پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص64

أحدها: الحق ان كان عقوبة حداً أو تعزيراً وقف على إذن الحاكم من غير خلاف إلا ان يدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الرواية إقامة الحدود إلى من إليه الحكم ولو كان قصاصاً ففيه قولان أقواهما العدم للأصل ولقوله تعالى : (فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً)(الاسراء: من الآية33)** (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: من الآية194)**النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاص)(المائدة: من الآية45) والقول الآخر التوقف للاحتياط لعدم معرفة مواقع القصاص من غير الحاكم ولأن فائته لا يتدارك وربما نقل بعضهم الإجماع والجميع ضعيف لعدم صلاحية معارضة الاعتبار لعموم الأدلة ولضعف الإجماع المنقول ولو كان بضعاً فهو كالمال فمن غصب منه عرضاً جازت المقاتلة عليه وجاز استيفاءه قهراً من صاحبة البضع ومن غيرها ممن منعه من استيفائه ولو كانت في دار جاز الدخول عليها وإخراجها منه سواء كانت لها وهي الممتنعة أو للمانع غيرها أو لغيرهما كأن أدخلهما في دار قوم آخرين سواء رضوا بدخولها أم لم يرضوا بذلك جاز كسر القفل بل وتهديم الحائط عليها إذا لم يمكن التوصل إلا بهما ويكون ضمان المتلوف عليه وفي استقراره على المانع وجه نعم يعلم أهل الدار بذلك إذا أمكن فلعلهم يرفعوها من غير ضرر يعود عليهم ثم يرجع إلى الحاكم في فعل ذلك على الأظهر ولو كان مالاً قائماً بعينه فكذلك فإذا لم يدفعه من هو عنده فامتنع جازت مدافعته وقهره عليه وجازت سرقته وإن أدى إلى إتلاف مال كثير وان قل المغصوب بحيث لا يخرج عن المالية ولو وضعه الغاصب في دار غيره فإن علم ذلك الغير فكذلك وضمانه عليه ؟؟؟ على الغاصب في وجه وان لم يعلم فلا يبعد أيضاً جواز الإفساد والضمان عليه ويستتر على الغاصب نعم يلزم تعليمه كي لا يدخل عليه ضرر من دون علم فإذا لم يمكن إصلاح الغاصب لذلك والضرر لزم على الضار إصلاحه لحديث لا ضرر ولا ضرار وقد يقال ان الغاصب لو وضع مالاً ببيت غيره من دون علمه واستلزم إخراجه ضرر على ذلك الغير لم يجز إخراجه ويكون من باب الحيلولة فيلزم الغاصب المثل والقيمة إذ لا ضرر ولا ضرار وهو قوي ويشعر به كلامهم في باب الغصب حيث انهم لم يجوزوا إتلاف مال غير الغاصب لاستخلاص ماله ولا تزر وازرة وزر أخرى ولو استلزم تخليصه إثارة فتنة بقتل نفوس وتمشية جنود ونهب أموال وجراح ونحوها حرم التوصل بذلك إلى ماله لا بد من الرجوع إلى الحاكم كي يوصله إلى حقه ولو كان ديناً والغريم مقر باذل لم يجز استيفاءه إلا بإذن الغريم لأنه مخير بجهات القضاء وتعيين الوفاء من ماله إلا إذا كان الغريم غائباً أو ممنوعاً من التوصل إلى ماله وكان الطالب محتاجاً أو طالباً مطلقاً في وجه قوي توقف الوفاء على إذن الحاكم لولايته على من لم يمكن الوصول إلى ماله وعلى ذلك يحمل إطلاق من أطلق الرجوع إلى الحاكم في هذه الصورة ولو كان الغريم مقراً ممتنعاً ففي لزوم الرجوع إلى الحاكم بالاستيفاء لأنه المتيقن من جواز التصرف بمال الغير ولأنه المتولي للإجبار في مقامات الاضطرار أو عدمه وجواز الاستقلال من الغريم لعموم من اعتدى وجزاء سيئة مثلها وجهان