انوار الفقاهة-ج19-ص24
تاسعها : لو ادعى مدعي على ميت ديناً وكان أصيلاً في دعواه لزمه مع البينة يميناً للاستظهار على بقاء الحق في ذمة الميت إلى الموت أو إلى حين المطالبة في وجه قوي وان حقه لعليه ما أبراه ولا وفاه ولا قاصة وما ضاهى تلك المعاني للأخبار المعتبرة والإجماع المنقول والشهرة البالغة حد الإجماع ولكن المتيقن من الأدلة هو ما إذا كان المدعي أصيلاً عن نفسه فلو كان ولياً أو وصياً بحيث يتوجه عليه اليمين أو لا يمكنه كدعوى التهمة احتمل هنا تحليفه على نفي العلم بالإبراء والوفاء تكليف الوصي والولي الحلف على الجزم للبينة المثبتة للأصل والاستصحاب فيؤدي بالجزم الشرعي وكذا الأولين إذا لم يجزموا يحتمل سقوط الدعوى لأن اليمين جزء منها أو شرط فيها فابتناؤه ينتفي المدعي به ويحتمل وهو الأقوى سماع بينته من دون يمين لعموم حجة البينة واشتراط اليمين منصرف إلى المدعي جزماً لنفسه وأما المدعي لغيره فلا يمين عليه فيبقى دليل سماع البينة خالي من المعارض وكذا المتيقن من الأدلة أيضاً لزوم اليمين على بقاء الحق لا على اصل الدين الذين قامت البينة وهل بقائه إلى الموت أو إلى حين المطالبه ؟ ظاهر الروايات الأول لظاهر التعليل فيها بعدم لسان له يدعي فيه وفيها ما يظهر منها إلى حين المطالبة لقوله فيها ويحلف ان حقه لعليه وظاهره إلى حين المطالبة وهو الأقرب والاحوط ويظهر من ذلك انه لو علم الوصي ببقاء الدين إلى حين الموت فهل يلزم المدعي باليمين على عدم الاستيفاء والإبراء بعده أم لا ؟ والظاهر لزوم ذلك مع احتمال عدم تكليف المدعي هنا باليمين لمكان الاستصحاب والمتيقن من اليمين انضمام الحالية لا إلى الأمر المعلوم عند الوارث أو الوصي بل قد يدعي انه مع العلم الوارث أو الوصي بالدين ابتداءات يلزمها الوفاء للاستصحاب ولا حاجة إلى ضم اليمين لورودها فيمن أقام بينته والأوجه انه لو علم الوصي بالدين شهد للمدعي وضم المدعي يمين والأقرب انه لا يجوز له الدفع من دون ذلك إلا إذا علم بقاء الحق إلى حين المطالبة وقد يقال ان البينة لو قامت بالدين وببقائه إلى حين المطالبة سقط اليمين لأنها أقوى منه في الإثبات بل قد يقال على الوجه المتقدم انه لو قامت البينة على بقاء الدين إلى الموت سقط اليمين وهل يلزم في يمين الاستظهار تأخره عن البينة أو لا يشترك تقدم البينة وجهان أوجههما الأول وهل يسري يمين الاستظهار لدعوى العين أو يختص بالدين أو يسوى ان كانت العين مضمونة عليه فقط وجوه أوجهها الأخير وهل يسري يمين الاستظهار في الدعوى على الطفل أو المجنون أو الغائب مطلقاً أو لا يسري مطلقاً أو يسري إذا لم يحضر الولي أو وكيل الغائب ولا يسري إذا حضر الولي أو الوكيل لقيامهما مقام المولى عليه في الرواية بل احتمال انه لو كان لهما لسان لادعياه بالبراءة أو الاستيفاء أو المقاصد ولأن الدعوى مسموعة يتوجه عليه اليمين فيها ولو دعوى تهمة بل قد يقال ان اصل فائدة يمين الاستظهار هو لقطع دعوى الوفاء والإبراء من المدعى عليه لو كان حياً ضرورة ان المدعي للدين لو أثبته جاز لمن ثبت عليه دعوى الوفاء والإبراء فيتوجه اليمين حينئذ على المدعي وينقلب المدعي والمنكر مدعياً أمّا لو كانت الدعوى حقاً كحق خيار ونحوه فالظاهر شمول الدوام له لو كانت عيناً فإن شهدت بالملك المطلق انه تسمع ما لم يشهد إلى الآن لمعارضتها باليد اللاحقة وان شهدت بأصل السبب وقلنا بالاكتفاء بتلك الشهادة وان الشهادة بالسبب ليست كالشهادة بالملك المطلق افتقر إلى ضم اليمين لسريان العلة باعتبار احتمال الرد إليه أو تملك الميت لها وإن قلنا لا بد من الشهادة على بقائها على ملك المدعي إلى حين الشهادة علما قوي القول سقوط اليمين حينئذ لارتفاع الاحتمال بالبينة مع احتمال الاحتياج إليه لأن الميت بمنزلة المدعي والمدعي بمنزلة المنكر وبينة المنكر غير مسموعة أمّا لو شهدت بالبقاء استناداً للاستصحاب فالوجه لزوم اليمين ولو كانت الدعوى على طفل أو مجنون أو غائب لم يحضر وكيله افتقر إلى اليمين في وجه قوي تسرية للعلة حيث لا لسان لهم ينطق بالدعوى فلا يدري الحاكم بالوفاء أو الإبراء وبقي الغائب على حجته مع اليمين في وجه قوي مع احتمال ان المدعي لو حلف يميناً لسقطت حجة الغائب وكذا الطفل والمجنون على حجتهما على الأظهر حتى مع اليمين أمّا بدونه فحجتهما باقية على هذا إذا لم يحضر وليهما ومع حضوره يحتمل سقوط حجتهما لقيام الولي مقامهما واحتمل العدم والأول اوجه والقول بسقوط اليمين مع الدعوى على الطفل أو المجنون أو الغائب وجيه لاختلاف العلة التي في الأصل الذي هو الميت لعدم رجاء عودة لسانه مع العلة التي في الفرع لو جاء بلوغ الطفل أو إفاقة المجنون وقدوم الغائب وقد ورد في الغائب أخبار ظاهرها في مقام البيان بثبوت الحق عليه من دون يمين فالفرق بين الغائب وبين المجنون والطفل أيضاً وجيه جداً ولو كان للمدعي شاهد واحد ضم إليه يمين لأصل إثبات الحق ويمين على بقائه ولا يكفي واحد خلافاً لما يضاهي من العلامة ( لأصالة عدم التداخل ولتباين المحلوف عليه مع الشاهد والمحلوف على بقائه نعم لو شهد الشاهد ببقاء الحق فحلف على طبقه احتمل الاجتزاء والأظهر عدمه وهل يجوز ان يقيم بينة عند حاكم ويمين عند استظهار عند آخر ؟ الظاهر ذلك إذا علم الحاكم الآخر بقيام البينة عند الأول أو قامت عنده بينة بالنسبة ولكل منهما أن يحكم إذا علم بوقوع الأمرين أو سمعها وكذا الحاكم ثالث ان يحكم بعدم علمه بوقوع الأمرين ولو أقام أحد الشركاء جاز لغير من أقامها اليمين للاستظهار على الأظهر ويمكن يمين واحد من الشركاء مع البينة لتمام البينة باليمين فثبت الحق مع احتمال لزوم اليمين على جميع المدعين ويجوز توكيل غيره في يمين الاستظهار سيما لو كانت امرأة أو مريضاً يعسر عليه الإتيان إلى مجلس الحكم ونكول المدعي عن يمين الاستظهار لا يسقط ولا يشترط مطالبة اليمين للشهادة فله ان يشهد على ألف ويحلف على خمسمائة ولو حلف المدعي يميناً مردودة من الوارث على الدين افتقر معها إلى يمين الاستظهار مع احتمال عدمه لورودها مع البينة والأولوية ممنوعة وفي رواية عبد الرحمن انه لا تسمع الدعوى على الميت من دون بينة وانه لو كان حياً لرد اليمين فيفهم منها ان لا رد في الدعوى على الميت ولكنها محمولة على الرد من الوصي