انوار الفقاهة-ج18-ص12
ثاني عشرها:يجب وجوباً شرعياً رد المغصوب فوراً للإجماع بقسميه والكتاب والسنة الناهين عن أكل المال ووجوب حرمة الظلم إلى يد المالك ولا يكفي رده إلى الموضع الذي غصب منه ولو كان حوزاً للمالك ولو توقف الرد على دفع مال لزم الغاصب ذلك ولو تلف في زمن الرد أن مضموناً أيضاً ولو لم يكن رده لبعد مكان لا يمكن الوصول إليه أو تقية فإن كان الإيصال مرجو الزم حفظه وإلا فالأقوى لزوم التصديق به عن أهله ولو أن كافراً ويسقط وجوب الرد لو خاف على نفسه أو عرضه ولو خاف على ماله فالظاهر عدم السقوط لإقدامه على هتك حرمة ماله بجرأته على مال غيره واحتمال سقوط حرمة نفسه لا وجه له ويجب الرد للعين ما دام العين باقية متمولة أو منفعة بها بحيث يبقى للمالك بها ملك وإن زالت الثالث واختصاص بأن زال الملك فيجب رد الحبة الواحدة وإن عزم وزن الحنطة ويجب رفعاً يصير ضامناً بالرد كالإجراء والخشب يستحق فيخرج عن المالية بل يجب رد ما يخرج عن الملك والمالية ولكن يبقى فيه حق الاختصاص كما إذا أعاد شيئاً ينتفع به يختص به المالك أما لو خرج عن الجميع كما إذا استحال عذره أو عاد وبعد أكله ميتاً بناء على أن الاستحالة لا تخرجه عن حق متقدم فلا يجب رده قطعاً ولو تلف في رده حاصلاً واضمحل ففي لزوم اتلافه لو طلبه المالك وجه أيضاً للمشهور أن المغصوب لو خرج عن التمول كما إذا عاد رصاصاً أو الماء عاد رطوبة أو علم أنه يعود كذلك فإنه يخرج عن ملك المالك ولا يجب رده بل يكون ملكاً للغاصب ويعود إليه لمكان بذل قيمته للمالك فيملكه بالحكم الشرعي ولو قهر الامتناع الجمع بين العوض والمعوض ولكن الأقرب حيث أن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال وإن دفع القيمة إنما كان لإتلافها فيبقى وجوب رد العين سليماً عن المعارض ولاستصحاب ملك الغاصب للعين وإن خرجت عن المالية والمشابهة دفع القيمة هنا دفع القيمة عند حيلولة الغاصب بين المال وماله حيث أنه حال بينه وبين القيمة ويشعر به ظاهر ما ورد عن الإمام (() من أنه فاء البيض أكله وظهور أنه من الكسب الحرام إن الرد واجب للعين مع القيمة استصحاباً للملك ويجوز للمال أخذ ماله وإن أتلف من الغاصب من المال فأتلف فلو أتلف قنطاراً من الذهب على درهم جاز إذا توقف التوصل إلى حتمه على ذلك بل احتمل بعضهم أنه لو توقف على إزهاق دم الغاصب والوصول إلى ماله جاز للشك في احترام نفس الغاصب والحال ذلك فيكون حكمه حكم الدفاع ولكنه بعيد عن ظاهر الفقاهة والفقهاء وللدفاع حكم آخر فعلى ذلك فلو غصب لوحاً فأدخله في سفينة في البحر فإن خشى بإخراجه ذهاب نفس غير الغاصب حرم عليه قلعه ولزمه الانتظار وإن خشى ذهاب نفس حيوان لغير الغاصب فكذلك وإن أمكن ذبحه وإن خشى على ذهاب نفس الغاصب فالأقوى أيضاً لزوم الانتظار مع احتمال جواز إزهاق نفسه لذهاب حرمتها بالغصب ولكنه ضعيف وإن خشى ذهاب نفس حيوان للغاصب فإن