انوار الفقاهة-ج19-ص72
ثامنها : المعروف بين الأصحاب الترجيح للبينة المشتملة على قدم الملك على البينة المشتملة على قدم الملك مطلقاً أو الملك المتأخر سواء ذكرنا العدد فقالت الأولى سنتين وقالت الأخرى سنه أو لم يذكراه فقالت الأولى من قديم الزمان وقالت الأخرى من حادثه بل ربما الحق بالأولى معلمة التاريخ وبالأخرى مجهولة التاريخ لأصالة تأخير المجهول عن المعلوم أو نسب الترجيح به للمشهور ابن فهد بل قال لا اعلم فيه خلافاً ورد على ابن إدريس حيث منع من الترجيح به وجعله من مفردات الشيخ وان الترجيح به للعامة وانه قياس وليس من مذهبنا بأن قوله مخالف للمعروف بين الأصحاب ومشهورهم والحق مع المشهور وذلك لقوة الشهادة بالقديم على الحادث عرفاً في مقام الشهادة ولتعارض البينتين في الوقت المشترك فيبقى القديم لا يعارضه شيء فيستصحب أثره وقد يقال ان الاستصحاب قطعه بينة الحادث فهي غير حجة في الوقت المشترك لمكان التعارض ولكنها حجة في دفع الاستصحاب وفيه انه في الوقت المشترك يبطل تأثيرها في قطع الاستصحاب وقد ان بينة الملك الحالي بمنزلة المقيد كما لو شهدت انه اشتراه من الأول أو اتهبه فإنها يحكم بها فيمكن ان تكون الشهادة بالملك الحالي لذلك وشبهه فتقوى ولا اقل من التساوي وفيه ان ذلك الشهادة مسلم لو شهدت الأولى بالملك المطلق أمّا لو شهدت به إلى الحال فانه يرتفع ذلك الاحتمال وفرق بين الشهادة بالملك الحالي وبين الشهادة بالشراء صريحاً لأن الشهادة بالشراء لا تعارض الشهادة بالقدم إلا بما تضمنته من نفي الانتقال والنفي في الشهادة لا يعارض الإثبات كما ان الشهادة في الحال تنفي الأقدم فلا تعارضه فيثبت القدم ويتساقطان في المشترك فيبقى الأقدم من غير معارض لاستصحابه وبقائه وسليماً في الوقت المختص فيستصحب أثره هذا كله فيما إذا شهدت البينة بالملك القديم مصرحة ببقائه إلى حين الشهادة سواء كان ذلك التصريح من جهة العلم بالبقاء أو من جهة الاستصحاب بناء على جواز الشهادة بالاستصحاب وإلا لم تبق للشهادة سوق بل لو صرحت بالاستصحاب فقالت وذلك ثابت بالاستصحاب أو قالت ولا نعلم له مز يلا سواء دلت هذه اللفظة على العلم كما تقول ولا نعلم في ذلك خلافاً أو دلت على بل لو قالت ولا ندري زال أم لا فكذلك للاستصحاب ومنع بعضهم سماعها بهذه الصورة لدلالتها على التردد بخلاف الأولى فإنها تدل إمّا على الظن أو الجزم وفيه نظر لعدم مدخلية الصورة ههنا بعد العلم بالمراد أمّا لو شهدت بالملك مطلقاً أو بكونه قديماً مطلقاً فلا شك في معارضتها للشهادة بالحادث لمكان التصريح والإطلاق وإمكان الجمع وبالأولى لو قالت هي ملكه أمس أو السنة الماضية فانه يزداد باحتمال صدقهم في ذلك مع علمهم بطرو الملك الحادث ولم يبينوه إذ لا منافاة بين كونه ملكاً لزيد أمس وملك عمر اليوم .
تاسعها : مورد هذا المرجح في الخارجين قطعاً وفي غيره على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ومحله في الخارجين بعد الترجيح بالعدالة والعدد قبل القرعة كما يظهر من بعض الأصحاب وهو الأقرب لأن تقديم الأعدل والاكثر مقتضي لعدم سماع غيره فلو فرض ان الحادث شهد به الأعدل فقد قطع شهادة غيره وما يتبعها من القدم والقطع الاستصحاب الحاصل من الأقدمية ضرورة ان الاستصحاب لا يعارض الحجة نعم عند التساوي يتساقطان فيبقى استصحاب القدم لا معارض له مع احتمال تقديمه على العدالة والعدد لتعلقه بالمتن والدلالة كتعلق المطلق والمقيد وهو مقدم على الترجيح بالسند للزوم الجمع قبل الترجيح ومثله القول في الترجيح بالسبب كما إذا شهدت إحدى البينتين بسبب الملك للخارج دون الخارج الآخر فقالت اشتراه منه أو ورثه من أبيه ونتج في ملكه أو شجه أو بناه كذلك وأما في غير الخارجين فالظاهر ان قدم الملك لا يقدم على بينة الخارج كما قلنا في السبب لأنا إذا جعلنا اليد مانعة من سماع البنية في مقابلة الخارج المدعي فقد صارت بحكم الساقط فلا يجدي فيها الترجيح حينئذ ومن السبب ومن قوته ومن قدم الملك ومن الأعدلية ومن الأكثرية ومن غير ذلك نعم لو قلنا بسماع بينة الداخل كان لترجيحها بقوة السبب وقدم الملك وجه بل تكون اليد بنفسها من أقوى التراجيح حينئذ ولو كانت العين في أيديهما أمكن الترجيح بقوة السبب وقدم اليد لأن الدعوى على الكل من الكل فكل منهما يريد إزالة يد صاحبه الداخلة بينته فالترجيح في محله حتى في الأعدلية والأكثرية إلا ان ظاهر الأصحاب ترك العمل بالترجيح بالأعدلية والأكثرية والحكم بالتنصيف عند تعارض البينتين ولعلنا لو اتبعناهم في عدم الترجيح بالأعدلية والأكثرية لا نتبعهم في عدم الترجيح بالسبب وقوته وقدم الملك وأقدميته .