انوار الفقاهة-ج19-ص53
أحدها: الأجرة أجرة الحافظ على السهام دون الرؤوس فالقسمة كذلك وإن كان بأمر أحدهم ورضاء الباقين بأمره من دون أمر منهم فالأجرة على الآمر وان كان أمر بالقسمة شخص أولا وسمى مسمى وأمر الآخر كذلك وسمى مسمى آخر أو أمر الأول وان لم يسم مسمى وأمر الآخر كذلك وفعل القاسم بأمر الأول ففي استحقاق القاسم شيء من الثاني من مسماه أو من أجرة مثله إشكال والأوجه عدم الاستحقاق وبالجملة فللقاسم أجرة واحدة فإن دفعها واحد مع رضا الباقين بمجرد القسمة دون الأجرة التزم بها وان رضي الجميع بالأجرة كان المسمى على الجميع ولو دفع للقاسم أجرتين أو اكثر دفعه أو مرتباً من كل شريك أشكل الحال في استحقاقه لذلك لأنه يستحق واحدة إذ ليس له إلا الإفراز الواحد وقد حصل بالعمل الواحد فلمن ينوي العمل يستحق الأجرة عليه وان نوى للجميع استحق على الجميع أجرة واحدة ولو كانت الإجارات مترتبة فلا يستحق إلا الأجرة الأولى لأنها التي حصل بها الإفراز وهي التي ملك الأول بها الإفراز والقرعة عليه فلا يملك آخر عليه ما ملكه الأول عليه إلا ان يكون فضولياً بالنسبة إلى المستأجر الأول وكل عمل واحد إذا تعلق به غرض لأثنين أو اكثر كقطع شيء متصل لأثنين أو حفر بئر مشتركة بين اثنين فاستأجره الأول لم يكن للثاني الاستئجار للزوم تحصيل الحاصل وهو ممتنع مع الإعادة أو لزوم اخذ أجرة من غير المعمول له ودعوى انه لو استأجره اثنان على القسمة استحق أجرتين لأنه استحق أحدهما بإفراز مال هذا عن هذا والثانية بإفراز الأخرى عن تلك فهما مختلفتان بالنية لا وجه لها ولا تأثير للنية وما يقال في الدفع إذا استأجره اثنان دفعه كل واحد بإجارة مستقلة على إفراز حصة من الآخر ان خيار تعين المعمول له بيده فلايهما نوى استحق عليه وان نوى المجموع استحق نصف كل من الأجرتين لا وجه له والأوجه البطلان لتضاد المالكين على مملوك واحد ثم ان المأمور بالقسمة من الشركاء من دون تعين المسمى له أجرة المقل على نسبة العمل لأنه هو الذي يقابل بالعوض وهكذا لو أمر الشركاء حافظاً لمالهم أو أمروا بحصاد ودياسه أو تقليح أو تركيس أو حمل أو غير ذلك فإنه يستحق عليهم على نسبة العمل لا على نسبة الرؤوس لعدم مدخلية الرؤوس هنا وكثرة العمل غالباً تدور مدار كثرة النصيب فمن كثر نصيبه كثر عمله فيه ومن قل قل وهذا معنى قولهم ان الأجرة على قدر النصيب ولو فرض كثرة العمل مع قلة النصيب استحق الأجرة بقدر ذلك العمل نعم يشكل الحال في القسمة حيث ان العمل فيها متساوٍ بالنسبة إلى كثرة النصيب وقلته لاحتياج الكثير إلى إفراز القليل عنه واحتياج القليل إلى إفراز الكثير عنه واحتياج كل منهما إلى القرعة والعمل في الكثير بإخراج القليل عنه كالعمل في القليل بإخراج الكثير عنه فكما ان صاحب الكثير يدفع مالاً لافراز القليل كذلك وهما واحد في العمل فيحتمل هنا القسمة على عدد الرؤوس لمكان ما ذكرناه ويحتمل ملاحظة