انوار الفقاهة-ج18-ص9
سابعها:من أسباب الضمان الإتلاف مباشرة وهو إيجاد علة التلف بحيث يقال عرفاً أنه متلف للشيء سواء دخل تحت يد أو لم يدخل كما إذا أتلفه من دون قبض أو استيلاء وإجماعاً بقسميه وللقاعدة المسلمة من أتلف مال غيره فهو له ضامن ولدخوله مع الضمان تحت قوله (() (لا ضرر ولا ضرار) إذ لو بقي المتلف من دون إجبار بالضمان للزم الضرر المنفي في الشريعة ولما ورد في الموارد الجزئية من الضمان في مقامات بعلم منها بتنقيح المناط وإلغاء الفارق أو فحوى الخطاب أو الإجماع المركب المساواة بين جميع أنواع الأموال المتلفة ومن أسبابه الإتلاف تسبيباً وهو في الجملة إجماعي تحصيلاً ونقلاً ووروده في خبر السكوني فيمن أخرج ميزاباً أو كنيفاً أو وقداً دابة أو حفر شيئاً في طريق فأصاب فهو له ضامن وفي الصحيح عن الحلبي في الشيء يوضع على الطريق فضربه الدابة فتنفر بصاحبها فيقصره فقال كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن وفي آخر من أضر بشيء في طريق المسلمين فهو له ضامن وفي آخر فيمن حفر بئراً في غير ملكه فوقع فيها رجل قال عليه الضمان لأن كل من حفر بئراً في غير ملكه كان عليه الضمان وفي خامس فهو له ضامن لما يسقط فيها دليل على العموم لكل ما تشابه الطريق من مشارع وشوارع ومساجد بل وأملاك وأوقاف عادة الناس السلوك فيها ولكل ما شابه الميزاب أو الكنيف أو الوتد أو البئر من احجار أو أخشاب أو قشور أو ميتات أو مياه ميدرة أو خرق أو بالوعة أو سرداب أو ضميرة اما تنقيح المناط أو فحوى الخطاب أو عدم القول بالفصل أو فهم الفقهاء أنه من باب المثال أو التنبيه أو من باب الاستقراء إذ قد يكفي في الاستقراء أن يتبع قليلاً من المواد فيقطع فيها أن النوع متحد وكذا ما دل على ضمان شاهد الزور نفساً وطرفاً ومالاً عند تزويره أو عند رجوعه من شهادته وضمان الحاكم لو تعمد الباطل أو أخطأ وضمان المهر لو رجع شاهد الطلاق عن شهادته بعد التزويج وما دل على رجوع المغرور على من غره ورجوع المكره على من أكرهه تقية فإن الجميع يدل على ذلك في الجملة نعم الكلام في بيان موضوع ما يتحقق به الضمان إذ ليس في الأخبار له حد يعرف وليس له اسم أو وصف به يوصف نعم يجعلون الفقهاء وما أتلف بالتسبيب من أحد أسباب واختلفت عباراتهم في تفسيره فبعضهم قال هو كل فعل يحصل التلف بسببه كحفر البئر في غير المالك وكطرح المعاثر في المسالك قيل وفيه دور لأخذ السبب في تحديد التسبيب فكأنه أراد به بواسطة أو عنده أو معه ما عبر غيره مع أنه يشمل المباشرة وبعضهم أن ما له دخل في هلاك الشيء أما أن يضاف إليه هلاك الشيء إضافة حقيقية فهو المباشرة بل قد يضاف إليه إضافة مجارية كما يقال هلك فلان بسقاية فلان وأما أن لا يكونا كذلك وهذا إما أن يكون من شأنه أن يقصد بتحصيله ما يضاف إليه فهو السبب والاتفاق به سبباً ولم يذكر الثالث لعدم الفرض به وبعضهم أنه إيجاد على التلف وأرد علته الحقيقة التي يضاف لها الفعل على وجه الحقيقة وبعضهم أنه ما لولاه لما حصل التلف لكن علة التلف غيره كالمحقق في الديات وبعضهم كالدراسة في القواعد أنه إيجاد ما يحصل التلف عنده إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة كالحافر وفاتح رأس الظرف والمكره على الإتلاف وذكر في التصاق الشرط والعلة والسبب فالشرط ما يتوقف عليه تأثير الوافر ولا مدخل له في أهلية كحفر البئر بالنسبة إلى الوقوع مستنداً إلى علته وهي التخطي ولا يجب به قصاص وأما السبب فهو ما له أثر في التوليد للعلة لكن بسببيه الشرط من وجه كالإكراه وشهادة الزور وتقديم الطعام للضيف وقال أيضاً السبب كل ما يحصل التلف عنده بعلة غيره إلا أنه لولاه لما حصل للعلة تأثير الحفر مع المتردي وتردد في ضمان ما لو حبس دابة فمات ولدها جوعاً أو حبس المالك عن حراسته ما يشبه فاتفق تلفها أو غصب دابة فتبعها ولدها وأبان في الإيضاح وجه التردد في الأول من أنه مات بسببه لصحة