پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص35

السابع والعشرون: الأصل في ثبوت حق المدعي البينة لأصالة عدم ثبوت دعواه سواء في ذلك الخصومة وغيرها وإن كان الأظهر من سياق الروايات مقام الخصومة خرج من ذلك أمور منها ما يقوم اليمين مقام البينة فيها كمدعي رد الوديعة فانه يقبل قوله في الرد مع مخالفته الأصل ولأنه لو ترك دعوى الرد لترك واخذت منه الوديعة باقراره كل ذلك لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وللزوم الحرج على الناس في عدم القبول إلا بالبينة لتأدية إلى الامتناع من قبول الوديعة غالباً وربما قيل انه منكر في دعوى الرد لموافقته للظاهر من الاستئمان فمنكر الرد مدعي لأن قوله مخالف الظاهر ولأن المودع لو ترك إنكار الرد لترك فهو مدعي بهذا المعنى وهو بعيد كما ترى وكذا الوصي لو ادعى الإنفاق بالمعروف أو نفس المعروف وكان على المعتاد وكذا الوكيل لو ادعى فعل ما وكل عليه عند اتهامه بعدمه أو ادعى فيما وكل على التصرف به ومنها منكر القذف فإنه يصدق من غير يمين ومنها لو ادعى أحد على عبد في يد سيده انه اشتراه وادعى العبد انه اعتقه فصدق السيد أحدهما لم يحلف لأنه ان صدق المشتري لم يحلف للعبد لعدم نفوذ إقراره بعتقه بعد إقراره انه باعه لأنه إقرار في حق الغير وان صدق العبد لم يحلف للمشتري لأنه لو صدقه بعد ذلك لم يسمع لأنه قد اعترف باتلافه قبل قبضه لأن العتق إتلاف فلا ثمرة لليمين إلى غير ذلك من المواضع الواردة في أبواب الفقه يعثر عليها من استقرأها ومنها ما يقبل فيه دعوى المدعي من غير شاهد ولا يمين وهي كثيرة منها دعوى المالك ابدال النصاب في أثناء الحول لينفي عنه الزكاة وكذا دعوى تلفه وكذا دعوى هبته وارجاعه وكذا كل دعوى تؤدي إلى رفع الوجوب عنه من تعلق حق به أو عدم التمكن منه وكذا الكلام في الخمس فيما إذا أدى تلف المال أو ازدياد المؤونة أو الخسارة ومنها دعوى نسب أو حسب يستحق به من الحقوق العامة كدعوى الهاشمية أو دعوى الفقراء وكونه ابن سبيل أو من الغارمين أو من أهل سبيل الله إلى غير ذلك والاحوط توقف الأول على البينة ولا اقل تصديقه مع يمينه وكذا في الثاني ان علم انه ذو مال سابقاً أيضاً أمّا البينة أو اليمين وان لم يعلم انه ذو مال فالاحوط اليمين على ما ادعاه من الفقر مطلقاً ومنها مدعي بنوة الصغير ومنها مدعي الوكالة أو الولاية على ما كان تحت يده ومنها مدعي تطهير أو تحليل ما كان بيده ومنها مدعي فعل الواجب الكفائي فإنه يسقط عن غيره بدعواه مطلقاً ومنها دعوى دفع الحق العام إلى أهله من خمس أو زكاة ومنها دعوى نقصان الخرص لينقص ما قرر له من الزكاة على موجب نقصان الخرص وتسمية مدعٍ لمخالفة الظاهر وتصديقه لأنه أمر يرجع إليه ومنها دعوى ما لا يعلم إلا من قبله كدعوى فراغ العدة من حيض أو طهر ومنها دعوى الضرة انه الولد دفع الذي إليها ومنها منكر السرقة بعد اقراه مرة وان خالف الظاهر فإنه يسلم من القطع وكذا منكر الزنا بعد إقراره ما لم يبلغ النصاب ومنها دعوى السارق هبة المالك للسارق ليسلم