پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص4

رابعها : لا بد في القضاء من النصب عموماً أو خصوصاً من الله سبحانه أو من النبي ( أو من الأئمة ( ولا يكفي نصب الرعية لو اجتمعوا على واحد ، نعم لو تراضى الخصمان على واحد بالتحاكم إليه نفذ حكمه عليهما وإن لم يكن منصوباً من قبل أهل النصب لفحوى النبوي من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل فعليه لعنة الله ولعمومات الأخذ بالحكم بما انزل الله وبالقسط وبالعدل وظاهر الأصحاب قلة ثمرة هذا في زمن الغيبة بل في زمن الأئمة كالباقرين ( لحصول النصب منهم لمن عرف حلالهم وحرامهم في زمن حضورهم وغيبتهم حتى لو كانوا متمكنين من الرجوع إليهم جاز الرجوع إلى منصوبهم نعم له ثمرة في زمن النبي ( وفي زمن علي( وقد يقال : أن ثمرته في زمن الغيبة عدم رجوع الخصمين عمن تراضيا عليه إلى غيره أو ثمرته حصول كونه قاضياً عليهم بالاعتبارين وظاهر الأصحاب لزوم اشتراط شرائط القاضي الأصلي فيه من الاجتهاد وغيره وقد يناقش في لزوم الاجتهاد فيه لإطلاق الأدلة نعم لا بد من كونه عارفاً باليقين أو بالظن الشرعي الاجتهادي أو التقليدي بكلي الحكم في الواقعة الخاصة وبطريق كيفية الشهادة واليمين والنكول ونحوها فيها وحينئذ فيمكن كون هذه ثمرة قاضي التحكيم في زمن اغيبة وهو انه لا يشترط فيه الاجتهاد في الحضور والغيبة بخلاف القاضي المنصوب ولكن مخالفة ما عليه الأصحاب لا يقتحم عليها فقيه وعلى طريقة الأصحاب فقاضي التحكيم لا يتصور نصبه حال الغيبة بل حال الحضور وعدم انبساط اليد بل ومع انبساط اليد في زمن الصادقين ( لأن في نصب المجتهد كفاية عنه وكل من يتراضى به الخصمان من المجتهدين فهو منصوب من قبلهم نعم في حال الحضور قبل زمان الصادقين ( قد تكون ثمرته بيان أن حكمه نافذ حكماً شرعياً أو الأذن في نفوذ الحكم منه بالخصوص وأن كان القاضي المنصوب موجوداً بل والإمام موجوداً بل قد يقال انه منصوب مخصوص على جهة مخصوصة والفرق بينه وبين المنصوب الخاص انه لا يتعدى إلى غير الحكم في الواقعة الخاصة ولاية له على حد أوتعزير أو قاصر أو غائب نعم له أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كغيره ممن يجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونقل عن السيد والشيخ جواز تولي الحدود منه لقوله ( : في رواية حفص إقامة الحدود إلى من إليه الحكم وهو ضعيف لظهور من إليه الحكم في الإمام أو منصوبه الخاص والعام وقد استند بعض في الاستدلال على قاضي التحكيم برواية أبي خديجة والمقبولة وفيه ضعف لظهور موردهما كما فهم الأصحاب في المنصوب العام وهو المجتهد المطلق فالعمدة في الاستدلال على ثبوت قاضي التحكيم الإجماع وأيضاً قاضي التحكيم لا يحكم على الممتنع ولا على الغائب بخلاف المنصوب فإنه يحكم على الجميع وأيضا يجوز الرد على قاضي التحكيم قبل الحكم ويجوز عزله قبل حكمه من المدعي والمنكر بخلاف المنصوب فإنه لا يجوز للمنكر عزله ولا الرد عليه بوجه .

خامسها : المجتهد المطلق منصوب نصباً عاماً فمنزلته منزلة الولي المتصرف ومعناه إعطاؤه هذا المنصب لا من باب الوكالة ولا من باب الأذن فلا ينعزل بموت الناصب لأن الظاهر أنها نصب من الله على لسان الإمام ( ولو كانت الوكالة صرفة لانعزل بموت الموكل ويمكن أن يقال أن المجتهد وكيل عن صاحب الأمر روحي فداه ومنصوب من قبل الأئمة ( الذين قبله ولا منافاة بينهما والفرق بينه وبين المنصوب الحاضر أن نصبه يتبع ما نصب فيه من بلد أو صقع أو أمر خاص من حكم أو غيره أو يعمها صريحاً أو فحوى بخلاف المنصوب العام فإن ولايته غير مقصورة ولا محصورة وأيضا المنصوب الخاص ينعزل بموت الناصب وينعزل إذا طرأ عليه فسق أو جنون ولا يعود إلا بنصب جديد بخلاف المنصوب العام فإنه يدور مدار الوصف المنصوب لأجله فمتى تحقق الوصف تحقق النصب.