انوار الفقاهة-ج19-ص79
ثانيها : إذا تداعى اثنان في عين بيد ثالث فادعى كل منهما انه اشتراها منه وأقبضه ثمنها ولا بينة فإن كذبهما حلف ولا حق لهما بعد ذلك وان صدق أحدهما حلف للآخر وقضي بها لمن صدقه وكان للآخر ان يحلفه لصيرورته برجوعها إليه مدعٍ عليه وان صدقهما كانت لهما وحلف لكل منهما على ذلك ولكل منهما على الآخر اليمين أيضاً واليمين في الجميع على البت ولو صدق واحد منهما لا بعينه ارتفعت عنه الخصومة مع احتمال جواز تحليفه على عدم العلم ويقترعان فيما بينهما فيقضى لمن أخرجته القرعة بعد ان يحلف لصاحبه فإن نكل حلف الآخر فإن نكلا قسمت بينهما لمن يحلف اليمين على ذي اليد في دفع الثمن لأنه يقر بثمن واحد وهما يدعيانه بثمنين وكذا لو اقتسماها نصفين لأن كل واحد يدعيه بنصف ثمن ولو أقام كل منهما بينة فإن سبقت إحداهما كان الحكم للسابقة وبطلت اللاحقة لورودها عليها فهو كبيع ما لا يملك وفي حكمه معلوم تاريخ أحدهما دون الأخرى في وجه وان اطلقتا أو أطلقت أحدهما دون الأخرى أو أرختا في زمن واحد فالترجيح بالعدالة والكثرة فإن تساويا فالقرعة واليمين فإن نكل من خرجت له القرعة حلف الآخر فإن نكلا قسمت العين بينهما ورجع كل منهما بنصف الثمن لقيام البينتين على قبض الثمن إلا ان يثبت القبض للعين المتنازع عليها بالبينة أو الاعتراف من أحدهما على أحدهما فلا يكون للقابض رجوع عليه بشيء لصيرورة الضمان عليه بالقبض غايته انه اخذ منه النصف بعد ذلك وكذلك إذا أحلف الآخر واخذ العين بتمامها كما إذا أخذها غصباً ولو قدمت إحدى البينتين كانت العين لذي البينة الراجحة ولزم البائع دفع الثمن للآخر لثبوت دفعه بالبينة من غير معارض إلا ان يثبت قبضه للعين بالاعتراف أو البينة فلا يرجع بشيء ولو اعترف المشتري لأحدهما فهل يكون من اعترف له بالشراء صاحب يد فتقدم بينة على القول بتقديم بينة ذي اليد أو بينة صاحبه لأنه الخارج أو لا يكون ؟ وجهان من انه صاحب يد كما هو المفروض فاعترافه يقضي بكون المعترف له صاحب يد ومن اتفاق البينتين على انه عين مالك وان يده زالت فلا يجدي اعترافه والأوجه الأول لأن المفروض سبق الاعتراف على قيام البينتين فالبينة واردة على ذي يد أو من هو بحكمه نعم لو اعترف بعد الإنكار وقيام البينة كان اعترافه على ما ثبت خروجه من ملكه كما إذا اعترف لأحدهما بعد ان اعترف لآخر وقد يحتمل ان اعترافه لأحدهما يكون بمنزلة الشهادة فيكثر بها عدد الشهود لا وجه له لأنه مدعى عليه فلا تقبل شهادته باعترافه ولو لم يقبض أحد البالغين جاز له الفسخ لأنه بمنزلة مبيع غصب قبل قبضه وكذا لو اقتسماها نصفين بحكم النكول لتبعض الصفقة وتحقق عين الشركة على من أخرجته القرعة ويحتمل العدم لإقدامه بالنكول على التبعيض فكان من قبله ودعوى ان اليمين عذر لأن التنزه عنه أمر مطلوب لا وجه له لأن الخيار خلاف الأصل والمتيقن هو ما لم يكن