الأكثر لحكم أهل العرف بزيادة عمل الكثير لعود النفع إليه اكثر فكان العمل في ماله اكثر كمن رد عبداً قيمته ألف ومن رد عبداً قيمته عشرة فإن أهل العرف يقولون ان عمل الأول اكثر وهذا هو الأوجه مضافاً إلى انه لو عومل على قدر الرؤوس لاستغرقت قيمته المقسوم لو كان قليلاً جداً ولا قائل به وربما قيل ان القسمة غالباً سيما قسمة التعديل يكون عملها في القليل اكثر لدقته ولزيادة الحساب فيه ولزيادة القرعة من حيثية فإن لم يكن في نفسه اكثر عملاً فهو مسبب لكثرة العمل فعلى ذلك يلغو زيادة العمل وقلة كما يلغو الحكمة بالقسمة على الرؤوس فيعود المدار على كثرة النصيب وقلته وهو حسن ولو كانت الأجرة مسماة من أهل القسمة فالحكم كذلك إلا ان احتمال القسمة على الرؤوس هنا قوي لظهور الخطاب بالتوزيع على عدد الرؤوس عند الإطلاق وعدم ذكر كل ما عليه ولكن العادة كالمخصصة لظاهر الخطاب ولو عين كل من الشركاء ما عليه تعين سواء زاد على قدر العمل في نصيبه أو قل لعموم المؤمنين عند شروطهم وليس فيه منافاة لعقد الإجارة قطعاً وذكروا هنا ان الأجرة على جميع الشركاء سواء في ذلك طالب القسمة وغيره إذا رضى الجميع بالقسمة نعم لو عين الطالب مسمى ولم يعين الباقون كان المسمى على الطالب وعلى الباقي أجرة المثل إذا لم يكن الطالب دافعاً عن الجميع وبهذا دفعوا الإيراد المتقدم في عدم جواز الترتيب في الإجارة على القسمة بأنا نمنع صحة العقد الأول لواحد فقط بل لا بد من رضا الجميع فالأجرة على الجميع ابتداء فلم يبق موضع يصح فيه وقوع الترتيب كي يمنع وفيه أنا نمنع الترتيب في موضع يمكن صحة العقد من الأول على القسمة بحيث تكون الأجرة على الأول ولو برضا الباقين بأجرته.
فائدة : لما كان التمليك في القسمة على خلاف الأصل اقتصر على المتيقن في جواز قسمته من المقسوم فلا يقسم ما في الذمم لو كان الدين لشركاء متعددين على غرماء متعددين ولا تقسم المنفعة حصصاً ملكاً أو وقفاً ولا مهاياة في أزمنة متعددة ولا يقسم الحد حصصاً ولا في أزمنة متعددة وتقسم الأعيان وتتبعها المنفعة مع العلم بقدر المقسوم ومع الجهل به سواء مما كان يوكال ويوزن أم لا مع الشهادة ويقسم المكيل موزوناً والموزون مكيلاً ويقسم متساوياً ومتفاضلاً مثلياً أم لا ويكون الفاضل في مقابلة الحسن ذو الجودة ولا ربا في القسمة أو يزاد في القسمة زيادة من غير مقابل بناء على عدم اشتراط التساوي في القسمة أو جعل الزيادة بمنزلة الهبة وتقسم العين مع المشاهدة وان احتملت الزيادة والنقصان في الربا وغيره ولا تضر الجهالة سوى جهالة ما لم ير كقسمة البذر تحت الأرض وقسمة الطلع في الأكمام إذا لم يتميز وقسمة ما في تبيين من طعام ونحوه غير مشاهدين والمقسوم إما ان يكون قيمياً أو مثلياً والقيمي إما ان يكون عقار أو غير ة والعقار إما ان يكون واحداً أو متعدد مختلفاً أو متفقاً وغيره كذلك إما يكون واحداً أو متعدداً متحد النوع أو مختلفة .