پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص71

سادسها : ولو كانت العين في يد ثالث ولم يقر بها لأحدهما فالمشهور إنها يقضي بها لأعدل البينتين فإن تساويا عدالة فلاكثرهما فإن تساويا كثرة أقرع بينهما فمن خرج اسمه أحلف وقضى له بها فإن أحلف الآخر وكانت له فإن نكلا قسمت بينهما نصفين كل ذلك للإجماع المنقول وفتوى المشهور ولأنه الجامع بين الأخبار المختلفة الدال بعضها على اعتبار الأكثرية كرواية القوم الذين اختصموا في بغلة حيث حكم لأكثرهم شهوداً وموردها هو الخارج عن الاثنين إطلاقاً أو خصوصاً كما فهم الأصحاب وبعضها على اعتبار القرعة وهي كثيرة شاملة بإطلاقها محل المسألة أو وارده فيها كما فهم الأصحاب فقيدنا أخبار القرعة بالرواية الدالة على الأكثرية ويستفاد تقديم الأعدلية على القرعة من رواية علي ( إذا أتاه رجلان شهود عدلهم سواء وعددهم أقرع بينهم فيجعل الحق للذي يصير عليه اليمين إذا حلف فيفهم منه ان العدالة مقدمة على القرعة ولكن ليس في الأخبار ما يدل على تقديم العدالة على الأكثرية ولا على ما إذا كانت الأعدلية في جانب والاكثرية في جانب آخر ولا يبعد ان القرعة ههنا هو الأصل في محل الشك للأخبار الدالة على ذلك لأن هذا من الأمر المشتبه واقعاً ففي الخبر كل مجهول ففيه القرعة وفي آخر ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله إلا خرج سهم المحق أي قضية أعدل من القرعة مضافاً إلى خصوص روايات القرعة الشاملة بإطلاقها لذلك وبها يخصص رواية إسحاق بن عمار وفيها فقيل له : لو أم تكن في يد واحد منهما وأقاما البينة قال أحلفهما فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف فإن حلفا جميعاً جعلتها بينهما نصفين بحملها على ان الحالف من أخرجته القرعة فيبتدء به وفائدة القرعة ذلك لاستخراج صاحب المال وذهب الشيخ في المبسوط هنا إلى القرعة ان شهدت البينتان في الملك المطلق والتنصيف ان شهدتا بالسبب معاً ولو انفردت أحدهما بالسبب قدمت على المطلق بحمل الأخبار الواردة في القرعة على الإطلاق وما دل على التنصيف على الشهادة بالسبب لرواية غياث في دابة تنازع فيها رجلان كل ادعى انه انتجها فقضى بها للذي في يده وقال: لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين ولا دلالة على هذا التفصيل من الأخبار لأن أخبار القرعة مقيدة بأخبار التراجيح والرواية الأخيرة ليست من تعارض البينتين ونقل عن ابن الجنيد هنا انه مع تساوي البينتين عدداً يعرض اليمين على المدعين فأيهما حلف فله وان حلفا جميعاً كان المال بينهما نصفين وكأنه استند إلى رواية إسحاق بن عمار ولكن ليس فيها اشتراط التساوي عدداً ونقل عن ابن عقيل إطلاق القول بالقرعة وهو جيد من جهة الأخبار إلا ان الأخذ بها بعد تقيدها بالمرجحات جمعاً بين الأخبار هو الأقوى لو اقر من في يده العين لأحدهما أو لهما كان المقر له داخلاً ومن لم يقر له خارجاً ولو قال : هي لأحد كما لا اعرفه فالظاهر انه يجري عليه حكم ما لم يقر لأحدهما بعينه وكذا لو قال لمن لا اعرفه ولو قال لغيري فسكت فهي بمنزلة ما لا يد لأحد عليها وحكمها بمنزلة ما لو كانت بيد ثالث ولم يجب بشيء ولو اعترف بها لمعين حاضر أو غائب غرم لمن اقر له ان اقر بها لأحدهما أو كليهما وإلا فلا يغرم لعدم تفويته شيئاً تسبيباً أو مباشرة لاستحقاقهما لها ببينتهما