من القطع ومنها دعوى الإكراه على موجب الحد أو على الإقرار به فإنه يصدق وإن خالف الظاهر فيسقط عنه الحد للشبهة ومنها دعوى الجهالة مع امكانها في حقه كدعوى الغريب الغبن وهو مدعي لأنه يترك لو ترك ولكنه منكر لموافقته للأصل والظاهر ومنها دعوى المجردين في ثواب واحد ليرتفع موجبه الشرعي ومنها دعوى تقديم العيب مع شهادة الخال به وهو مدعي إلا بموافقته الظاهر فإنه منكر ومنها دعوى من رمي بالاحتكار انه احرزه للقوت ومنها دعوى الغلط فيما دفع زيادة عن الحق دون التورع فإنه مدعٍ لمخالفته للظاهر ولأنه لا يترك لو ترك والأوجه ان يقال ان مدعي التبرع هو المدعي لمخالفة الأصل بل والظاهر لبعد التبرع في مقام الوفاء والمعاوضة فإن اظهر دعواه بدعوى الجزم لزم المدعي الغلط اليمين ولو أبرزها بصورة التهمة فقبول قوله بمجرد دعواه الغلط مع حصول الدفع والقبض من المدفوع إليه مشكل ومنها لو كان لأحد على آخر دين فدفع إليه مالاً وادعى انه وفاء وقال القابض انه هبة فإنه يصدق قوله من غير يمين لأنه أبصر بنيته وفيه أيضاً إشكال لأن تصديقه مع شك المدفوع إليه لا بأس به ويلزمه ذلك وأما مع قطعه بالهبة والتبرع فإنه مدعٍ ويكون هو منكر لما ادعى لموافقته الظاهر فاليمين عليه حينئذ ومنها دعوى الكافر انه من أهل الكتاب لتؤخذ منه الجزية ويعصم دمه وماله فإنه يقبل بلا بينة ولا يمين لأنه أمر لا يعلم إلا من قبله ولأنه يدرأ الحد بقوله ومنها دعوى تقدم الإسلام على الزنا بالمسلمة فإنه وان خالف الأصل ولكنه درأ للقتل عنه ومنها دعوى الصوم والصلاة وجميع العبادات ليدفع عنه التعزير وهذا لا كلام فيه ومنها دعوى صحة العمل المستأجر عليه المشروط بالبينة لأنها أمر لا يعلم إلا من قبله وأما اصل تأدية العمل فيصدق العدل الثقة في إخباره بتأدية ما استأجر عليه من العبادات الصرفة لرجوع صحتها وفسادها إلى نفسه فلا عبرة الصوم كالصوم والصلاة ونحوهما والسرية على ذلك وفي تصديق غير العدل وجه قوي والسيرة أيضاً قاضية به ومنها دعوى مالك الدار ما يدفن فيها لو نازعه المستأجر والمستعير على المشهور نقلاً وفيه إشكال بل قد يقال لا بد فيه من اليمين ان لم نقل بالاحتياج إلى البينة أو القسمة بين المتنازعين والأوجه ان يقال ان الأيدي المترتبة بين الملاك والمستأجرين والمستعيرين يحكم فيها لصاحب اليد الحالية وهي المتأخرة مع يمينه وعلى المتقدم البينة ان المدفون له إلا ان تقوم قرينة ظاهرة على التقدم فيكون مدعي التقدم موافق قوله للظاهر فيسمع قوله بيمينه وان كانت الأيدي المترتبة بين يد مالك سابقة ومستعير لاحقة فهنا يقوم احتمال تقديم اليد المالكة لقوتها واحتمال اليد اللاحقة لتأخرها وحينئذ فلا بد لليد المالكة أمّا من بينة أو من يمين على ما ادعاه وللأصحاب في ذلك قولان ومنها دعوى الذمي الإسلام قبل الحول ليتخلص من الجزية فإنه لا يفتقر إلى يمين وان خالف الأصل لأنه أمر من حقوق الله تعالى ولا يعلم إلا من قبله ومنها دعوى الولد البلوغ بالاحتلام فانه يصدق من دون بينة ولا يمين لمكان الضرورة وإن كان الأصل عدمه وأيضا تصديق قوله موقوف على بلوغه فيدور والظاهر ان الحكم بذلك من قبيل المسلمات ويمكن القول بالاحتياج إلى اليمين لأن الظاهر الضرورة تقدر بقدرها وكان اللازم الافتقار إلى البينة كإدعاء الانبات والعدد ولما عسر الاطلاع على الاحتلام اكتفى فيه باليمين ودعوى ان الاحتياج إلى اليمين موقوف على ثبوت بلوغه حق يظن عدم جرأته على الكذب فلو ثبت بيمينه البلوغ دار مردود بحصول الظن على عدم الإقدام من كثير من المميزين على اليمين الفاجرة فيقوى الظن بصدق قوله ومنها دعوى الحربي النابت على عانته شعر انه انبته بعلاج فإنه يصدق قوله من دون يمين ولا بينة وان كان مخالفاً للظاهر والأصل لأنها دعوى تدرأ عنه القتل لمكان الشبهة ولا مطالب بها سوى الله تعالى فيصدق قوله ويؤسر وإن لم يقر بالشهادتين ولا يثبت عليه قتل بالكلية ومنع المحقق من قبول قوله إلا بالبينة لمخالفة قوله للظاهر وهو قوي ورجح بعض توجه اليمين عليه اقتصاراً فيما خالف الأصل على القدر الضروري ولا بأس بتحليفه فإذا امتنع قتل واحتمال تأدية اليمين إلى ما يلزم من وجوده عدمه بتحليفه فلا يثمر تحليفه ثمرة سيما هذه الثمرة العظيمة وهي ترتب القتل قد تقدم وجه ضعفه ومنها ما ذكره بعضهم ان مدعي البلوغ يقبل قوله مطلقاً وهو بعيد والأوجه الافتقار إلى البينة في غير دعوى الاحتلام والشهيد ( ضبطها عن بعض بأن كل ما كان بين العبد وبين الله تعالى ولا يعلم إلا منه ولا ضرورة فيه على الغير أو ما تعلق بحد أو تعزير ولا بد من التأمل في الضابط وفيما ذكرناه لإمكان المناقشة في جملة منها بعدم افتقاره إلى البينة أو إلى اليمين أو إليهما معاً وغير ذلك وهل المراد بالتصديق لزومه على من سمع أو جواز امضائه وإلا فلو نازعه منازع فيه لزمته البينة في موضع واليمين في آخر وجهان والثاني هو الأوفق بالقواعد وعمومات الأدلة حتى ان في بعضها لو استراب الحاكم كان له تحليفه.

الثامن والعشرون : يعتبر في اليمين نية المحلف من الحاكم أو المدعي بمعنى ان ما حلفه على نفيه بظاهر الخطاب كان هو المجزي وهو يمين الغموس الذي يذر الديار بلاقع واراد الحالف غير الظاهر مورياً بقوله ويمينه لا تجديه ويدل على ذلك الروايات الدالة على ان الحالف إذا كان مظلوماً تكون اليمين على نيته وبالعكس على نية المحلف وكذا كلام الأصحاب ولا يتفاوت بين علم الحاكم أو المدعي بتوريته حين اليمين أو علمهما بعده أو عدمه مع احتمال ان الحاكم إذا علم التورية من الحالف لم يقنع بيمينه حتى يكرره إلى ان يجهل كونه مورياً أم لا هذا كله في يمين المنكر أمّا يمينه المردودة فيقوى أيضاً فيها ان النية نية الراد لها فثبت حق المدعي وان علم الحاكم توريته وكذا يمين الاستظهار والمضمومة مع الشاهد إلا ان الأقوى ان يكون الحاكم عليه اليمين عند العلم بتورية الحالف بقصد غير لفظ الجلالة أو بقصد غير المعنى المقسوم عليه إلى ان لا يعلم انه موّري حين اليمين أمّا لو علمت التورية بعد صدور اليمين أو بعد الحكم ففي جواز تجديد الدعوى وقيام البينة ونقض الحكم إشكال .