إسناده إليه عرفاً ولأن السبب فعل ما يحصل الهلاك عنده لعله سواه وزاد آخرون ولولاه لما أثرت العلة فعلى هذا ليس هو السبب ولأنه يمكن اعتياضه بغيره فهو أعم فليس بسبب إلى آخر ما ذكر وبعضهم إلى أنه أي السبب إيجاد ملزوم العلة قاصد التوقع تلك العلبة وفي الدروس أنه فعل ملزوم العلة وذكر بعضهم أن أخذ القصد لتوقع تلك العلة مفرازاً حفر البئر قد لا يقصد الحافر به توقع تلك العلة الموجبة للتلف ولا قصدها أثره مع ضمانه للسببية وحمل ذلك على ما إذا كان حدوث المقتضى للتلف على تقدير ذلك الفعل نادراً فإنه لا يعد سبباً ولعله أراد بقصده كون شأنه ذلك وبالجملة فيظهر من بعض اشتراط إدارة القصد إلى وقوع تلك العلة ويظهر من بعض اشتراط إرادة المنشائية إلى ذلك القصد أو إلى التوقع ويظهر من بعضهم اشتراط إرادة الأكثرية ويظهر من بعضهم إرادة صلوح ذلك القصد ولو في بعض الأحيان والأظهر اشتراط أغلبية وأكثرية ومنشائية ذلك السبب للتأثير في ترتب التلف على وقوع علته لا كثرة وقوع التلف في ذلك السبب كحفر البئر فإنه منشأ لهلاك الواقع فيها وقل ما ينفك الواقع فيها عن الهلاك لا أنه منشأ لأن يقع فيها أحداً ومن الممكن صدور الحفر ألف سنة ولا يقع فيها أحد وكذا البالوعة وكذا المعاثر فقد لا يقع فيها أحد فضلاً عن الغالب فإرادة الأغلبية أغلبية التأثير في الهلاك أو في الضرر إذا دفع فيها أحد فالأظهر حينئذٍ أن المراد بالسبب كما هو المفهوم من الأخبار وهو عبارة عن فعل منشئته أنه لو صادفه فعل آخر مقتضى الهلاك فيه لو وقع فالعلة هو الفعل الثاني والشرط هذا الفعل الأول فإنه لولاه لما دفع الهلاك بالوقوع والتردي فيراد بالسبب ما هو أعم من الشرط والسبب الذي يلزم من وجوده الوجود ومن المقتضى ومن المعد لحصول الشيء بحيث يعد من العرف أن له تأثير في ذلك فلو لم يعد أن له تأثيراً لبعده كآلة الحفر فإن صانعها غير ضامن وكذا صانع الآجر الذي قد وضع في الطريق فإنها وإن كانت شرائط في التأثير ولكن لا يقال لها في العرف أنها مؤثرة وأسباب وكذا ما يترتب عليه التأثير نادراً كمن عثر بالنواة فهلك فإن واضعها لا يضمن لعدم منشائيتها لترتب الهلاك عند العثار بها غالباً بل عليه التأثير نادراً كمن عثر فهلك فإن واضعها لا يضمن لعدم منشائيتها لترتب الهلاك عند العثار بها غالباً بل وعدم القصد إلى ذلك بل ولو قصد الهلاك لم يكن القصد مؤثراً فما يقطع من الأخبار لسببية لكونه مما ذكر فيها أو مثلها قطعاً حكم بضمانها فاعله وحكم المشكوك فيه حكم المقطوع بعدمه للأصل وكثيراً ما يقع التردد في سببه الشيء لضعفه أو للشك في فرديته للكلّي المتصيد من الأخبار وكلام الأصحاب فلو حبس شاة فمات ولدها جوعاً أو تبعها ولدها أو حبس المالك فضلت دابته أو تلفت أمواله لعدم الكافل فإنه مما يقع التردد في كون الحبس للهلاك والظلال والظاهر أن وضع المعاثر وحفر البئر وإن كانا سببين للهلاك مطلقاً إلا انهما ليسا سببين للضمان كذلك إذ لو حفر البئر في ملكه المختص أو المشترك مع أعلام شرائه لم يكن ضامناً إلا إذا غر أحداً فناداه ولم يعلمه وإن الداخل من غير إذن فدمه هدر ولو حفر في المشترك من دون إعلام الشركاء فالظاهر الضمان ولو حفر في طرق المسلمين لمصالحهم فوضع عليها أبنية وجذوع بحيث لا يترتب على الحفر ومع ذلك الهلاك لم يكن ضامناً ولو ضربت تلك الأبنية والجذوع بعد ذلك لزم الحافر إصلاحها فلو مات الحافر لزم إمام المسلمين ذلك فلو فرط فيها إمام المسلمين أن الضمان في بيت مال المسلمين في وجه واحتمال الضمان في توكد الحافر فما دام له مال يلزم الوارث إصلاح من ماله بعيد ولو حفر بعيداً عن الطريق فلا ضمان في أرض مباحة ومثلها وإن كان مما تصله الناس لبعض الأعراض ففي الضمان وعدمه وجهان وكذا لو حفر في غير الطريق إذا احتمل وصول أد إليها ولو حفر بطريق المسلمين من غير مصلحة لهم بل بقصد الغرر لزمه الضمان وإن جعل عليها أبنية وجذوعاً في وجه.