انوار الفقاهة-ج18-ص7
[ جزاء سيئةٍ سيئة مثلها] وفيه أن الحديث الأول أصل لكنه ضعيف سنداً ودلالة فلا يؤخذ بعمومه إلا مع اقترانه بدليل خاص أو شهرة أو نحو ذلك والآيات لا تدل على أخذ المال مضمون فهي كذلك باطل لأن منافع الحر ما لم توجد لم تكن مالاً وتفويتها ليس بتفويت مال ودعوى أن نفس القابلية الموجودة مالا في الحر فعند المنع من ظهور أثرها يكون متلفاً لها باطل لمنع كون نفس القابلية ما لا ولو سلم فلا نسلم دخولهما تحت اليد وبعد كونها تحت يد الحر فهذا لو أبطل الغاصب جميع منافع تؤخذ منه سوى دية العضو دون قيمة المنافع أما المستأجر كالأجير الخاص فالظاهر أنه في قوة المال المحقق يعد ملك المنافع للغير فحينئذٍ فلو حبسه المستأجر في المدة الخاصة أو بذل نفسه للمؤجر وصل إليه العمل ولو حبسه غيره ضمن للعين أجرة المثل ولو امتنع هو عن العمل ضمن أيضاً أجرة المثل ولو استوفى عمله غير المستأجر ضمن للمستأجر أجرة عمله وذلك لأن منافعه بالعقد خرجت من يده ومن ملكه فصارت ملك غيره فتكون مالاً لغيره وقد يناقش فيما لو حبسه المستأجر في الزمن الخاص مع عدم بذل منافعه للمستأجر فقال بعدم ضمان الحابس لشيء لأن منافع الحر تحت يده فلا تدخل في ضمان غيره نعم تنفسخ الإجارة لعدم قدرة المحبوس على الوفاء بل قد يقال بانفساخها لو حبس الأجير الخاص غير المستأجر ولا يضمن الحابس شيئاً ومثله كمن حبس شخصاً وعليه ثوب لغيره فإن الثوب تحت يده ولا يدخل في ضمان الحابس ولكن ظاهر الأصحاب أن حبس المستأجر بمنزلة إيصال المنفعة إليه واستيفائها منه وأما المستأجر غير الأجير الخاص وهو المستأجر لعمل في غير زمان خاص فإن بذل نفسه للمستأجر فلم يستعمله من غير عذر فالظاهر استقرار الإجرة وفراغ ذمته من العمل بعد مضي مدة يتسع العمل كما قالوا لو استأجره لقلع ضرسه فبذل نفسه حتى مضت مدة يمكنه القلع فبرأ الضرس استقرت الأجرة والأحوط الرجوع للحاكم وقبوله البذل عن المستاجر وإن حبسه المستأجر من دون ملاحظة البذل مدة يمكن استيفاء عمله منه فهل تستقر الأجرة عليه وتفرغ ذمة الأجير من العمل لحديث (لا ضرر ولا ضرار) ويكون عمله ساقطاً من ذمته من قبيل المقاومة ولقوله تعالى (مَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) و (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) أو يبقى مشغول الذمة بالعمل المستأجر عليه ولا يضمن الحابس لما ذكرنا من أن منافع الحر تضمن بالاستيفاء ولا بالتفويت أو يضمن أجرة مدة حبسه ويبقى الأجير مشغول الذمة بالعمل وجوه أوجهها الوسط وقد بنى بعضهم المسألة على أن منافع الحر في عقد الإجارة تمليك للمنافع أو التزام عمل في ذمة المستأجر فعلى الأول يضمن بحسبه ويرد المستأجر من العمل لأنه قد استولى على ملكه ودخل تحت يده فوصل إليه وعلى الثاني لا يبرأ لأنه بمنزلة الدين ولا يبرأ الدين إلا بالاستيفاء أو الإبراء وفيه نظر ظاهر لأن صيرورة الحبس للحر إيصال لمنافعه للحابس يد ضمانها عليه هو أول الكلام نعم ظاهر الاصحاب تسليم ذلك في منافع المملوك كمن حبس عبداً كان مستأجره أجيراً خاصاً بل أو عاماً فحبسه زمان يمكن استيفاء ذلك العمل فيه ولولا أن ذلك إجماع لأمكن المناقشة في الأجير بل غايته ضمان المنفعة مدة الحبس بأجرة مثلها أو بقاء العمل مملوكاً للمستأجر بعين المملوك ودعوى الوفاء قهراً من قبيل التهاتر القهري محل كلام بل قد يناقش في الأول مع عدم بذل الموجود منفعة الدابة أو العبد كما إذا حبسهما المستأجر قبل البذل.