انوار الفقاهة-ج17-ص9
تاسعهـا: الكافر نجس بجميع أجزائه مما تحله الحياة ومما لا تحله لصدق اسم الكافر على جميع أجزائه وإنْ بقي الصدق عند انتفاء بعضها ومعنى الكفر قائم بالموصوف به جملة ولا خصوصية لحلول الحياة في بعض دون آخر كما نسب (للمرتضى) ولا فرق في الكافر بين الحربي والذمي والمعاهد وبين الكتابي وغيره وبين الأصلي والمرتد وبين الفطري والملي وبين من كان كفره لجحود أو شك متعلقين بالربوبية أو الرسالة أو بلوازمهما المعلومة من الدين ضرورة أو متعلقين بما علم من الدين ضرورة من غيرهما من أحوال المعاد أو الفروع الضرورية والدليل على ثبوت الحكم في الجملة إطلاق فتاوى الأصحاب والإجماعات المتكثرة المنقولة في الباب وعموم الكتاب قال سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ( الدالة على نجاسة المشرك ويتم في غيره بعدم قول بالفصل بينه وبين غيره وإنْ قيل بالفصل بالنسبة إلى مورد آخر ويراد بالنجاسة المعنى الشرعي لظهور اللفظ الصادر من الشارع بإرادته ولدلالة تفريع (فلا يقربوا المسجد الحرام) عليه ولبعد إرادة بيان معنى القذارة أو بيان معنى الخبث الباطني عن طريقة الحكمة الشرعية والأحكام القرآنية في الأوّل وعن استعمال لفظ النجاسة الوارد في الكتاب والسنة في الثّاني ويراد بالمشرك من جعل لله شريكاً في قدمه أو في تصرفه أو ولدا ونحوه فقد أطلق لله تعالى لفظ الإشراك على اليهود حيث قالوا (عزير ابن الله) وعلى النصارى حيث قالوا (المسيح ابن الله) فقال: (تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ( ويدل على ذلك أيضا الأخبار الناطقة صريحاً وفحوى بنجاسة جملة من أصناف الكفار اللازم من القول بنجاستهم نجاسة غيرهم ففي الموثق عن سؤر اليهودي والنصراني يؤكل ويشرب قال لا وفي الصحيح فيمن صافح مجوسياً قال يغسل يده وفي ثالث النهي عن الأكل من الطعام الذي يطبخون وفي رابع النهي عن الصلاة في ثياب اليهودي والنصراني والنهي عن أكل المسلم مع المجوس في قصعة واحدة وعن الصلاة في الثوب الذي اشتري من النصراني حتى يغسله وفي خامس النهي عن مواكلة المجوسي وإنْ يرقد معه وإنْ يصافحه وفي سادس النهي عن مخالطة المجوسي والأكل من طعامهم وفي سابع النهي عن الوضوء بماء يدخل فيه النصراني أو اليهودي يده إلاّ أنّ يضطر وعن اغتسال المسلم مع النصراني في الحمام إلى غير ذلك فمجموع ما ذكرناه وما لم نذكره من الأخبار يستفاد القطع بنجاسة اليهود والنصارى لأنّ إثبات هذه اللوازم بقرينة ما قدمنا تدل على ثبوت ملزومها قطعاً وإذا ثبت نجاسة هذين الصنفين ثبت في غيرهما بطريق أوّلى لعدم القائل بنجاستهما وطهارة غيرهما ومما يدل على نجاسة غيرهما أيضا ما جاء في الناصب وكفره والنهي عن الاغتسال بغسالة الناصب والأمر بغسل اليد عند مصافحته وإنّه شرٌ من اليهودي والنصراني والمجوسي وإنْ الله لم يخلق خلقاً انجس من الكلب وإنْ الناصب انجس منه وكذا الإجماعات المنقولة الدالة على نجاسة الكافر مطلقاً وكذا قوله تعالى: (كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ( وذهب جمع من أصحابنا إلى طهارة أهل الكتاب استناداً للأصل وقوله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ( فإنّ الظاهر من تخصيصهم