انوار الفقاهة-ج18-ص6
خامسها: منفعة المملوك ثابتة له في ضمان اليد وضمانها إلى حين التلف ولو كانت المنفعة لغير المالك مدة فهل لصاحب المنفعة تغريم الغاصب تلك المدة بعد التلف لقيام المنفعة في العين وقبضها بقبضها والمفروض تلف العين في يده فتلف المنفعة كذلك قد يقال ذلك إلا أن الظاهر أن المنافع بمنزلة المعدوم ولكن تنزل منزلة الموجود وتقدر أنها القابلية القائمة في العين ما دامت العين موجودة ومع تلفها فهي معدومة فلا يدخل تحت اليد منها إلا ما كان مقارناً لبقاء العين وأما منافع الحر فهل تضمن بالفوات تحت اليد وتضمن بالتفويت بمعنى أنها تفوت لسبب اليد ولولا اليد لما فاتت أو تضمن بالاستيفاء ووصول المنفعة إلى المستوفى بحيث يدخل العمل الصادر من الحر تحت يده ويصل إليه ولا يضمن بغير ذلك أو يفرق بين المنفعة المنتقلة إلى غيره باستئجار ونحوه فتضمن بالتفويت على المستأجر أو الاستيفاء بين غيره المنتقلة فلا تضمن إلا بالاستيفاء أو يفرق بين انتقال المنفعة مطلقة أو معينة إلى نفس الغاصب فيضمنها بالفوات والتفويت والاستيفاء وبين عدمه فلا يضمنها إلا بالتفويت أو الاستيفاء أو يفرق بين كون الحر صاحب صنعة فتضمن منفعته بالتفويت وبين غيره فلا يضمن إلا بالاستيفاء وهل يفرق بين منفعة البضع وغيرها أم لا وتحقيق المسألة مبني على أن المنفعة الحر ما لا مطلقاً أو ليست ماله مطلقاً أو مالا إذا انتقلت لغيره دون ما لم تنتقل وهل هي من المعدوم أو الموجود ومع كونها من الموجود فهل هي القابلية الكامنة في بدنه أو الأعمال الصادرة عنه المستوفيه لغيره وهل يمكن دخول المنفعة تحت اليد والحال أنها تابعة لما لا يدخل تحت اليد وهو الحر أم لا يمكن وبالجملة فهل المنفعة تابعة للعين في ضمان اليد فما لم يدخل المتبوع لم يدخل التابع أو ليست بتابعة وهل منفعة الحر تحت يده فلا يمكن دخولها تحت يد غيره أم لا وهل ملك النافع على الحر من قبيل الدين عليه فيملك عملاً في ذمة كما يملك مالاً عليه فلا يزول إلا بالوفاء والإبراء أو بمنزلة التمليك لحركات بدنه وسكناتها المكفية بتلك الكيفية عند الوفاء والاستيفاء وبالجملة فهل تملك منافعه أو يملك عليه أو لا يملك فيه وتقسم منافع الحر فمنه ما لا يملك لقلته أو لعدم منفعته كالقبلة واللمس بل ليس بمال ومنه ما يشك في كونه مالا وكونه مملوكا كملك الأموال كالبضع فإن من أثار البضع ما يقضي بأنه كضمانه بالاستيفاء مع الجهل والإكراه وضمانه بالتفويت في نحو الرضاع وشبهه ومن أثاره ما يقضي بعدم كونه مالاً كعدم ضمانه للزوج عند الاستيفاء مع أنه هو العائد إليه وعدم تقدير لقيمته لرجوعه إلى مهر المثل ومهر المثل ليس من القيم فلعله حكم شرعي وحق مالى جاء به الدليل عند الوطء بالشبهة ونحوه كما سبب العقد المسمى في مقابلة البضع لا على وجه المعارضة بل على وجه إذ الربط بين الزوجين كان بذلك وعلى ذلك فهو من قبيل الشرائط ولو كان عوضاً عن البضع لأفسد عدم ذكره أو بطلانه لما قابله ومنه يعلم بلزوم العوض عليه فيبذل عليه أنه مال وذلك كالاستخدام للحر اما قهراً أو التماساً بحيث صدر الفعل منه للملتمس بأمره أو بإذنه فإنه يلزم الأمر أجرة المثل ما لم يعينا مسمى خاصاً وهي بمنزلة القيمة للفعل أما لو صدر من غير أمره كما إذا صدر رجحاناً وإن أقره المستوفي وسكت عنه أو صدر باباً منه أو صدر بقول مجمل لم يعلم فيه الإرادة ويشترط أن يكون لذلك العمل أجرة عادة يد وإن يكون المأمور ممن يطلب الأجرة على ذلك فلو قامت القرائن على عدم أخذ المأمور أجرة كالتماس الأخوان والعلماء على قضاء الحوائج لهم من الشفاعة في تزويج أو قضاء حاجة يعتاد فيها التبرع فيما بينهم ولزوم الأجرة في هذا المقام إجماعي سواء قلنا بأن العمل مال قد أوصله المأمور للأمر فهو المنفعة المستوفاة فعليه ضمانها أو قلنا أنه ليس بمال ولكنه محترم عند الشرع فمن وصل إليه رفع عوضاً وكم من مال تربت لزومه على غير مال وأما لو حبس الحر حابس فعطله عن المنافع فإن لم يكن ذو حرفة وصنعة فالوجه عدم ضمان منافعه سيما لو أن من البطالين أما لو أن ذو صنعة فعطله بحبسه عنها فالمشهور عدم الضمان أيضاً للأصل ولعدم دخول منافع الحر تحت ضمان اليد ولأن منافع الحر كثيابه لو تلفت وهو في الحبس وهي عليه وكذا لو منعه عن العمل خوفاً أو تقية أو التماساً أو حباً فإنه لا يضمن مع التفويت بدون حبس للاصل والسيرة بل والإجماع إنما الكلام في التفويت مع الحبس ويظهر من بعض الأصحاب الضمان هنا مع التفويت وحمل عدم الضمان في عبائر الأكثر على حصول الفوات من دون تفويت بحيث يكون الحبس سبب فيه استناداً إلى حديث: (لا ضرر ولا ضرار) وقوله: (من اعتدى) و