وفي جميع هذه الصور تسمع بينة أحدهما مع يمينه إلا إذا شهدت بأنها ملكه إلى الآن واعلم انه قد يحتمل ان القرعة لاستخراج صاحب اليد ولكن الشارع جعل عليه اليمين استظهاراً فإن لم يحلف فلا حق له ثم انه يظهر من الصحيح انه لو كانت أحد البينتين اكثر استحلف أهلها ومقتضاه انهم إذا لم يحلفوا فلا حق لهم وجملة من الأصحاب لم يعتبر الاستحلاف مع الأعدلية والأكثرية مطلقاً ومنهم كالصدوقين والشيخ والقاضي اعتبروه مع الترجيح بالكثرة كما في الرواية ومنهم من اعتبرها مع الترجيح بالأعدلية أيضاً كالشهيد ( في الروضة ونسب للشيخ في الخلاف نقل الإجماع عليه والقول باليمين مطلقاً مع الترجيح ومع القرعة مع قربه أحوط فعلى ذلك من لم يحلف رجع اليمين على صاحبه وكان الحق له ويشكل القول بتحتمه إذ لا دليل عليه سوى الرواية وهي ظاهرة في الندب استظهاراً لخلو الأخبار عن اعتبار اليمين فيما سوى أخبار القرعة والاصحاب في هذا المقام عباراتهم مختلفة فمنهم من اقتصر على اعتبار الأعدلية خاصة كالمفيد ومنهم من ذكر الأكثرية كالاسكافي والصدوقين وربما أشعرت بعض عباراتهم بتقديم الأعدلية ولكن لم نعثر لهم على تصريح بذلك ومنهم من ذكر الأعدلية والأكثرية ولم يذكر الترتيب بينهما ولا القرعة بعدهما كما نسب للشيخ في موضع من الخلاف ونسبه إلى الأصحاب ومنهم من ذكر المرجح من دون بيانه مفصلاً ولم يذكر القرعة ومنهم من ذكر القرعة بعد العجز عن المرجح مطلقاً كما نسب للشيخ في الخلاف مدعياً عليه الإجماع ومنهم من فصل كما ذكرنا إلا انه قدم الأكثرية على الأعدلية كابن إدريس مشعراً بدعوى الإجماع عليه ومنهم من اقتصر على القرعة كما ذكرنا كابن أبي عقيل وقد عرفت الأخبار أيضاً ليس فيها خصوصية الترتيب الذي اخترناه ولكن بضميمة فتوى المشهور والإجماع المنقول على الترتيب المتقدم يقوى القول بها وينبغي ان يعلم ان ظاهر الأصحاب ان ذي اليد لو صدق أحدهما أو كليهما لا تكون بينة المصدق كبينة صاحب وغيرها كبينة الخارج بل الحكم فيها هنا تقديم ذي البينة لو كانت واحدة مع يمينه مطلقاً وتعارض البينتين هنا مقتضي للترجيح بالأعدلية والأكثرية مع اليمين المصاحب للبينة الراجحة فإن لم يكن يمين من صاحبها أحلف الثاني فإن تساويا فالقرعة مع اليمين فإن نكل ردت على من لم تخرجه القرعة وظاهرهم ان اليمين لإثبات حقه من المدعي الآخر لإثبات حقه على من كانت العين في يده بل من كانت العين في يده بمنزلة الداخل بالنسبة إليهما إذا أنكرهما معاً وبمنزلة الداخل لمن يصدقه إذا صدق واحد منهما فتكفي يمينه عند عدم البينة وعند البينة من كل منهما أو من أحدهما تنتزع العين من يده وليس له يمين عليهما أو على أحدهما عند إنكاره لهما أو لأحدهما ويظهر من بعض المتأخرين القطع بأنه لو صدق أحدهما أو صدقهما حكم لمن صدقهم بأنه ذو يد ويجري عليه حكم ذي اليد فتقدم بينة من لم يصدقه على القول بتقديم بينة الخارج وهكذا فيكون محل المسألة فيما لو كذبهما أو يقول : لا اعلم ولا ادري أو لم يكن الشيء تحت يد واحد أصلاً أو يقول هو لغيري أو لفلان ولم يصدقه فلان لا صدقة ولم يصدق أحدهما أو يقول هو مجهول المالك أو يقول هو لغائب أو لغير ذلك ويمكن توجيه لزوم اليمين على الأعدل شهوداً أو الأكثر بأن الأعدل والاكثر تصير المشهود له صاحب يد بالنسبة إلى المدعي الآخر بموجب تقديمهما على الخالي