انوار الفقاهة-ج17-ص14
ثانيهـا: الشمس مطهرة في الجملة للنجاسة الخالية عن الجرم المانع عن ذهاب حكمها بإشراق عينها عليها وتجفيفها بها للإجماع المنقول وفتوى الفحول والشهرة المحصلة ولزوم العسر والحرج لولاه بل ربما يدعى أنّ سيرة المسلمين عليه وللخبر المنجبر بما ذكر وهو ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر وللصحيح عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي أصلي فيه فقال إذا جففته الشمس فصلِّ عليه فهو طاهر والظاهر أنّ المراد بلفظ الطاهر هو المعنى الشرعي المنصرف إليه الإطلاق دون المعنى اللغوي كما قد يتخيل واختصاصها بالبول يدفعه عدم القول بالفصل وتنقيح المناط وكذا خصوص السطح وللصحيح الآخر عن السطح يصيبه البول أيصلي فيه؟ قال: (إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافاً فلا بأس والظاهر ملازمة الصلاة للسجود في زمن الصدور) وللموثق الناهي عن الصلاة في الموضع القذر الذي لا تصيبه الشمس وقد يبس حتى يغسله وفيه عن الشمس هل تطهر الأرض قال إذا كان الموضع قذراً من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة فإنّ الحكم بعدم جواز الصلاة أوّلاً إلى حال الغسل والسؤال عن الطهارة ثانياً والجواب بجواز الصلاة ظاهر في إرادة الطهارة دون مجرد جواز الصلاة عفواً وإنْ كان المحل نجساً أو أنّ السجود على غير تلك الأرض لأنّ الظاهر من الصلاة عليها هو السجود عليها كما هو المعلوم أيام الصدور بل يكفي في الاستدلال على الطهارة جواز الصلاة الظاهر في جواز السجود المتفق على اشتراط طهارة محله واطلاق جواز الصلاة من دون تفصيل بين مماسته برطوبة وعدمها ودعوى أنّ العدول في الجواب عن سؤال الطهارة إلى جواز الصلاة مما يؤذن ببقاء النجاسة وجواز الصلاة عفواً غير مسموعة لبعدها عن المطابقة للسؤال ولأنّ المفهوم عرفاً من هذا الجواب أنّه جواب باللازم لإفادة السائل الملزوم لأنّه عدول إلى جواب آخر ولا ينافي الاستدلال بهذه الرواية ما في ذيلها من أنّه إذا كان الموضع قذراً وإصابته الشمس ولم ييبس فلا تجوز الصلاة فيه وإنْ كانت رجلك رطبة أو جبهتك أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلي عليه وإنْ كان عين الشمس إصابته حتى ييبس فإنّه لا يجوز لرجوع إلاّ بذلك إلى الموضع القذر غير اليابس لجهة غير يابس ولكن لا تتعدى منه النجاسة ولكن إذا كانت الجبهة رطبة تعذر لسقوط وإنْ كان عين الشمس إصابته في المروي في آخر أبواب الزيادات من التهذيب فيضعف الظن بصحته ولتبديل العين بالغين المعجمة العين المهملة الرائج في نسخه أخرى فلا يصلح أن يكون ذيلها مع ذلك معارضاً لصدورها ولتذكير الضمير في إصابة والمتيقن من هذه الأخبار والإجماعات المحكية والشهرة المستفيضة تطهير الشمس بعينها لا بحرارتها وإنْ تكون مستقلة لا منضمة إلى ريح أو شبهه بحيث يستند التحقيق إلى المجموع وإنْ تجفف الرطوبة عرفاً بحيث تذهب عين النجاسة وإنْ لم تضر يابسه أصلاً ورأسا وإنْ يكون النجس أرضاً من بناء أو غيره وإنْ يكون متواصلا في الأرض والبناء أو مفصولاً من القطع الكبار التي لا يمكن نقلها وغسلها وإنْ يكون مع عدم وجود أجزاء عينية من النجاسة وأما كون النجس بولاً دون غيره فهو ملغى قطعاً خلافاً للمنقول عن العلامة (() ومع اجتماع هذه الأمور لا إشكال في الحكم إنما الإشكال في غير الأرض من المثبت فيها من الأخشاب والأبواب أو النّابت فيها كالأشجار والنخيل والثمرة أو المفروش عليها من الحصر والبواري مع عسر نقلها عادة والأظهر الحكم فيها بالتطهير أيضاً لعموم أدلة نفي العسر والحرج ولملازمة الأرض غالباً لما يثبت فيها من الأشياء الخارجة عنها مع ترك الاستفصال وللشهرة المحكية بل المحصلة سيما من المتأخرين وللإجماع المنقول على الحصر والبواري المتنجسة بالبول ولعموم ما أشرقت عليه الشمس فقد ظهر المنجبر بما ذكرنا كالرضوي فيما عدا