انوار الفقاهة-ج19-ص61
رابعها : لو ادعى المنكر فسق الحاكم أو جنونه أو خطأه أو فسق الشهود أو جرحهم أو كذبهم أو ادعى المدعي ذلك لو كان الحكم للمنكر لم تسمع تلك الدعوى ان كانت الدعوى مع الحاكم أو الشهود ولا يتوجه عليهم يمين قطعاً للزوم الفساد وتعطيل الأحكام والغضاضة على الحكام المنصوبين لاستقامة النظام إلا مع البينة فتسمع لو عاد في إثبات ذلك نفع يعود إليه من غرامة ونحوها وان كانت الدعوى من أحد المتخاصمين على الآخر ففي سماعها مع البينة وعدمها والعدم مطلقاً أو سماعها مع البينة لا بدونها وجوه أوجهها السماع مطلقاً فيحلف المنكر على نفي العلم مع عدم البينة لا على البت ولو نكل ردت اليمين على المدعي فيحلف على البت بالفسق ونحوه فيبطل الحكم بعد حصوله ويقف قبل ذلك وكذا لو ادعى إقرار الخصم بذلك حين الحكم أو بعده حالة الحكم إلا انه هنا يحلف على البت في نفي الإقرار ومدرك السماع عموم أدلة المدعي والمنكر وحصول الفائدة في هذه الدعوى والوجه الآخر عدم السماع وهو قوي ان كانت الدعوى بالفسق دون غيره من العوارض قالوا لأنه يثبت فساداً على الحكام وعلى إمضاء الدعاوى ويهيج غضاضة عليهم بتحليف كل من حكم له أو تشهد عليه ولأنه ليس حقاً لازماً ولا يثبت بالنكول واليمين المردودة فسق أو بطلان حكم الآية وفي الجميع نظر لمنع الفساد في الأول لمكان الحاجة ومنع كونه حقاً غير لازم ومنع عدم بطلان الحكم باليمين المردودة المسببة عن إثبات الفسق بإقرار المدعي وان لم يثبت الفسق بنفسه وبالجملة فيجوز توجه اليمين على المنكر إذا عاد نفع الشيء المدعي بإقراره ونكوله وان لم يكن دعوى العلم بالفسق من الحقوق اللازمة ابتداء فهي من الحقوق اللازمة للمدعي على المنكر بالعوض ودعوى ان لأصل عدم توجه اليمين وعدم نفوذ الحكم عند الشك إلا بالمتيقن لا وجه لها بعد شمول العمومات كما لا وجه للقول بأن إقرار المدعي بفسق الحاكم أو نكوله مع يمين المنكر لا يقتضي سقوط الحق عن المنكر بعد صدور الحكم من الحاكم وثبوت عدالته ظاهراً وثبوت عدالة الشاهدين عنده لأن الفسق المعلوم عند المدعي لا ينافي نفوذ الحكم ممن ظاهره العدالة عند غيره لأن الشرط بثبوتها في الجملة وذلك لأن الفسق مانع من نفوذ الحكم عند العالم به سواء كان له أو عليه وسواءا كان في الحاكم أو الشاهد ومع ذلك كله فالقول بعدم سماع دعوى العلم بفسق الحاكم أو الشهود قوي للشك في صحة إلزام أحد الخصمين الآخر بالجواب عن ذلك لأنه من قبيل إلزام شخص بجرح آخر وللشك في بطلان الحكم بالإقرار بالفسق لعدم الملازمة بين العلم بفسق الشهود أو جرح الحاكم وبين بطلان الحكم لاحتمال خطئه في الفسق أو الجرح لابتنائه على دقائق لا يعرفها إلا الحاكم نعم لو اقر ببطلان الحكم كما إذا قال : كذب شهودي أو قال : حكم الحاكم بشهادة الفاسق عنده أو قال : حكم وهو صغير أو مجنون حكم ببطلان الحكم على موجب إقراره ووقفت دعواه إلى ان يأتي بشاهدين آخرين أو يمضي إلى حاكم آخر يحكم له وإلا لزمه إرجاع الحق لأهله فعلى ذلك لو كانت عنده بينة على علم المدعى عليه بفسق الحاكم أو الشهود لا تجدي بينة ولا تسمع دعواه نعم لو كانت عنده بينة على فسق الحاكم أو الشهود اتجه السماع على إشكال ينشأ من ان الحكام ينبغي ان لا يتعرض لهم المتداعيان بعد صدور الحكم منهم للزوم الفساد بسماع الحاكم الآخر الدعوى عليهم من المتخاصمين بذلك نعم لو صدرت الدعوى من غير المتخاصمين في مقام حد أو تعزير جاز وبالجملة فالدعوى ان أبرزوها بصورة بطلان الحكم وعدمه ولو من جهة فسق وشبهة توجهت الدعوى وسمعت وان ابرزوها بصورة فسق الحاكم وعدالته والشهود وعدالتهما كان القول بعدم سماع الدعوى لا يخلو من قوة .
فائدة : لو ادعى أحد الخصمين على الآخر الإقرار بالحق سمعت الدعوى فإن أقام بينة فيها وإلا فإن اقر بإقراره إلزم بالإقرار الأول الذي اثبته الإقرار الثاني وإلا حلفه فإن نكل حلف المدعي وثبت إقراره والإقرار وان لم يثبت الحق واقعاً يثبته ظاهراً لأنه سبب لثبوته عليه فهو بمنزلة دعوى اليد حتى لو لم يعلم المقر له بثبوت الحق جاز له ان يستوفيه من المقر ما لم يعلم عدمه فالقول بعدم السماع وعدم توجه اليمين ضعيف .