انوار الفقاهة-ج18-ص5
ثالثها:لو وقعت الأيدي على المغصوب دفعة وكان الجميع بمنزلة غاصب واحد ضمن الجميع بالسوية إلا إذا زاد أحدهم بقدر خاص ولا اعتبار بإزدياد القوة والضعف إلا إذا أرث زيادة القوة إلى زيادة النصيب في الاستيلاء الغصبي ولو كانت يد كل واحد منهم بحيث لو انتقلت لكانت غاصبة عرفاً فالغصب مستند لكل واحد منهم للكل كان للمالك أن يغرم كل واحد منهم الكل وله أن يزيد وينقص نعم لو غرم الكل واحد منهم عاد المغرم على الباقي في ما زاد على قدر نصيبه إن كان استقرار التلف في أيديهم جميعاً وإلا رجع على من استقر التلف عنده إن لم يستقر التلف عنده وإن تعاقبت الأيدي على المغصوب تعاقبا استقلالياً كان للمالك الرجوع على كل واحد منهم في الكل وفي البعض وفي التوزيع مع العلم والجهل لعموم دليل ضمان اليد الشاملة للعلم والجهل وهي الرواية المعتبرة المنجبرة بفتوى الأصحاب وعملهم من دون رد أو نكير فهي أشبه شيء بالقواعد الشرعية المسلّمة عند أصحابنا فمن خصّ رجوع المالك مع الغاصب الأيدي على المعالم العادين لمكان غصبه فقد بعد عن ظواهر الأصحاب وقواعد الباب والظاهر أن الذمة المشغولة بمال المالك حقيقة بحيث يحال عليها ويضمن عنها ويجوز الاحتساب عليها بخمس أو زكاة أو نذر وتفرغ ذمة الباقي بها ابرأ هو من استقر التلف عنده أو من كان عالماً دون من لم يستقر التلف عنده إلا إذا كانت يد الجاهل يد ضمان نعم لو رجع على غيره من استقرار التلف لزمته التأدية عن من استقر التلف فإذا أدى للمالك عنه عاد مال المالك له بحكم المشهور فهو من باب المعاوضة القهرية فيعود المؤدى على من استقر التلف عنده ليأخذ منه مال المالك والمطالب له يوم القيامة هو لعودها إليه ويحتمل عود مال المالك لذمة الجميع كتعلق الواجب الكفائي بالكل ويسقط بفعل البعض نعم لو أبرأ غير من استقر التلف عنده لم يبرأ من استقر وفي جواز الاحتساب على غير من استقر إشكال.
رابعها:لا يضمن الحر ضمان يد صغيراً كان أو كبيراً عاقلاً أو مجنوناً ما لم تكن اليد سبباً لإتلافه أو مباشرة له وإن اختلف السبب في القرب والبعد وعموم دليل ضمان اليد يشك في شموله لضمان الحر للشك في دخوله تحت أخذت وإن كان الأخذ من وليه ولكنه خلاف الظاهر على أن الرواية ظاهرة في الضمان ودفع الدية غير داخلة فيها فلم يبق إلا لزوم رد الغين ونحن لا ننكره ولو أخذه الصغير والمجنون أو المريض أو النائم من مقره فطرحه في مظنه هلكه أو فرط في حفظه وكان الصغير بحيث يلزم حفظه لصغره وعدم قدرته على المنع لصغير الحيوان وعدم إمساكه نفسه من وقوع وتردي ضمن لأنه السبب في إتلافه عرفاً وظاهر كلام بعض الأصحاب نقل الإجماع على عدم ضمان الحر ضمان يد وغصب ما لم يدخل دليل الإتلاف سبباً أو مباشرة من غير فرق بين موته سبب كلدغ الحية والعقرب أو وقوع حائط أو بدون سبب الموت حتف أنفه لأن إثبات اليد إنما تكون بالأموال والحر ليس بمال ونقل عن الشيخ أنه لو تلف الصغير في يد الغاصب سبب ضمن الغاصب وظاهر النقل أن الضمان من جهة نفس اليد لا من جهة سببية الإتلاف ولهذا عد قولاً وربما استدل له بأن الضمان مما يناسب العدوان وبان سد باب الضمان ربما يؤدي إ لى الاحتيال بقتل الأطفال وربما روى من استعار حراً صغيرا فعيب ضمن والجميع ضعيف لا يقاوم الأصل وفتوى المشهور بل المجمع عليه والأول والثاني من المناسبات العقلية فلا تصح لتأسيس الأحكام الشرعية وأما الرواية فضعيفة سنداً ودلالة ولعل المراد به أنه هلك فيما استعير له من الأعمال فكأنه غاب سبب اليد ويظهر من جميع الميل إلى ذلك تنزيلاً لكلام الشيخ على صورة كون الموت سبب مسبب عن وضع اليد لمكان ضعف الصغير عن دفع المهلكات والتفريط في حفظه ولم يسترده للكبير نعم قد يسري لكل ما كان كالصغر من مرض أو جنون ونحوهما وعلى هذا فيعود النزاع لفظياً نعم للصغير مدخلية في الضمان زيادة على غيره من جهة الظاهر لأن الظاهر غالباً أن موت الصغير بسبب إنما يكون ناشئاً عن التفريط في الحفظ.