أمكن ذبحه فالأقوى جواز ذبحه وإن لم يمكن فالأظهر لزوم الانتظار لاحترام نفس الحيوان وإن خشى ذهاب مال الغير الغاصب وكان صاحبه غير عالم بالغصب حين وضع ماله فيها لزمه الانتظار مع احتمال جواز اخراج اللوح والضمان على الغاصب وإن خشى ذهاب مال الغاصب فالأقوى جواز الإخراج ولا يلزمه الانتظار لسقوط حرمة مال الغاصب بغصبه ولقوله ((): (الحجر المغصوب في الدار رهنا على خرابها) ولأن الضرر داخله على نفسه ونقل عن الشيخ في المبسوط والتذكرة والسرائر عدم جواز قلعها وإتلاف مال الغاصب لأن السفينة لها أحد ينتظر بأن تقرب إلى الساحل فيأخذ لوحه ويأخذ أجرته وله أن يأخذ قيمته في الحال لمكان الحيلولة وله الخيار عند قربها للساحل بخلاف اللوح المثبت في الدار التي لا أحد لها فإنه هناك يلزم الغاصب بقلعه وإن خربت الدار ولو اشتبهت السفينة بسفن للمالك أو الدار يدور ولم يمكن إخراج اللوح وتميزه إلا بخراب الجميع جاز ولو امتزج مال المالك بمال الغاصب خرجا يثق تميزه لزم الغاصب ذلك ولو توقف التميز على إتلاف مال المالك ألزم الغاصب بأرشه ولو خيط الثوب بخيوط مغصوبة كان للمالك نزعها ولو تلف الثوب ولو بقيت الخيوط بعد النزع لا قيمة لها لزم الغاصب بالقيمة وبمالا قيمة له من الخيوط على الأشبه وعلى المشهور ويكفي دفع قيمة الخيوط ولا يجب النزع والحال هذه ولو خيط بها جلد إنسان وتضرر بنزعها ألزم الغاصب بقيمتها وحرم النزع ولو كان الإنسان هو الغاصب أو هو العالم بالغصب مع احتمال جواز النزع لو كان هو الغاصب سيما لو كان الضرر يسيراً ولكن لو خاط بها جلد غيره وكان غيره جاهلاً فلا يشك في استقرار الضمان عليه وإن كان غيره عالماً ففي كون قرار الضمان على المخيط أو المخاط بهما وجهان من أن المخيط هو التلف بخياطته ومن أن المخاط هو المتلف بقبوله ذلك وببقائه تحت يده وانتفاعه به فكان عاد إليه نفعاً وإتلافاً وهو الأقوى ولو خيط به جلد حيوان محترم فإن كان غير مأكول فحكمه حكم الإنسان على الأظهر وإن كان مأكولاً فإن بغير الغاصب أو العالم بالغصب فكذلك لحرمة روحه وجواز ذبحه للأكل لا يجوز ذبحه لغيره فيضمن قيمة الخيط مع احتمال جواز ذبحه لمنع اختصاص جواز ذبح الحيوان بقصد الأكل ويضمن الغاصب النقص لمالك الحيوان وهو تفاوت بين كونه مذبوحاً وغير مذبوح ولكن ظاهر الفقهاء على عدم الذبح ولو قيل بجواز الذبح أن رضي المالك وإن لم يرض فلا يجوز ولا يجبر لكان وجهاً ولو كان الحيوان للغاصب وشبهه ففي جواز ذبحه للأصل وللشك في بقاء عوضه والحال ذلك فيجمع بين الحقين ذبحه وإرجاع الخيط الجاهلة نعم لو لم يمكن ذبحه لزم ورد قيمة الخيط إلى أهله وعدم جواز ذبحه لاحترام الحيوان وللنهي عن ذبح الحيوان بغير أكله مالكه وحرمة الذبح لغير الأكل فيجمع بين الحقين رد قيمة الخيط وبقاء الحيوان ولو مات المخاط فإن كان حيواناً فلا حرمة له وانتزع الخيط منه وإن كان إنساناً فإن أدى به المثلة