انوار الفقاهة-ج19-ص65
ثالثها : في بعض الأخبار النهي عن المقاصة من كل أمانة كقوله : أدِ الأمانات إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وكثير من الأخبار فيها لفظ الأمانة وظاهر الأصحاب اختصاص ذلك بالوديعة ولا يبعد استحباب التنزه عن كل أمانة والظاهر ان المقاصة بمنزلة المعاوضة اللازمة فلا يجوز الفسخ فيها بعد حصولها إلا بظهور عيب أو عين ويتولى هذه المعاوضة طرف واحد وهو المقاص بالدليل ويحتمل إنها من الأحكام فبأخذ المقاص يملك ويملك الدين الذي في ذمة الممتنع والكلمات المأمور بها في الأخبار لا يبعد حملها إلى الإرشاد إلى كيفية المعاوضة ويجوز في المقاصة اخذ الجنس وغير الجنس ويجوز في غير الجنس أخذه عوضاً حين الأخذ ويجوز بيعه اقتضاء ثمنه بل ويجوز بيع ثمن الثمن إلى ان ينتهي إلى موافق جنسه والى قدره ولا يجب الانتظار في البيع إلى وقت الغلو كما لا يجوز البدار مع تفويت المصلحة في مال الغير ولو توقف قبض حقه على قبض زائد جاز وكان أمانة عنده يجب ارجاعها إلى صاحبها فإن لم يمكن إيصالها لخوف وشبهة أرجع أمرها إلى الحاكم ولا يبعد جواز التصدق بها ولو تلفت الزيادة ففي ضمانها وجهان والأوجه ان الزيادة ان كانت مشاعة فهي مضمونة كالأصل لأصالة ضمان اليد ما أخذته إلا ما خرج بالدليل وان كانت معينة قبضها لمكان الضرورة فلا ضمان واحتمال عدم الضمان مطلق لكونها أمانة والأمانة غير مضمونة ولإذن الشرع بالأخذ واذن الشرع لا تستعقب ضماناً ضعيفان لمنع الحكم بعدم استعقاب الضمان للأذن الشرعية وعدم التلازم عرفاً وشرعاً لذلك ولأن سلم فالأذن لمصلحة المالك كقبض المأخوذ بالسوم وقبض الرهن بدون إذن الراهن ومنع كون كل مقبوض بالإذن الشرعية أمانة اسما بل ولا حكماً ومنع ان الأمانة الشرعية غير مضمونة مطلقاً بل هي ما إذن به الشرع للحفظ أو للتعريف كاللقطة وشبهها من المقبوض لمصلحة المالك دون ما قبض لمصلحة القابض والأقوى ان الإعراض مخرج عن الملك لا دليل على الأذن لجريان السيرة على تملكه وان كان من أطفال أو مجانين أو أموات أو إحياء ولتملكه بمجرد القبض من دون توسط انساب للملك فلا يقال ان الأذن في الشيء إذن في لوازمه فالإذن في التمليك ولا يبعد انه يجوز للمقاص ان يأخذ المال رهنا فلا يبيعه ولا يملكه فيبقى عنده أمانة ولكنه مضمون عليه في وجه قوي لكونه من غير إذن المالك وفائدته جواز الرجوع إلى دينه عند تمكنه ويجوز التوكيل في المقاصة ويجوز ان يقاص الوديعة عند غيره وهل للودعي منعه مع علمه بثبوت حقه وجهان ولا يبعد جواز المنع لا وجوبه ولو توقفا الاقتصاص على ضرر من عنده المال بماله لم يجز على ظاهر كلام الفقهاء وان ضمن النقص وفي جوازه أوجه ولو توقفت المقاصة على مجرد الدخول والخروج في دار الغير من دون اذنه فلا يبعد الجواز مع ضمان أجرة المثل لدخوله وخروجه ولكن بشرط خوف إعلامه ولو أمكن إعلام صاحب الدار والاسئذان منه من غير ان يمنعه ولزمه ذلك .