للمالك فسخ العقد وأخذ الربح ودفع أجرة المثل للعامل على ما تقضي له القواعد.
ثالثهــا المشاركة في الربح:
مبنى عقد المضاربة على المشاركة في الربح الحاصل من التجارة بزيادة القيمة في ثمن أو مثمن ولا يجوز أن يبنى عقد المضاربة على المشاركة في النماء الحاصل من الأعيان فلا يجوز أن يقول له ضاربتك على أن تتجر بأعيان بيني وبينك نماؤها نصفان على أن يكون ليس له إلا المشاركة في النما للشك في شمول اسم المضاربة لذلك وشمول دليلها له ولا يتفاوت الحال بين أن يطلق له الاتجار وبين أن يقصره على مرة واحدة كما يقول له ضاربتك على أن تشتري أصلا نشتري في نمائه نصفين نعم يجوز أن يدخل النماء بالعارض بل لو أطلق المالك المناصفة في الربح دخل فيه النماء الحاصل لأنه من أقسام الربح تبعاً بل لو لم يحصل في مال المضاربة سواه للزم لزم اقتسامه نصفين واحتمال أن النماء زيادة حصلت بسعي العامل فهي من جملة الاسترباح فيصح جعله عوضاً في المضاربة مردود بأن الحاصل في التجارة هو زيادة القيمة لإنماء العين مع بقاء الأصل وبان المضاربة أقل ما يقتضي عقدها معاوضتين أحدهما البيع والأخر الشراء وأقل ما يتحققان بالمرة فيملك العامل ذلك من اطلاق فمنعه من أحدهما مخالف لمقتضاه فيفسد العقد ولو فسد كان للعامل أجرة المثل وفي صحة عقد المعاملة وعدمها وجهان من حصول الأذن المطلقة فيبقى أثرها ومن انتفا المطلق بانتفاء المقيد فتكون العقود فضولية وعلى ما ذكرنا فلو شرط المالك على العامل الشراء بالمال فقط وأن لا يبيع فسد شرطه وعقده وكان كاشتراط عدم التصرف على الأظهر وليس هذا كالتحديد بزمن معين أو اشتراط شيء معين أو اشتراء شيء معين أو الشراء من معين أو البيع على معين أو السفر على جهة خاصة لأن هذه كلها لم تناف مقتضاه نفسه وإنما نافت مقتضى إطلاقه فالشرط مخرج لها عن الإطلاق لا عن نفس المصداق.
رابعهــا المضاربة وكالة في المعنى: