انوار الفقاهة-ج17-ص20
تاسعهـا: زوال العين النجّسة من الباطن مطهّر له لفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب وللموثق فيمن يسيل من انفه الدم هل عليه أن يغسل باطنه فقال إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه وللخبرين الدّالين على أنّ اللاّزم غسل ما ظهر من المقعدة دون ما بطن ونفي الغسل في الأخبار بضميمة كلام الأخيار يدلُّ على الطّهارة كما يدلُّ لزوم الغسل على النّجاسة واحتمال سقوط الغسل عفواً عن النّجاسة في الصّلاة بعيد عن سياق الرّواية وفتوى الأصحاب بل ربما يقال بلزوم الإغراء بالجهل لو كانت النّجاسة باقية لظهور السّؤال في الخبر عن النّجاسة وجواز المباشرة لا عن جواز الصلاة فيها وعدمه ويدل على الحكم المزبور والسّيرة القطعيّة بعدم غسل ما باشره الباطن المارّ عليه شيء من النَّجاسة من مذي أو ودي أو قيح من قبل أو دبر ولم نرَ أحداً غسل باطن عينيه أو باطن أنفه أو أذنه إلاّ أعيب عليه ونسب للوسواس بل ربما يدعى أنّ الباطن لا ينجس كي يحتاج إلى التطهير إذ لا عموم في كل نجس ينجس كل شيء وليس إلاّ الإجماع والاستقراء وهما ممنوعان في المقام وربما يقال زيادة على ذلك أنّ النجاسة ما دامت في الباطن ليست نجسة لأنّه لا يقال عرفاً للحيوان أنّه حامل للنجاسة ولا يقال أنّه ادخل نجاسة غير ملوثة لمسجد وشبهه أو صلى بنجاسة محمولة مثلاً أو أنّها نجسة لا تنجس لعدم عموم أو إجماع دالين على أنّ كل نجاسة في كل محل تنجس والأدلة الدالة على تنجيس النجاسات منصرفة إلى النجاسات الخارجة عن محلها لا الكائنة فيها سيما فيما لم تخرج من باطن إلى آخر كالعذرة في المعدة والدم في الجلد نعم لو انتقل من باطن إلى آخر كدم الأضراس النازل إلى الفم والصدد الصاعد إليه أو دم الدماغ النازل إلى الفم أو الأنف ونحو ذلك كان القول بنجاسته وتنجيسه لما يدخل إليه من الخارج وإنْ خرج غير متلوث له وجه قوي وأما نفس الباطن فلا ينجس به قطعاً وعلى ما ذكرنا فالاحوط تنظيف ما يكون بين الأسنان من الغذاء لو لاقته نجاسة من الفم أو لاقته نجاسة في الفم دخلت إليه من الخارج لأنّ ما يدخل في الباطن من الخارج غير ما يكون باطناً ويشتد الاحتياط فيما لو كانت النجاسة من خارج والمتنجس من الخارج أيضاً والفرق بين الظاهر والباطن عرفي ومع الشك فوجهان من التمسك بأصالة الطهارة وتوقف الحكم بالتنجيس على الظاهر ولم يثبت ومن ظواهر الأمر بغسل الملاقي للنجاسة خرج الباطن قطعاً ويبقى المشكوك به وهو الاحوط فعلى ذلك ما يكون بين الظفر واللحم ينبغي الاحتياط بغسله بل لا يبعد الوجوب وتكفي في غسله الإصابة دون الأجراء للسّيرة ودفع العسر والحرج وكذا يكفي الإصابة في غسل الوسخ الكائن بينهما ولا يحتاج إلى تخليله وقلعه لما ذكرناه ولو عاد الباطن ظاهراً جرى عليه حكم الظاهر ولو انعكس بعد أن تنجّس فلا يبعد أنّه كذلك والاحوط غسله وباطن الجرح لا يبعد أنّه من الباطن ولكنّ الاحتياط في غسله لأنّه بانشقاقه عاد كالظّاهر.
عاشرهـا: الغيبة من المسلم عن الناظر سواء كان حاضراً أو غاب حقيقة مطهرة لبدنه مع احتمال التطهير منه وعلمه بالنجاسة سواء اخبر بطهارته أم لم يخبر ولو لم يحتمل التطهير في حقه أو احتمل ولكن اخبر بالنجاسة أو كان لم يعلم بالنجاسة فالأقوى في جميع الصور الحكم ببقاء نجاسته كما أنّه لو اخبر بالتطهير حكم بطهارته وربما يلحق به الفعل القائم مقام القول من الدخول في المشروط بالطهارة والدليل على الطهارة فيما ذكرنا سيرة المسلمين وطريقتهم المستقيمة على مباشرة من علمت نجاسته في وقت سابق من دون سؤال واستفصال حال بل لو سئل عن ذلك سائل لعد من أهل الوسواس ولأنّا نعلم أنّ كل أحد يبول ويتغوط ويباشر النجاسة ويمنى وتحيض المرأة وتستحاض وتباشر ولدها وغير ذلك من مباشرة أنواع النجاسات ليلاً ونهاراً ومع ذلك نباشرهم أكلا وشرباً ولو دخل أحدهم في ماء قليل أو صبه على جسمه لباشرناه من غير إنكار من أحد من العلماء بل المحتاطين أيضاً ونقطع أنّ هذا الأمر مُتلقّى يداً عن يدٍ إلى بدء الإسلام بل لا يبعد لتسرية السّيرة لثياب المسلم اللاّبس لها ولفراشه المستعمل له بل لا يبعد تسريتها إلى غيبته مع جهله بالنجاسة وعدم علمه بها في بدن أو ثوب ولكن الاحتياط في عدم قطع الاستصحاب بغير ما يقطع به وإنْ استوجهه جماعة وأيدوه باستصحاب طهارة الملاقي والسيرة ولاكن قد عرفت ما في استصحاب طهارة الملاقي والسيرة مع الجهل يشك في تحققها فالاحتياط الشديد فيما تذكرنا والأعمى كل أحد غائب بالنسبة إليه مع احتمال التطهير وقد يحصل القطع بالحكم بالطهارة الغيبة الطويلة من المسلم مع جهله بالنجاسة من السيرة القاطعة أيضاً وكذلك الحكم بطهارة المجانين والأطفال مع غيبتهم الطويلة عن الإنسان ورجوعهم مع عدم تحقق العلم منهم بالنجاسة.
حادي عاشهـا: ذهاب الثلثين مطهر للعصير إذا كان بالشمس أو النار للإجماع والأخبار ولو كان بغيرهما فإنّ كان مع الغليان فالظاهر أنّه مثلهما وإنْ كان بدونه كتصفيق الرياح فالأظهر أنّه لا عبرة به.
ثاني عشرهـا: زوال التغير مطهر للماء مع اتصاله بالمعصوم أو بلوغه كراً على وجه.