پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج21-ص11

إذا شرط المالك الخراج على العامل جاز مع العلم بقدرة عادة لعموم أدلة الشروط والعقود ولخصوص الأخبار الخاصة كخبر داوود بن سرحان في الرجل يكون له الأرض عليها الخراج وربما زاد وربما نقص فدفعها إلى الرجل أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة قال لا بأس وفي أخر مثله وفي ثالث في أرض الخراج يدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما قال لا بأس وظاهر هذه الأخبار جواز اشتراط الخراج على العامل سواء كان معلوم القدر أم لا وسواء كان مما يزيد وينقص أم لا حتى أنه لو شرط الخراج عليه فزاد السلطان فيه زيادة كانت الزيادة على المشروط عليه وهو مشكل من حيثية الغرر والجهالة المؤديان إلى بطلان الشرط فينبغي أن يكون زيادة السلطان على المالك وأنه لو اشترطها بطل العقد لجهالته كما صرح به جملة من المحققين إلا أن التخطي عن هذه الأخبار المعتبرة من دون معارض قطعي أو شهرة محصلة منضمة إلى دليل ظني أشكل والمناقشة فيها بدلالتها على نفي البأس الدال على الجواز مع حصول التراضي دون اللزوم مردودة بأن الشرط ههنا متى جاز وارتفعت عنه شبهة الفساد والنهي من حيثية الجهالة لزم لأنه في عقد لازم وشأن المشروط فيها ذلك ولا شك أن ظاهر هذه الأخبار ورودها في المزارعة التي هي من العقود اللازمة إلا أنها واردة في معاملة أخرى جائزة وفي بيان أن مجرد التراضي بين الشخصين على ذلك النحو جائز كما هو الظاهر من مساقها نعم ورد في بعض الأخبار نظير ذلك إلا أنه غير ظاهر في المزارعة ولا يمكن حمله على الإجارة للزوم المعلومية فيها إجماعاً فلا بد من حملها على مجرد بيان جواز التراضي على دفع الخراج مطلقاً وأخذ الحاصل كخبر إبراهيم بن ميمون في قرية أناس بأيديهم وعليها خراج فاعتدى عليهم السلطان فطلبوني فأعطوني أرضهم على أن أكفيهم السلطان ما قبض قال فلا بأس بذلك ما كان من فضل وخبر داوود بن سرحان عن قوم يدفعون أرضهم إلى رجل فيقولون كلها وأدِ خراجها قال لا بأس به إذا شاؤا أن يأخذوها وفي ثالث في رجل يأتي أهل قرية قد اعتدى عليهم السلطان وضعفوا عن القيام بخراجها فيدفعونها إليه على أن يؤدي خراجها فيأخذها منهم ويؤدي خراجها ويفضل بعد ذلك شيء كثير قال لا بأس بذلك إذا كان الشرط عليهم ذلك وحملها على ما ذكرنا خير من حملها على المعاملة الجديدة أو جواز الإجارة المجهولة وقد ورد في الأخبار في باب المزارعة ما يخالف ظاهره القواعد الشرعية فمنها ما تقدم من هذه الأخبار الدالة على جواز أخذ الأرض من مالكها على أن يؤدي خراجها ويأكل حاصلها فأنها لو جعلناها عقداً جديداً جائزاً كما يظهر من بعضهم لأصالة اللزوم أو إجارة جائزة أو لازمة أو جعالة لمن أدى الخراج أو صلحاً كان كله مخالفاً للقواعد لأن العقود محصورة وليس منها ولاشتراط المعلومية في الإجارة وليس كذلك ولأن الجعالة في مقابلة عمل لا في مقابلة دفع مال ولأن الصلح لا يحتمل من الغرر ما لا طريق إلى معرفته بمشاهدة ونحوها ولأنه من العقود اللازمة والأظهر ههنا الجواز فلا بد حينئذٍ من تأويلها والاقتصار فيها على مورد النص في باب المزارعة دون غيرها لمخالفتها القواعد على كل حال ومنها ما ورد في الأخبار المتكثرة أن للرجل أن يتقبل الأرض من الأخر على أن يعمرها وله حاصلها إلى وقت معلوم كالصحيح في الرجل يعطي الأرض ويقول أعمرها وهي لك ثلاث سنين أو خمس سنين أو ما شاء الله قال لا بأس وفي أخر في قبالة الأرض من أهلها عشرين سنة أو أقل أو أكثر فيعمرها ويؤدي ما خرج عليها ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة فأنه لا يحل وفي ثالث في القبالة أن يأتي الأرض الخربة فيقبلها من أهلها عشرين سنة أو أقل أو أكثر ويؤدي ما خرج عليها فلا بأس به وفي رابع