پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج18-ص14

رابع عشرها:يضمن المثلى بمثله إجماعاً لأنه الأقرب إلى مصداق التأدية في الرواية المعتبرة ولقوله تعالى: [فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ] و [وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا] و[فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ] بضميمة الإجماع في الآية على عدم الفرق بين المعتدي وغيره في الضمان والدلالة ظاهرة سواء أريد بما هو نفس الشيء الذي اعتدي به أو أريد به الصدور وهو الاعتداء أو أريد عموم الموصول الشامل لجميع ذلك وبالجملة فمن اعتدى على أحد يعتدى عليه بمثل ذلك الاعتداء من نفس المال ولكيفية الاعتداء وحالة ووضعه ولا يراد بالآية من المثلية المثلية الحقيقية من كل وجه للزوم الحال ولا المماثلة ولو من أحد الوجوه لعدم صحة إطلاق المثل عليه وفرق بين مطلق المثل والمثل المطلق بل يراد المماثلة العرفية والمماثلة العرفية مرجعها العرف ومع الشك في العرف يرجع بها إلى لسان اهله وأعرف الناس بلسان أهله الفقهاء فما عرف أن له مثلاً كان ضمانه بمثله عزيمة لا رخصة فلا يجوز للمالك جبر الغاصب على غيره ولا يجوز للغاصب جبر المالك على قبول غيره وما لم يعرف كان ضمانه بقيمته للإجماع على مسمى الضمان واختصاص ماله بالمثل فيبقى ما لم يعلم أن له مثلاً ضمانه بالقيمة ولما ورد من الروايات الدالة على ضمان الحيوان وغيره من القيميات بالقيمة وليس لها خصوصية بل المراد أن جميع ما ليس له مثل له فضمانه بالقيمة فالقيمة أصل لما لا مثل له أو يقال بلزوم الصلح أو القرعة عند الاشتباه ما في الذمة والأصل عدم الاختصاص بشيء لأنها فوران فلا يرى فيهما الأصل ولا يجوز أن يقال أن الاصل ضمان الشيء بما يصدق عن الآخر انه مثله من حيوان أو جماد أو عروض أو أراضٍ أو نقود إلا ما خرج بالدليل كالحيوان فإنه يضمن بقيمته وإن كان له مثل عرفاً لأنا نقول أنا لو خلينا والآية لأمكن القول بذلك ولكن فهم الفقهاء بل وإجمعهم منطبق على أن ما يضمن بمثله هو أمر خاص ما كان له أمثال وكانت ماهية من ذوات الأمثال وكان بناء نوعه على المماثلة لا أن المثلى هو مجرد ما كان له فرد من نوعه يماثله ظاهر كالحيوان والأرض ونحوها فيكون الإجماع كاشفاً عن إرادة المثل في الآية هو ذلك النوع المماثل عرفاً لا كل ما صدق أنه مثله من الأفراد الخاصة بل قد يقال أن الآية كالجملة لاحتمال إرادة بيان قدر الاعتداد فيها بالنسبة إلى الفعل من دون زيادة فالقتل بالقتل من دون مثله والجرح بالجرح والقذف بالقذف في أخذ المال بأخذ المال من تعد النفس أو العرف لا بيان جنس المعتدي به حينئذٍ فليس الإجماع لعدم ورود لفظ المثل في الأخبار إلا في القرض فيفتقر على مورد الإجماع من فهم الفقهاء من المثلى وقد يقال أنه لا فرق بين القرض وغيره للإجماع المركب فما يراد بالمثل في القرض يراد في غيره ولا يفهم من المثل إلا المماثلة في الجملة فلا يراد المماثلة من كل وجه وإلا لم يبق مثلى والمماثلة في الجملة حاصلة لأنا نقول أن الكلام في القرض كالكلام في غيره سواء فالمثل في القرض هو المثل في غيره ويراد بالجميع هو ما فهمه الفقهاء من المثل الخاص وهو التشابه في أفراده في الجملة وإن اختلفت تلك الأفراد في بعض الأوصاف كالحنطة والسمسم من لون أو صفر أو كبر أو طراوة أو خشونة وبالجملة فللفقهاء في تعريف المثلى اختلاف فمنهم من قال أن المثلى ما تتساوى قيمته أجزاؤه أو ما تساوت أجزاؤه ومنهم من قال أنه المتساوي الأجزاء والمنفعة المتقاربة الصفات ومنهم من قال أنه ما تتساوى أجزاءه بالحقيقة النوعية ومنهم من قال أنه ما يقدر بالكيل والوزن وزاد بعضهم بما جاز السلم فيه وزاد آخرون اشتراط بيع بعضها ببعض ومنهم من قال أنه ما لو فرق بعد الإجتماع أو جمع بعد التفرق عاد كالأول من غير علاج ومنهم من قال أنه مالا يختلف أجزاء النوع الواحد منه في القيمة ومنهم من قال أنه ما يشاكل في الخلقة ومعظم المنافع ومنهم من قال ما تتساوى أجزاؤه في المنفعة والقيمة من حيث الذات لا من حيث الصفة وفي جميع هذه الحدود يريدون معنى واحداً أو هو بيان أن المثلى