الثياب وكون الخارج اكثر من الداخل لا يقدح في الحجية بعد انجباره بما تقدم سيما وإنْ الظاهر مما أشرقت عليه ما كان معداً للإشراق كالأرض وشبهها وللصحاح النافية للبأس عن الصلاة على البواري يصيبها البول أو يبل قصبها بماء قذر إذا جفت من غير أن تغسل وظاهرها الطهارة لظهور نفي البأس عن الصلاة في نفيه عن السجود لتلازمها في الزمن الأوّل غالباً ولترك التفصيل فيها بين كون المباشر رطباً أو لا في مقام البيان واحتمال أنّ السؤال كان لاحتمال اشتراط طهارة مكان المصلي في غير موضع الجبهة فيكون الجواب على طبقه بعيد بالنسبة إلى ما ذكرنا نعم يخرج من هذه الأخبار الجفاف بغير الشمس لشذوذ القول به وضعفه ومتروكيته ويبقى حكم الجفاف بالشمس داخلاً فيها على أنّ هذه كالمطلق وما دل على تطهير الشمس بالجفاف كالمقيد فسيحمل ما كان كالمطلق على ما كان كالمقيد ويؤيد عموم الحكم للحصر والبواري والمثبت في الأرض قوله في الصحيح المتقدم أو المكان الذي يصلي عليه وربما استدل بعضهم على طهارة ما جففته الشمس من غير ما انعقد الإجماع على بقاء نجاسته بأصالة الطهارة عند الشك ببقاء النجاسة وعدمها أما لعدم حجيّة الاستصحاب أو لحجيته في نفسه ولكن لمعارضته باستصحاب طهارة الملاقي لا يثمر تنجيساً فيه وهذه الثمرة هي العمدة في إثبات الطهارة والنجاسة وهو ضعيف لحجية الاستصحاب عندنا ولجريان أحكام المستصحب على الملاقي وإنْ كانت طهارته مستصحبة لأنّ استصحاب النجاسة وارد والموارد من الاستصحابين يحكم على المورود واكثر لوازم الأصول من هذا القبيل ولو لم نحكم الوارد على المورود فيها لبطلت ثمرات الأصول أصلاً ورأساً فظهر بمجموع ما ذكرنا بطلان القول بعدم تطهير الشمس لما جففته مطلقاً وإنْ جازت الصلاة عليه استناداً في جواز الصلاة للأخبار المتقدمة وفي بقاء النجاسة إلى (مضمر بن بزيع) عن الأرض والسطح يصيبه البول وما أشبهه هل تطهره الشمس من غير ماء قال كيف يطهر من غير ماء ولا دليل فيه على بقاء النجاسة لظهور إرادة أنّ تطهير الشمس لا يكون إلاّ لما كان ماء أو رطباً كالماء فتجففه إلاّ أنّ الماء مطهر له دون الشمس وإلاّ لكان التعبير بغير هذه العبارة كأن يقول هل تطهره الشمس أو يطهره الماء أو شبهها أوّلى على أنّه موافق لمذهب جملة من العامة على ما حكى وكذا بطلان القول باختصاص تطهير الشمس بالتجفيف للبول خاصة أو هو مع الماء النجس خاصة أو ما عدا الخمر خاصة أو اختصاصه بالأرض خاصة أو بها وبالحصر والبواري خاصة أو بالاثنين خاصة وكذا بطلان القول بتطهيرها لما ينقل من حجر الاستنجاء إذا كانت نجاسته حكمية أو لغير القطن والكتان مما عمل من نبات الأرض من خشب وخوص وليف وشبهها وكذا بطلان احتمال تطهير الريح المصاحب للشمس وإنْ أوهمته الرواية المتقدمة ونقل عن الشيخ الفتوى به ولكنه شاذ متروك لا يعتد به نعم الريح التي لا تنفك عنه الشمس غالباً لا بأس بها لاستناد التجفيف إلى الشمس وينبغي أن يعلم أنّ نفس عين الشمس هي المطهرة فلو كان دونها حاجب كثيف لم يحصل بها التطهير ولو كان خفيفاً غير مانع من إشراق الشمس عرفاً فلا بأس به والظاهر إنّها مطهرة للظاهر والباطن المستند بتجفيفه إلى إشراقها على ظاهره وإلاّ لقلت الثمرة بل انتفت في اغلب المواضع نعم ذو الوجهين كالحائط والحصير لا يطهر إلاّ وجهه الظاهر إذا وصلت النجاسة إلى الوجه الآخر مع احتمال تطهيرها للوجهين في الحصير وشبهه والظاهر أنّ الأحجار المرمية في الأرض ما لم تكن من وجه الأرض أو البناء لا تطهرها الشمس إلاّ إذا بنيت وابتلت وجفت والظاهر أنّه لابد من العلم باستناد التجفيف إلى الشمس فلو شك لم يطهره ولو قيل بكفاية الظن هنا والظاهر كان قوياً لقلة الفائدة لو لا ذلك ولما تشعر به بعض الأخبار عند التأمل والظاهر أنّ المثبت في الأرض لفائدة أخرى من قير أو آنية يسقى دواب أو خشب صندوق على ضريح وشبهه حكمه حكم الأرض والاحتياط لا يخفي.