في القبالة أن يأتي الأرض الخربة عشرين سنة كانت عامرة فيها علوج فلا يحل قبالتها إلا أن يتقبل أرضها فيستأجرها من أهلها ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة فأن ذلك لا يحل وفي خامس في حل القبالة قال يتقبل من أربابها بشيء معلوم إلى سنين مسماة فيعمر ويؤدي الخراج فأن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالة الأرض فأن ذلك لا يحل وهذه الأخبار أيضاً خارجة عن مقتضى القواعد سواء قلنا أنها عقد مستقل بصيغة قبلتك وشبهه أو إجارة يغتفر فيها الجهالة أو جعالة على تعمير الأرض لأن الأول للصيغ المعهودة في العقود والثاني مخالف للإجارة صيغة ومعلومية والثالث مخالف لقواعد الجعالة من حيثية اشتراط تأديته الخراج ولو حملناها على الصلح لكان أقرب إلا أنها تخالفه في الصيغة وفي زيادة الجهالة وكذا لو حملناها على الإجارة المطوي ذكر الأجرة فيها والمشروط في عقدها الخراج على المستأجر فأنه وأن قرب بوجه يبعد من وجه آخر ومنها ما ورد في جملة من الأخبار من جواز خرص المالك على الزارع بعد انعقاد الحب وظهور الثمرة في النخلة مقدار حصته تخميناً ويقبله إياه أو من يجب منه غيره فإذا قبله لزم عليه زاد خرصه أو نقص فأن زاد خرصه غرمه الزارع وإن نقص كان عليه ومن الأخبار الصحيح وفيه فلما بلغت الثمرة أمر عبد الله بن رواحه فخرص عليهم النخل فلما فرغ منه خيرهم فقال قد خرصنا هذا النخل بكذا وكذا صاعاً فأن شئتم فخذوه وردوا علينا نصف ذلك وأن شئتم أخذناه وأعطيناكم نصف ذلك فقالت اليهود قامت السماوات والأرض وفي أخر مثله وفي ثالث أن لنا اكرة فنزارعهم فيقولون قد حرزنا هذا الزرع بكذا وكذا فأعطونا ونحن نضمن لكم أن نعطيكم حصة على هذا الخرص قال وقد بلغ قلت نعم قال لا بأس بهذا قلت فأنه يجيئني بعد ذلك يقول أن الحرز لم يجيء كما حرزت قد نقص قال فإذا زاد يرده عليكم قلت لا قال فلم تأخذوه بتمام الحرز كما أنه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص وفي رابع عن الرجل يمضي ما خرص عليه في النخل قال نعم قلت أرأيت أن كان افضل مما خرص عليه الخارص أيجزيه ذلك قال نعم وهذه الأخبار مخالفة للقواعد لأنها إن كانت عقداً مستقلاً خرجت عن العقود المحصورة وأن كانت بيعاً بطلت لدخولها في المحاقلة والمزابنة وأن كانت صلحاً فأن كانت بحب خارج عن نفس الزرع لزم امضاءه من اشتراط السلامة على ما شرطوا باشتراطها وأن كان بحب منه كان ضرراً وعزر أن لا يحتمله عقد الصلح ولكن لما كانت الأخبار في هذا المضمار معتبرة وانعقد على مضمونها الإجماع لزم القول بها وأن خرجت عن تلك الضوابط فلنا الالتزام بأنه عقد مستقل جاء به الدليل ينعقد بلفظ قبلتك وشبهه ويفتقر إلى القبول بما دل عليه قول أو فعل ولا يكفي مجرد الإيجاب لأصالة عدم الانتقال في غير المتيقن وهذا هو الأقرب إلى الأخبار ولنا الالتزام بأنه بيع أو صلح قد دل الدليل على جوازهما على هذا النحو بل ولا يبعد وقوعهما بصيغة قبلتك ونحوها ثم أن الأصحاب قالوا أن شرط اسقرار هذه المعاوضة سلامة الزرع أو الثمرة من الآفة الإلهية فلو تلف أجمع فلا شيء على الزارع ولو تلف البعض سقط منه بالنسبة ولو أتلفه متلف ضمن لم يغتفر المعاملة ولو صدر العقد قبل بلوغ الثمرة أو انعقاد الحب بطل والأخير مسلم وتدل عليه الأخبار والوسط على وفق ضوابط المعاملة والأول مخالف لضوابط العقود فأن انعقد عليها إجماع قلنا به وإلا فمحل مناقشة وتطبيق ذلك على القواعد أن العوض فيها بمنزلة معاوضة مشروطة بقبض العوض ووصوله إلى يد صاحبه ولو لم يسلم لم يحصل ذلك كالمبيع إذا تلف قبل القبض منظور فيه لمنع عموم تلك القاعدة أولاً ومنع كونه غير مقبوض بعد التخلية ثانياً ولكن الحكم بعد كونه مشهوراً بل متفقاً عليه لا يمكن التعدي عنه.

ثاني عشرهــا استئجار شخص الزرع: