انوار الفقاهة-ج21-ص1
المزارعة من العقود اللازمة للأصل والإجماع منقولاً بل محصلاً ولعموم الأدلة الدالة على لزوم الوفاء بالعقود والشروط وللاستصحاب ولظاهر مشروعية العقود ولا يبطلها ما يبطل الجائز من جنون وموت وفسخ من أحدهما ويبطلها التقابل من الطرفين أو تلف أحد العوضين من منفعة الأرض أو عدم إمكان عمل العامل بنفسه وبغيره إن كانت المزارعة مطلقة وأن اشترطت فيها المباشرة أبطلها عدم إمكان عمل العامل بنفسه وأن ظهر نماء كان العامل شريكاً فيجري عليه بعد موته ما يجري على الشركاء ويشترط فيها الإيجاب والقبول اللفظين والفعلين إذا كان معاطاة ولا يجزي غير المعاطاة من الأفعال للأصل بل للإجماع ويجزي فيها الفضولي ويشترط البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد ويصح وقوع الإيجاب اللفظي من كل من المالك والعامل وأن كان الأولى قول المالك للإيجاب والعامل للقبول بل قد يظهر من بعض العبارات لزوم ذلك وهل يكفي تركب العقد من إيجاب لفظي وقبول فعلي الأظهر العدم للأصل في محل الشك سواء كان الفعل معاطاة أو غيرها ويظهر من بعض الفقهاء جواز القبول الفعلي وهو بعيد عن ضوابط العقود اللازمة ويشترط في لفظ الإيجاب قصد الإنشاء وكونه صريحاً في الدلالة أما بوضعه المطابقي كزارعتك أو بوضعه للأعم مع القرينة المعينة كعاملتك أو قبلتك هذه الأرض أو سلمتها أليك أو بوضعه للأخص مع القرينة أيضاً أو بوضعه مشتركاً لفظياً مع قرينة التعيين أو مجازاً قريباً مأنوساً ولا يكفي المجاز من دون قرينة ولا المجاز البعيد اقتصاراً على المورد الخاص ويشترط متابعة القبول للإيجاب وعدم الفصل الطويل بينهما وفي اشتراط تقديم الإيجاب وجه ويشترط كونهما بصيغة الفعل فلا تكفي الجملة الاسمية وأن جاز ذلك في الرهن لقربه للعقد الجائز كما هو ظاهر الفتاوى وفي اشتراط العربية وجه والأولى كونها بصيغة العربية للعربي والعجمي إذا تمكنا من العربية ولو لم يتمكن منها فلا بأس وإن كان الأولى التوكيل مع عدم الإمكان وهل يشترط الصيغة الماضوية اقتصار على مورد اليقين أو لا يشترط فيكفي الأمر والمستقبل وجهان ويدل على الثاني الأخبار فمنها الصحيح في المساقاة يقول استق هذا الماء أو غيره ولك نصف ما خرج قال لا بأس ومنها رواية نضر بن سويد يقول ازرع فيها كذا وكذا إن شئت نصفاً وأن شئت ثلثاً ومنها رواية أبي الربيع ولكن يقول لصاحب الأرض ازرع أرضك ولك منها كذا وكذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط وقد تضعف دلالة الأخبار بأنها غير مسوقة لبيان حكم الصيغة أو لا وبالذات فلعل بيانها موكول لمحل أخر والعرف والعادة كما يشعر به عدم ذكر القبول وغيره من شرائطها على أن الأخيرين ضعيفاً السند والأخير منها محتمل للأمر والمستقبل وما يظهر من تجويز جمع من الأصحاب وقوع المزارعة بلفظ الأمر ضعيف ومع عدم إمكان اللفظ تكفي الإشارة كالأخرس ويجزي لفظ الأرتل والألتغ والأحوط المحافظة على عدم اللحن في الأعراب والأظهر لزوم المحافظة مع عدم اللحن في البنية ويكفي في القبول كل لفظ يدل على الرضا عاماً أو خاصاً لقرينة أو حقيقة متحدة أو متعددة مع قرينة التعيين ولا يبعد الاكتفاء فيه بالجملة الاسمية كما يقول أنا قابل لذلك وفي انعقاد المزارعة بلفظ الإجارة مع نصب قرينة على إرادة المزارعة وجه لأنه من المجازات القريبة الجائزة في العقود اللازمة مع احتمال عدمه ولو قصد الإجارة نفسها بطل لجهالة العوض.
ثانيهــا العقد يقع من مالك الأرض :