نوع له أفراد متشابهة بعضها مثل بعض عرفاً وكذلك أجزاء أفراد متساوية في الصفات غالباً والقيمة والقيمي نوع لو لوحظت أفراده كانت معاينة غالباً فإن حصل فيها تماثل فهو نادر وكذا أجزاء أفراده مختلفة كالحيوان فإن أجزاء كل فرد من أفراده لا يماثل أجزاء فرد آخر فالمثلى يضمن بمثلى مثله من نوعه ولو ماثله مثلي من فرد آخر والقيمي بقيمته ولو ماثله فرد آخرهم من نوعه وهو في المثل موافق لما دل على أن ضمان الشيء بمثله لأن المماثلة لا تتحقق غالباً فيه إلا بالمماثل من نوعه ولأن الخروج من عهدة الضمان المحقق بعد شغل الذمة به موقوف على دفع ذلك للإجماع على أجزاؤه بل لزومه أجزائه ليتقن صدق المثل عليه وأما في القيمي فلزوم القيمة عند وجود المماثل عرفاً فدليله الأخبار في مقامات خاصة والإجماع على عدم الفصل أو أنه هو المتيقن في الخروج عن العهدة لمشغول الذمة بضمان المغضوب أو لكشف كلام الفقهاء عن كون القيمي لا مثل عرفاً فعلى ذلك فالمثلان أريد به في الآية هو نفس المماثلة كانت الآية مخصوصة بما عدا أمثال القيمي بالإجماع وإن أريد به هو نفس المثل في المثلى بقرينة كلام الأصحاب أمكن ذلك إلا أنه يتعد تخصيص المثلى في الضمان والسكوت عن القيمي وبهذا يقرب حمل الآية على إرادة مثل الاعتداء من غير زيادة لا إرادة بيان ضمان المتعدي به وعلى ذكرنا فالمشكوك بأنه مثلى أو قيمي من ضمانه بهما ولا قائل به أو ضمانه بالمثل المشكوك فيه مع كونه مثله في القيمة ولو بزيادة فيه جمعاً بينهما بحسب الإمكان أو الصلح أو القرعة أما بخبر الحاكم أو مع التراضي أو التخيير بين دفع المثل أو القيمة للإجماع على عدم الجمع وعلى عدمها وتخصيصه بغير ترجيح من غير مرجح فليس التخيير حينئذٍ وقد يقال أن الأصل في الغرامة هو القيمة وهو النقدان لما يعلم من بعض الأخبار والسيرة والمثلى بالدليل ولأن المغصوب مثل المثمن والقيمة بمنزلة الثمن وهو من النقدين غالباً غاية ما في الباب أن المالك لو أراد المثل في المثلى لم يمنع لظاهر الكتاب وقد يقال في التعاريف إنها مختلفة معنى فهي بمنزلة الاختلاف في تفسير لفظ فيؤخذ بأشهرها وهو ما تساوت قيمة أجزائه وسلامته عما يرد وعلى التعاريف في الثوب فإن قيمة أجزاء الثوب قد تختلف من الألف إلى الواحد وبالعكس وغالباً بثياب القطن والقز والصوف غير متساوية فلا يدفع أحدهما بدل الإصغر وأما اختلاف أفراد الحنطة علواً ودنواً فذلك ليس لذاتها بل ولاوصاف خارجية اقتضت ارتفاعها وانخفاضها بخلاف صفات الثوب من الحياة والسماحة فإنها داخلة في ذات الثوب ولهذا أن القطن والصوف والإبريسم مثليات والثياب قيمية والصفر والحديد والذهب مثليات والأواني والحلي وما اتخذ منها قيمي فظهر بذلك أن المراد بالتساوي في الأجزاء في تعريف المشهور وهو التساوي غالباً من حيث الذات من دون ملاحظة وصف أو مكان أو زمان والتساوي هو تساوي فيما له غالباً دخل في المالية في الأوصاف الظاهرة لا التساوي في كل شيء ولا في جملة فلا يرد الثوب ولا الأرض فإنها وإن كانت لهما مثل عرفاً ولكن لا يعلم باطنهما ولا اجزاء أفردها غالباً كالحيوان ولو علم فهو نادر ونحن نريد بالمثلى ما يتساوى جميع أفراد نوعه غالباً لولا الصفات الخارجية ومساواة بعض الأفراد لبعض اتفاقاً لا يصيره مثلياً وإن صدق عليه لفظ المثل واشتمال أفراد المثلى على النوى والقشور والعجم واللب والنشر واللب مختلفان في القيمة غير مناف لتساوي أجزائها في القيمة والمنفعة ويراد بالأجزاء هي ما تركب منها أفراد ذلك النوع أو نفس أفراد نوعه بحيث أن النصف يساوي النصف والكل يساوي الكل لأن جزء يقابله جزء آخر ولا يراد بالأجزاء هي ما يقع عليها الاسم الواحد حتى تخرج الدراهم والدنانير عن المثلى لاختلاف بالوزن والسكة والاستدارة وبالجملة لا مدخلية لصدق الاسم على أن اختلافها لاختلاف في العوارض الخارجية لا بنفس ذلك الأفراد ألا ترى أن أهل العرف يقولون كم قيمة الحنطة والشعير والقطن والسمسم فيقال بكذا فإذا سئلوا عن بعض أوصافها بغد ذلك المرضية لقيمتها أجابوا اولا يمكن في العرف السؤال عن قيمة البغال والحمير والأواني على وجه الإطلاق ولو سأل سائل لا عابوا عليه.