أو من الحاكم لا من الوارث أو منهما مع الغرامة للمولى عليه ويدفع الحاكم بعد ثبوت على الغائب من ماله للمدعي لولايته عليه وللرواية سواء قلنا بوجوب يمين الاستظهار أم لا لم نقل إذ لم يكن للغائب وكيل على ماله ويلزم المدعي له المال بكفيل أي ضامن للمال لو خرج غير مستحقه وليس من ضمان ما لم يجب بل مما وجب لأن الغائب إذا اقدم وأدعى الوفاء والإبراء أو جرح الشهود تبين ان المال ماله ويقوم الحاكم مقام الغائب إذا قدم وادعى الوفاء أو الإبراء أو جرح الشهود تبين في قبول الضمانة حكماً شرعياً أو قيامياً فضولياً لأن رضا المضمون شرط وفي بعض الأخبار ان الإلزام بالكفيل لو لم يكن ملياً ولو كان ملياً فلا يلزم ولا بأس به وقد يراد بالكفيل كفيل النفس بمعنى إحضار المدعي عند مجيء الغائب ليترافع الغائب معه ويظهر من الشهيدين ان المدعي لو حلف يمين الاستظهار كفى عن الإلزام بالكفيل وهو مشكل لأن الغائب على حجته مع يمين الاستظهار على الأقوى فلا معنى لترك الكفيل ويجري الحكام في المجنون والطفل كذلك للأولوية القاضية بلزوم الكفيل أيضاً ولكونهما على حجتهما مع اليمين وعدمه ب قد يقال ان المدعي لو كانت على الوارث بدين عليَّ وحلف المدعي يمين الاستظهار وحكم الحاكم ومن بعد ذلك وجد الوارث بينة على الإبراء والوفاء جاز تجديد الدعوة واثبات الإبراء والوفاء بل هي دعوى جديدة لا الأولى فتعاد ولا تذهب يمين الاستظهار بما فيها فلا خصوصية للغائب والطفل وكذا الحكم لو وجد الحاضر جارحاً بعد الحكم للشاهدين حين الشهادة فلا بأس بإعادة الدعوى وجرحهما وهذا كله ليس من الرد للحكم ولا من تجديد الدعوى لأن التجديد المنهي عنه هو ما لم يكن من بينة ولم يكن لجرح ونحوه وبالجملة فالأظهر ان الغائب ونحوه له تجديد الدعوى الأولى إذا أراد جرحاً أو كانت عنده بينة على الإيصال بل دعوى الإيصال والإبراء دعوى جديدة وان كانت هي في ضمن الدعوة الأولى والذي له تجديدها أو ليس له هي دعوى اصل الدين لا دعوى الإبراء ونحوه ولذا احتجنا إلى يمين الاستظهار مع البينة فتسمع من الغائب ونحوه سواء كان الوكيل أو الولي حاضرين أم لا ما لو أراد الغائب ونحوه تجديد الدعوى لمجرد تحليف المدعي فالظاهر انه لا تسمع لأن الحاكم قائم مقام الغائب ونحوه في هذه الدعوى وقد وجه يمين الاستظهار على المدعي نائباً عن الميت لاحتمال دعواه فلا حاجة إلى تجديدها واليمين المردودة من الوارث لا تكفي عن يمين الاستظهار بل لا بد من اليمينين المضمومة مع الشاهد عن يمين الاستظهار .
عاشرها : في الخبر ان الغائب يقضي الحاكم عليه وبقي عزيمه من ماله ويلزم المدعي بالكفيل مع عدم ظهور الملامة ومع ظهور الملامة فلا يلزم بالكفيل جمعاً بين ما دل على لزوم الكفيل مطلقاً وبين ما دل عليه مع الملاءة ولولا الرواية لأمكن المناقشة في تولية الحاكم على الغائب بحيث يقضي دينه مع رجاء قدومه وفي إلزام المدعي بالكفيل بعد ثبوت حقه لأصالة البراءة وفي صحة ضمان الأعيان خوفاً من خروجها مستحقة وفي ضمان ما لم يثبت انه للمضمون له وفي قيام الحاكم مقام المضمون له في القبول والحمل على الفضولية بعيد.