منهما لأن البينة مع إنكار من هي بيده إنما تقوم عليه لا على المدعي الآخر فإذا قامت البينتان عليه وقدمنا الأعدل اندفعت العين من صاحب اليد إلى من بينته أعدل فصار كصاحب اليد وكان الذي بينته غير الأعدل خارج فأما ان تقدم هي لأنها بينة خارج أو تقدم بينة الأعدل مع اليمين لأن بينة الداخل لا تقبل إلا مع اليمين فإن قلت بينة الخارج مقدمة فلا حاجة إلى هذا التكلف قلنا نعم ذلك في الخارج الحقيقي لا المنزل منزلته بل هذا خارج يضعف في مقابلة الأعدل والاكثر واليمين ولو ان الخارج والداخل يتحقق حقيقة لكان تصديق ذي اليد لأحدهما يكون من أقسام الداخل وأكثر الأصحاب لم ينزلوه عند تعارض البينة بمنزلة ذلك تذنيب وتحقيق التعارض بين الشاهدين والشاهدين ذكور الجميع أو إناثاً أو ذكوراً في جانب وإناثاً في جانب آخر في مقام يصح فيه شهادة الإناث ولا يتحقق بين شاهدين وشاهد ويمين لضعف الشاهد واليمين عن معارضة الشاهدين لأن اليمين مؤكدة للشاهد الواحد في الحجية وليس بمنزلة الشاهد الآخر ولأن اليمين من المدعي بمنزلة تصديق المدعي نفسه والشاهد مصدق لغيره ولأن دليل الشاهد واليمين عمدته الإجماع وحكايات الأحوال والمتيقن منها في غير معارضة الشاهدين ولأن الترجيح في مقام تعارض الخارجين أمر مطلوب والشاهدان أرجح من الشاهد واليمين ولأنه المشهور بل كاد ان يكون إجماعاً وبه تنصرف إطلاقات حجية الشاهد واليمين إلى غير ما عارضهما الشاهدان ونسب للشيخ نادراً في المبسوط احتمال القول بالمعارضة وليس ظاهراً في ذلك فضلاً عن الصراحة وهذا كله في الخارجين وأما الخارج والداخل فشاهد الخارج مع يمينه مقدم على شاهدي الداخل لعدم اعتبار بينته إلا ان تشهد بينة الداخل بالسبب والخارج بالمطلق فهناك لا يسمع الشاهد واليمين من الخارج على وجه قوي وكذا لو تداعيا كل ما في يد الآخر فانه يقدم الشاهد واليمين على الشاهدين من الخارج بالنسبة إلى ما في يد الداخل .

سابعها : لو تداعيا ما لا يقبل القسمة كالزوجية وكانا خارجين فليس إلا الترجيح بالأعدلية والاكثريه مع الاستحلاف وبدونه على الوجهين ثم القرعة مع الاستحلاف وبدونه فإن حلف من خرجت له القرعة فله وإلا ردت اليمين على الآخر فإن حلف فله وان نكلا اخذ بموجب القرعة ولا يفتقر إلى قرعة أخرى ويظهر من الأصحاب سقوط اليمين مع القرعة فضلاً عن سقوطها مع المرجح لعدم الفائدة لعدم إمكان القسمة مع نكولهما وفيه ان فائدة اليمين لا تختص بالقسمة عند نكولهما بل قد تكون فائدتها حلف الآخر نعم قد يقال بسقوط اليمين لرواية داود بن يزيد العطار في امرأة تعارضت فيها البينتان كل قالت هي لمدعيها قال ( بعد ان اعتدل الشهود وعدلوا قال يقرع بين الشهود فمن خرج اسمه فهو المحق وهو أولى بها وهي مؤيدة بفتوى الأصحاب هذا كله ان لم تصدق إحداهما كما هو ظاهر الرواية لأن فيها إنها امرة غيرهما وان صدقت إحداهما كانت البينة لمن لم تصدقه على الأقوى من دون نظر للمرجحات أو لمن صدقته في وجه لتأيد بينة بتصديقها إياه ولو صدقتهما معاً امتنعت هنا القسمة فلا بد من المرجح مع اليمين أو بدونه وإلا فالقرعة مع اليمين وبدونه في المقامين هو الأقوى وقد يقال انه عند تعارض البينتين مطلقاً أيهما حلف مع بينته يقدم قوله لا نجبار بينة باليمين فإن حلفا أو نكلا فالمرجح أو القرعة كما تقدم وهو وجه وربما ظهر من بعض عباراتهم .