انوار الفقاهة-ج17-ص34
واما الثانية: فيدل عليها الأصل وفتوى الفحول إلاّ من شذ في بعض الموارد وأصالة عدم السراية وظهور الأخبار الدالة على التنجيس في الملاقاة برطوبة والأصل الطهارة والتفصيل في كثير من الأخبار بين المس برطوبة فيجب الغسل وإلاّ فالرش والنضح الظاهران في الندب ولقوله (() ( كل يابس ذكي ) المعتبر بين الأصحاب المنجبر بما تقدم فيقدم على ما دل على الأمر بغسل ما أصاب بعض النجاسات كالميت ونحوه على وجه الإطلاق وتقيده وإنْ كان بينهما عموم من وجه لرجحانه عليه أو يحمل على الندب وخالف بعض الأصحاب في مواضع ادعوا أنّها خرجت عن عموم تلك القاعدتين (كابن إدريس) حيث حكم بان ما لاقى بدن الميت ينجس برطوبة ويبوسة ولكنه لا ينجس برطوبة أو يبوسة مستنداً للأصل وعدم عموم الدليل الدال على أنّ كل نجس ينجس والعلامة حيث حكم بان ملاقاة الميت يبوسة تنجس الملاقي والملاقي لا ينجس غيره برطوبة ولا يبوسة وهما محجوجان بما تقدم والحكم بان الأمر بالغسل تعبدي في مماسة الميت مطلقاً أو مع اليبوسة لو قلنا به مخالف لفهم الاصحاب من الأخبار ولحكمهم بالنجاسة في جميع الأعصار وكالعلامة والشهيدين ونسب للمحقق وادعى بعضهم أنّه المشهور حيث حكموا بتأثير نجاسة الميت من الإنسان مع اليبوسة أخذا بإطلاق الأخبار الآمرة بغسل ما مس الميت من دون استفصال ثم أنّ الملاقي هل ينجس مع الرطوبة خاصة أو لا ينجس قولان أيضاً وكالعلامة أيضاً حيث حكم بتأثير نجاسة الميتة من غير الإنسان مع اليبوسة أو الرطوبة لإطلاق رواية آمرة بغسل ما مسها من دون استفصال ثم أنّ الملاقي هل ينجس مع الرطوبة أو لا ينجس مطلقاً وجهان أيضاً لأهل هذا القول والكل ضعيف محجوج بما تقدم وإطلاق الأخبار مقيد بحال الرطوبة بل منصرف إليه فلا يصلح حجة وكالخراساني حيث حكم أنّ المتنجس إذا أزيلت عنه عين النجاسة لا تتعدى نجاسته إلى ما يلاقي موضعها وهو خلاف الإجماع بقسميه وخلاف المعهود من سيرة المسلمين وطريقتهم وخلاف ما دلت عليه الأخبار من وجوب غسل الفرش والأواني ونحوها فإنّه لو لم يكن الأمر بغسلها للتحفظ من سريان نجاستها لما كان له فائدة لعدم استعمالها في مشروط بالطهارة ولو عم كلامه المتنجس من المائع والجامد لكان خلاف ضرورة المسلمين وأخبار السادة المعصومين (() وما يظهر من بعض الأخبار من ذلك لا يراد به ظاهرة قطعاً بل يراد به معاني أُخر كقوله (() ( فيمن يبول ولا يقدر على الماء إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فإنّ وجدت شيئاً فقل هذا من ذاك ) فإنّه من المحتمل بل الظاهر أنّ المسح لغير محل البول كي إنّه إذا حصلت رطوبة فشك أنّ الرطوبة من محل البول وغيره بني على طهارتها واحتمال أنّ المسح لمحل البول حفظاً لبقاء الطهارة الحديثة ليكون حجة لطهارة المحل بعد التمسح يبعده عدم ذكر الوضوء في الرواية وعدم القدرة على الماء المذكور فهيأه له وعدم ذكر الاستبراء الذي هو أقوى الأسباب المقتضية لعدم الانتقاض وعدم دلالة التمسح للحيلة المزبورة على عدم تنجس الثوب وقوله (() فيمن بال ولم يجد ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه قال يغسل ذكره وفخذيه فإنّه المحتمل بل الظاهر أنّ إلفاء عطف على المتقدم وهو يقتضي لتعقيب والواو عطف على مدخولها فيقضي أنّ العرق بعد التمسح فيكون دليلاً لنا واحتمال أنّ الواو للحال فيكون المأمور بغسله الذكر والفخذين دون ما باشرهما بعيد عن الظاهر وقوله (() في هذه الرواية وسألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه قال(لا يغسل ثوبه فإنّه من المحتمل بل الظاهر أنّ مسحه من دون رطوبة أو مسحه برطوبة ولكن لم يمس الثوب بالجزء النجس) وقوله (() في رواية سماعة فيمن يبول ويتمسح بالأحجار ثم يجيء منه بلل ما يفسد سراويله قال لا بأس ) فإنّه من المحتمل بل الظاهر من نفي البأس أنّه مع عدم العلم يكون البلل من المخرج أو نفي البأس عن الانتقاض لو كان متيمماً أو أنّ متعلق التمسح مخرج الغائط وذكر البول كناية الجميع بقرينة التمسح وقوله (() فيمن يبول فلا يجد الماء فأصاب يده شيئاً من البول نجسه بالحائط والتراب ثم تعرق يده فيمسح بها وجهه أو جسده أو ثوبه قال لا بأس فإنّه من المحتمل بل الظاهر عدم العلم بان المسح كان بالجزء النجس بقرينة قوله (() شيئاً وعلى كل حال فالمسألة لا إشكال فيها.