انوار الفقاهة-ج18-ص2
ومنها: أن الغصب مطلقاً أو الترتب عليه الضمان يدخل في معناه على بعض الحدود السابقة الاستقلال باليد وعدم المشاركة للمالك في القبض إذا كان في قبضه سلطنة أيضاً مع المالك كما إذا قبض شيئاً كان المالك قابضه بيده ولم يكن قبض المال متعيناً مستهلكاً بالنسبة إلى الغاصب بل كان كل من المالك والغاصب مشتركاً في السلطنة فكان كل منهما جزء بسبب أو كان كل منهما لو انفرد لكان مستقلاً في الاستيلاء والسلطنة اما لو كان قبض الغاصب ضعيفاً مستهلاً فلا شبهة في عدم الضمان وإن حرم التصرف واللمس باليد للمغصوب ولكن في هذا كلاً فلقائل أن يقول هنا بالضمان كما يقول بالتحريم وقد يظهر من الحد عدم مشاركة غاصب آخر لهذا الغاصب ولكن هذا لا يلتزمه أحد نعم في ثبوت الضمان عليهما معاً أو ثبوته على كل منهما مستقلاً أو الفرق بين ما لو كان لو انفرد أحدهما مستقلاً فالضمان على كل منهما وبين ما اشتركا على الهيئة الاجتماعية فالضمان موزع عليهما كلام يأتي إن شاء الله تعالى.
ومنها: يحتمل القول بخروج لفظ الغصب عن المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي ويكون اختلاف التعارف لاختلاف انظارهم في المعنى الموضوع به ويرشد إلى ذلك أن جملة منهم لم يأخذوا قيد العدوان والظلم وظاهر أهل اللغة قيد الظلم داخل فيه وإن هذه التعاريف تعاريف باللوازم كالبلاغة تتبع خواص تراكيب البلغاء ويحتمل أن له معنى متشرعي لا شرعي وإن هذه الحدود كاشفة عن ذل المعنى المتشرعي واختلافهم فيهما لاختلاف أنظارهم أو أن ذلك التعريف باللوازم ويحتمل أن هذه الحدود تعريفة باللوازم للكشف عن المعنى الغوي ويحمل كلام أهل اللغة على تعريف الفرد الأظهر ويحتمل أن هذه التعاريف تعاريف للغصب الذي يترتب عليه ثمرة فقهية من لسان الفقهاء.
ومنها: أنهم أخذوا المال من جملة من التعاريف وأورد عليهم خروج غيره فأبدلوه بالحق وهو أوفى لخروج ما لا يتمول عن الغصب وخروج البضع عن لفظ الغصب من أنه قد ورد شرعاً وعرفاً إطلاقه على البضع وخروج غصب حق الانتفاع من الطرق والمدار من الأوقاف العامة بل ربما يطلق الغصب على غصب الحر الصغير الداخل في ضمان غاصبه وغصب الحيوان المستحق الذي لا يملك.
ومنها: أنهم أخذوا قيد أنه للغير لا خراج مال نفسه المرهون أو المحجر عليه لموت أو فلس فإنه لا يسمى غصباً للمال ومن أبدل المال بالحق دخل ذلك لأن الراهن لو أخذ الرهن فهو أفقد غصب المرتهن حقه من وضعه تحت يده أو بيده من يتراضيان عليه.
ومنها: أن منهم من أخذ قيد العدوان وظاهره العدوان الحقيقي لأن لفظ العدوان كلفظ الظلم يدخل في مفهومه الإقدام على الحرمة بنظر القادم على موافقته للمواقع فعلى هذا فلو لم يعلم الغاصب بالحرمة لم يكن غاصباً فالجاهل والمغرور والناسي ليسوا بغصاب كما أن الولي والوصي والحاكم الشرعي والقابض حسبه ليسوا بغصاب وكذا من وضع يده على ماله يزعم أنه مال الغير جهلا فوضعه حراماً فإنه ليس بغاصب لعدم مطابقته للواقع ومن أبدل لفظ العدوان بغير حق دخل الأولى من الغصب إلا أن يراد بغير حق عنده والجاهل والناسي لا يرى ذلك ويخرج الثاني إن أريد بغير حق واقعاً وإن اريد بغير الحق واقعاً وإن أريد عنده دخل.