لصاحبه فيه تأثير والبينة ههنا جعلته له بنكوله وحلف الآخر تبعضت عليه الصفقة فكأنه دفعه إليه وسبب فواته منه وهذا الاحتمال قريب جداً وعليه فلو فسخ أحدهما فهل للآخر اخذ الجميع لعدم المزاحم أمّا المدعي فلفسخه وأما ذي اليد فلزوال ملكه بالبينة أو اعترافه بل استقرب الفاضلان نقلاً انه يلزمه أخذه وليس له الفسخ لانتفاء المقتضى وهو التبعيض أو ليس له كما نقل عن الشيخ ( لأن الحاكم إنما حكم له بالنصف فليس له إلا النصف وفيه ان بينة شهدت الجميع وهو يدعي الجميع غايته انه بمزاحة بينة الثاني له صار له النصف فإذا لم تعمل البينة عملها بقى على دعواه وبينته ورد بأن ما بعد حكم الحاكم دعوى ولا بينة لزوال مقتضاها فلا يلزم بالجميع ولو كانت العين في يد أحدهما ولا بينة قضى لمن هي في يده وحلف للآخر ولو أقام الخارج بينة أخذها ولو أقام الداخل بينة أو أقاماها بني على سماع بينة الداخل وعدمه .
ثالثها : إذا تداعيا على عين بيد ثالث فادعى كل منهما ان الثالث قد اشتراها منه ولم يدفع إليه ثمنها فإن لم تكن بينة حلف لكل منهما ان الثالث قد اشتراها منه ولم يدفع إليه ثمنها فإن لم تكن بينة حلف لكل منهما واندفعا عنه وان أقام أحدهما بينة قضى بالثمن للمقيم وان أقام كل منهما بينة على ما ادعاه فإن اعترف لأحدهما قضى له عليه بالثمن وان اعترف لهما قضى عليه بالثمنين لإمكان ان يكون اشتراها من أحدهما ثم باعها على الآخر ثم اشتراها منه وكذا لو أنكر ولم يتحد التاريخ لإمكان شرائها أطلقا أو أطلقت أحدهما أو كانت أحدهما سابقة لإمكان شرائها منهما كما ذكرنا وان اتحد التاريخ بأن وقع التاريخ في وقت واحد تعارضا إذ لا يمكن الجمع فالترجيح بالعدالة والكثيرة فإن تساويا فالقرعة واليمين فإن نكل حلف الآخر فإن نكلا قسم الثمن بينهما ان الحد جنساً ووصفاً وان اختلف فلكل واحد نصف ما ادعاه من الثمن وانما قسم بينهما في الثمن الواحد مع ان كلاً منهما يدعي تمام الثمن ويقيم على ذلك بينة القطع ببطلان أحدها مع الاتحاد فلم يثبت بينتهما إلا ثمن واحد لأحدهما وحيث انتفى الترجيح قسم بينهما أيضاً للمستحق بقدر الإمكان وقيل يقسم بينهما من دون قرعة وهو بعيد .
رابعها : إذا تداعى اثنان في عين فادعى كل منهما انه اشتراها من واحد كان يملكها ودفع له الثمن وذكر كل واحد منهما ان البائع له غير من باعه للآخر فإن أقام كل منهما البينة على ما ادعاه واتحد التاريخ لزم الترجيح فإن تساويا فالقرعة ويقضى له إذا حلف ويرجع صاحبه بالثمن على من اشترى منه إلا ان يكون قد قبضها منه لاستقرار الضمان عليه حينئذ فإن نكل وحلف الآخر فكذلك ولو نكلا قسمت بينهما ورجع كل منهما على من اشتراى منه بنصف الثمن حيث لا قبض من أحدهما غير ان أحدهما إذا فسخ لمكان تبعيض الصفقة لو قلنا به لم يكن للآخر هنا اخذ الجميع لعدم رجوع النصف المفسوخ فيه إلى بائعه بل إلى البائع الفاسخ .