والأول أحوط والأخير أقوى ويجوز الاستقلال مع تعذر أو تعسر الرجوع للحكام أو ارتفاع سلطنته من غير كلام وهل يجوز الاستيفاء من غريم الغريم من دون إذن الحاكم وجهان والاحوط الرجوع للحاكم ولو كان الغريم جاحداً فإن كانت للمدعي بينة يمكنه إقامتها عند الحاكم ويمكن للحاكم الاستيفاء ففي لزوم الرجوع إلى الحاكم في إقامة البينة عنده وفي تولي الاستيفاء قولان اللزوم وهو منسوب للأقل واختاره المحقق في النافع وعدمه وجواز الاستقلال للغريم وهو المنسوب للأكثر للأول الاحتياط في التصرف بمال الغير والتعين بمال الممتنع والاقتصار على اليقين من جواز الوفاء والاستيفاء فإذا تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله وللثاني في عموم قوله تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: من الآية194)** وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ)(الشورى: من الآية40) وعموم أدلة أخبار جواز المقاصة وهي ظاهرة في الإطلاق دون الرخصة من الإمام ( فحمل الأخبار المجوزة على الرخصة بعيد ولو كان للغريم غريم آخر جاز للحاكم ان يقهره على وفاء غريم غريمه وتبرأ ذمته بذلك فإن امتنع ففي جواز مقاصته بإذن الحاكم أو لا بأذنه وجهان والأوجه جبر الحاكم له على الوفاء ويتولى هو أو الغريم الاستيفاء مقاصة عن غريمه وتجوز مقاصة الغاصب عن العين المغصوبة إذا لم يمكن التوصل إليها وينوي بها التملك ملكاً تاماً فيملك الغاصب المغصوب لعدم إمكان الجمع بين العوض والمعوض أو ملكاً متزلزلاً مراعي برده المغصوب فإن رده انفسخ وإلا فلا أو ان الرد كاشف عن فساد المعاوضة فنماء كل يرجع إلى أهله وعدمه كاشف عن صحتها وجوه والأول اقرب للفقاهة والثاني أوفق بالقواعد.

ثانيها : تجوز المقاصة من كل شيء سواء كان أمانة عند المقاص أو عند غيره أو لم يكن وسواء كان منفعة أو عيناً ولو كان عنده رهناً من غيره ففي جواز أخذه وجه فيكون عنده أمانة إلى ان يحل الطلب فيبيعه وفي ضمانه وجه ويجوز الاقتصاص من الوديعة وغيرها عنده أو عند غيره نعم يكره وللأصحاب في جواز المقاصة من الوديعة عنده قولان منشأهما الأخبار والعمومات فعمومات المقاصة وخصوص بعض الروايات المعتبرة دالة على الجواز والقواعد الناهية عن التصرف بمال الغير المقتضية للاقتصار على المتيقن في جواز المقاصة وخصوص الأخبار الناهية عن الخيانة والناهية عن مقاصة الودعي دالة على المنع ولكن الدال على الجواز أقوى كثرة وسنداً واعتضاداً ودلالة لأن اكثر أخبار النهي نهي عن الخيانة وليس موردها نعم لا تجوز مقاصة من حلف بالله ولا تجوز المقاصة لمستثنيات الديون إذا لم يملك سواها ولا تجوز المقاصة لمن لا يعلم الحق نعم لو قامت عنده بينة جاز ولا تجوز عند خوف الفتنة وكثرة الفساد لعدم جواز اخذ العين فهنا أولى ولو فعل حراماً بذلك ففي صحة المقاصة وبطلانها وجهان ولا بد في المقاصة من النية إلا في الدينين المتساويين فيقع التهاتر قهراً وفي لزوم الكلمات المذكورة في الأخبار عند المقاصة وجه والأوجه عدم الوجوب لظهور الاستحباب من الروايات ولعدم إيجاب الأصحاب له ولخلو اكثر الأخبار عنها فتحمل على إرادة تذكر نية المقاصة مخافة العدوان أو استحباب ذكر الله أو التنزه عن أكل أموال الناس بالباطل .