سواء خيط به حياً فمات أو ميتاً سقط لزوم النزاع ودفع الغاصب القيمة وإن لم يؤدِ إلى ذلك انتزع الخيط منه ورده إلى مالكه وعلى كل حال فيملك الغاصب الخيط بعد دفع القيمة ويجوز له الصلاة به مع احتمال أنه لا يملكه والدفع لمكان الحيلولة وقد يقال بجواز الزام الغاصب بنزع الخيط وإن حصل ضرر ما لم يصل إلى التلف وشبهه لأنه يؤخذ بأشق الأحوال ويجوز إلزام الغاصب بشراء الحيوان عن أهله وذبحه بناء على جواز ذبحه لغير الأكل ويظهر من ذلك حكم ما لو ابتلع مغصوباً كدينار ودرهم أو جوهرة شخص إنسان محترم كالمسلم فإنه لا تشق بطنه بل يؤخذ منه المثل والقيمة ولو بلعه حربي أو كافر مرتد جاز شقها وكذا لو كان عليه قصاص جاز لأهل القصاص ولو بلعه حيوان غير محترم شقت بطنه كخنزير وكلب أو أحد السباع المؤذية ولو بلعه حيوان محترم غير مأكول لا تشق بطنه وغرمه الغاصب المثل والقيمة للحيلولة ولو ابتلعه حيوان مأكول اللحم فإن كان ملكاً للغاصب قوى القول بوجوب ذبحه وشق بطنه ويحتمل جواز ذلك بناء على عدم جواز ذبحه لغير الأكل فحينئذٍ يغرم صاحب المثل أو القيمة للحيلولة ولو كان الحيوان لغير الغاصب الزم الغاصب بشرائه وشق بطنه ويحتمل عدم جواز ذلك بناء على عدم جواز ذبحه لغير الأكل فحينئذٍ يقوم الغاصب المثل أو القيمة للحيلولة ولو كان الحيوان ولا يجب على المالك إجابته على الشراء فإن لم يجبه المالك غرم الغاصب المثل والقيمة وينتظر حينئذٍ موته أو ذبحه ولو ابتلع حيوان غير مأكول لمال شخص من دون تفريط من المالك في حفظ الحيوان لم يغرم مالك الحيوان ولزم المالك الانتظار إلى موت الحيوان ولا يجبر المالك على شق بطنه ولو كان مأكولاً أمكن القول بجواز جبر المالك على ذبحه وإعطاء قيمته وأخذ صاحب المال ماله بعد شق بطنه والأظهر عدم جواز الإجبار ولزوم الانتظار إلى ذبحه أو موته ولا يغرم المالك شيئاً لعدم تفريطه ولو ابتلع إنسان محترم مالاً مغصوباً فمات ففي شق بطنه وإخراجه وجه والوجه الآخر لزوم دفع المثل أو القيمة من ماله وعدم شق بطنه إلى صيرورته رمياً فيعود المال للمالك ويرجع بما دفع إليه من تركته ولو كان الإنسان غير محترم شقت بطنه ولو ابتلع شخص من ماله شيئاً خطراً فمات فهل للوارث شق بطنه لا يبعد عدم جواز ذلك مع احتمال الجواز لإسقاط حرمته بإذهاب ماله ولكن هذا الاحتمال في المغصوب أقوى ويشتد الإشكال لو مات فدفن لحرمة هتك حرمته بالشق والنبش وهل لزوم الجرح أو الشيء للزوم الموت في الحكم بسقوط أخذ المال والرجوع إلى المثل والقيمة ظاهر من رأيناه من الأصحاب ذلك مع احتمال جواز تحمل الجرح للغاصب عند رفع المغصوب بما لو لم يكن الضرر كثيراً للأخذ به باشق الأحوال ومبنى أكثر هذه المسائل مبني على تعارض عموم حرمة القتل والجرح للمسلم وعلى وجوب رد المغصوب ومبنى على دخول الفرد في حديث (لا ضرر ولا ضرار) وعدم دخوله في ترجيح أحد الفردين على الآخر وعدمه قتأمل.