پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج17-ص38

أحدهــا: المراد بالدرهم ها هنا الدرهم الوافي وهو البَغلّي بتشديد اللام وفتح الغين والباء نسبة إلى بغل قرية في الجامعين أو بفتح الباء وتسكين الغين نسبة إلى راس البغل لشبهه به أو إلى قرية ببابل متصلة بالجامعين تسمى بغل أو إلى عامله المسمى بذلك أو إلى راس البغل ضرب للثاني يسكه كسروية فسميت في الاسلام بغلية والوزن سواء وهو عبارة عن المضروب من ثمانية دوانيق المقابل للطبري المضروب من اربعة والاسلامي المضروب من ستة وقدر بأخمص الراحة أيضاً المنخفض منها وبسعة العقد الاعلى من الابهام وبسعة العقد الاعلى من الوسطى أو السبابة ويعتبر فيها مستوى الخلقة أو با الدينار أو بدرهم وثلث وقيل أنّ الدرهم الوافي غير البغلي وهو خلاف ظاهر المشهور وحمل الروايات على الوافي الذي هو البغلي أو ما قاربه دون الطبري المقابل له دل عليه فتوى فحول الاصحاب والشهرة محصلة به والرضوي والرواية العامية عن النبي (() والثان عليه ونقل عليه الإجماع واقوى تقديراته الأوّل ونسب للمشهور وشهد ابن ادريس برؤيته كذلك إلاّ أنّه ذكر أنّه منسوب إلى القرية القديمة لا إلى ابي البغل من كبار أهل الكوفة لتقدم هذه الدراهم على الكوفة وأهلها فلا يصح نسبته اليه ورده الشهيد بقدم المسمى وحدوث الاسم ونقل بعضهم أنّ المسموع من المشايخ تشديد اللام وفي كونه بسعة الدينار رواية إن أصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله ولا تصل فيه حتى تغسله ولكنها ضعيفة والدينار أيضاً يختلف في السعة وعلى كل حال فهو بالنسبة إلى التقدير كالمجمل لعدم القطع بسعته وما نسب للمشهور من تقديره باخمص الراحة أيضاً كالمجمل لأنّه تحقيق في تقريب فلا بد من الرجوع للقاعدة وهي البناء على عدم العفو إلاّ بالقدر اليقيني بالنسبة إلى اجمال التقدير وكذا بالنسبة إلى اختلاف المقدر فيؤخذ باقل راحة من راحات مستوى الخلقة ويحكم بعدم العفو عند بلوغها مع احتمال الاخذ باوسعها فيحكم بالعفو إلى بلوغه والأوّل احوط وقد يستشكل في حمل الدرهم على البغلي مع أنّ صدورها في زمن الصادق (() وينبغي أن يحمل اللفظ على ما هو في زمن الصدور وهو الدرهم الاسلامي الذي هو عبارة عن ثلاثة ارباع البغلي وقد يجاب بأنّهم حاكون ما هو في زمن النبي (() وفيه أنّهم حاكون المعنى لا اللفظ فيحمل اللفظ على ما هو عندهم والحق في الجواب أنّ ما ذكرناه سابقاً قرينة على ارادة المعنى الخاص ولا شك أنّ المراد بالتقدير ها هنا السعة لأنّ الدم ليس مما يوزن بل مما يرى ولاتفاق الاصحاب على ذلك ولأنّه المتبادر في مثل هذا المقام.

ثانيهـا: البدن كالثوب في الحكم وإنْ اختصت الروايات بالثوب إلاّ أنّ فتوى الاصحاب وظاهر الإجماع المنقول في الباب قوله (() في الخبر حككت جلدي فخرج منه دم فقال إذا اجتمع منه قدر حمصة فاغسله وإلاّ فلا وفيه دلالة على العفو عما يكون في البدن في الجملة ويضم اليه أنّه لا قائل بخصوص قدر الحمصة لأنّ المانع من العفو عنه يمنع عنه مطلقاً فلتجعل الحمصة كتابة عن قدر الدرهم سعة لأنّ وزن الحمصة إذا انتشر لنفسه يتسع مقدار الدرهم غالباً أو يقال أنّ ما كان قدر الحمصة هو قدر الدرهم تقديراً وإنْ لم يكن فعلاً والأمر ها هنا يدور مدار التقدير ولا يشترط بلوغ سعة الدرهم فعلاً كما نقوله في المتفرق وعلى كل تقدير فلا يرد أنّ قدر الحمصة قد يزيد على سعة الدرهم وإنْ الاكثر منها قد ينقص فلا عبرة بها وزناً ولا رؤية لما ذكرناه من أنّ الأمر يدور مدار الغالب على أنّه قد نقل أنّ في بعض النسخ بدل الحاء خاء ويراد بها اخمصة الراحة ويؤيد ما ذكرناه من الالحاق اشتراك الثوب والبدن في مشقة الازالة المسوغة للعفو وربما تكون العلة مفهومة في هذه المقامات المستثنيات.