خامس عشرها:إذا تلف المغصوب المثلى ولم يوجد حين تلفه مثل له تعلقت قيمته بذمة الغاصب تعلقاً متزلزلاً فإن عاد المثل قبل قبض قيمة المغصوب كان للمالك المثل وإن قبض القيمة كان ذلك وفاءه وإن كان المثل بعد تلفه موجوداً فتعذر بعد وجوده ضمن الغاصب قيمته مثله وإن وقع التفاوت بين القيمة العين المغصوبة وقيمة المثل المتعذر دفع الغاصب التفاوت مع احتمال عدمه إلا أن يكون فاحشاً ومثله لو وجد الغاصب مثلاً للمغصوب بعد تلفه منه فيه تفاوت في القيمة في الجملة ففيه الوجهان نعم لو كان فاحشاً فلا شك في دفع التفاوت من الغاصب أو عدم أجزاء المثل ويلزم الغاصب رفع القيمة عند مطالبة المالك مطلقاً ولو أمهل المال فانتفر المثل احتمل أن ذلك له لأن الحق يعود إليه فالخيار إليه واحتمل أن للغاصب جبره على القبول لأن التأخير ضرر عليه فالتعجيل حق له ويضمن الغاصب قيمة المثل عند التعذر أصلاً وكذا عند البعد المفرط الذي يشق الوصول إلا ببذل أموال كثيرة على الأظهر بل قد يلحق بالتعذر علوّ قيمة المثل كثيراً بحيث يضر بالحال مع احتمال أن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال فيجب عليه بذل المال ويحتمل المشاق وهو الذي أدخل الضرر على نفسه وحينئذٍ فيختص التعذر بعدم إمكانه وامتناع الوصول إليه لخوف على نفس أو عرض محترمين والأقرب سقوطه مع المشقة لوجود البذل وهو القيمة بخلاف رد العين أو نفس القيمة حيث لا بدل لها فإنه وهو القيمة بخلاف رد العين نفس القيمة حيث لا يدل لها فإنه قد يلتزم فيها تحمل المشاق وفي ضمان قيمة المثل وجوه.

أحدهــا:ضمان قيمة يوم الإقباض والوفاء أي حيث الإقباض والاستيفاء.

ثانيهــا: قيمة يوم الأعواز وهو فقدان المثل.

ثالثهــا: أو من القيم من يوم الغصب إلى يوم تلف المغصوب.

رابعـهــا:أقصاها من يوم التلف تلف المغصوب إلى يوم الأعواز.

خامسها: أقصاها من يوم الغصب إلى يوم الإعواز.

سادسهـا: أقصاها من يوم الغصب إلى يوم الأداء والاستيفاء.

سابعهــا:أقصاها من يوم الأعواز إلى يوم المطالبة.

ثامنهـا:أقصاها من يوم تلف المغصوب إلى يوم المطالبة.