بالذكر طهارة سؤرهم وإلاّ لم يكن للتخصيص فائدة والأخبار الدالة على نفي البأس عن مواكلة اليهودي والنصراني إذا كان من طعامكم وعن مواكلة المجوسي إذا توضأ وعن النصرانية تخدمك وهي لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة إذا غسلت يديها وعن عمل اليهودي والنصراني خياطة وصفارة والدالة على جواز الوضوء من إناء شرب فيه يهودي وعلى جواز الأكل والشرب مع أهله النصارى وعلى أنّ طعام أهل الكتاب لا تاكله ولا تتركه تقول إنّه حرام ولكن تركه تتنزه عنه أنّ في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير إلى ذلك والكل ضعيف لانقطاع الأصل ولعدم دلالة الآية على الطهارة لأنّ المراد بالحل الحل الذاتي وهو لا ينافي النجاسة العارضة وتخصيص أهل الكتاب بالذكر لكونهم الموجودين في زمن النزول والمخالطين للمسلمين يومئذ أو يراد بطعام أهل الكتاب الحبوب إما لكونه حقيقة فيهما بالغلبة بعد أن كان لكل ما يطعم كما نبه عليه جملة من أهل اللغة وأما لكونه المراد ها هنا مجازاً بقرينة الأخبار المفسرة بالحبوب أو الحبوب وأشباهها أو الحبوب والبقول أو العدس والحمص وغير ذلك ولمعارضة الأخبار بالأخبار المتقدمة الموافقة للكتاب الدالة على نجاسة أهل الكتاب والمخالفة للعامة لأنّهم يذهبون إلى الطهارة والموافقة لفتوى الأصحاب بل الإجماع المحصل بل ضرورة الشيعة وسيرتهم وفي الخبر أما أنا فلا أدعوه ولا أواكله وإني لأكره أن احرم عليكم شيئاً تصنعونه في بلادكم ما يشعر بصدور هذه الأخبار تقية على أنّ اكثر أخبار الطهارة ضعيفة الدلالة قابلة للتأويل والحمل على المباشرة من غير رطوبة أو برطوبة في غير مأكول أو مشروب أو ملبوس فليس لها قابلية المعاوضة لما ذكرناه وينبغي أن يعلم أنّ غير من جحد ضرورياً من ضروريات الدين من فرق المسلمين ظاهر سواء كان ممن جحد النص على خلافة سيد الوصيين أو جحد أحد الأئمة (() من بعده لأصالة الطهارة من غير معارض من إجماع منقول أو شهرة محصلة أو أولوية إذ ليس لشرف (الإسلام) أمّر من أهل الذمة وللزوم الحرج والعسر في الحكم بنجاستهم ولعدم التجنب عنهم من الأئمة (() وأصحابهم في سائر الأعصار والأمصار على وجه يظهر أنّه ليس لمكان التقية والاضطرار والآثار المنقولة من مباشرة سيد المرسلين لجملة ممن جحد النص وطائفة من المنافقين وللأخبار المتكثرة الحاكمة بحل ما يوجد في أسواق المسلمين وطهارته مع القطع بندرة الإمامية في تلك الأزمان والأصقاع وللمعتبرة الدالة على إسلامهم من حيث الشهادتين الدالة على أنّ الإسلام (شهادة أنّ لا أله إلاّ الله ومحمدٌ رسول الله (()) وأنّه به حقنت الدماء وعليه جرت المناكحة والمواريث وعلى ظاهره عامة الناس وهي متكثرة بأسانيد مختلفة وتعابير متقاربة مؤيدة بفتوى المشهور وعمل الجمهور فإذا ثبت إسلامهم ثبتت طهارتهم للأصل والأخبار الدالة على طهارة سؤر المسلم وأنّه احب من الوضوء من ركو ابيض محّمز وغير ذلك ولهذا ظهر ضعف قول من حكم بنجاسة المجبرة ومن حكم بنجاسة المخالفين الذين جحدوا النص ومن حكم بنجاسة من جحد أيّ إمام كان للروايات المتكثرة الدالة على أنّ من عرف علياً كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالاً وعلى أنّه باب من أبواب الجنة من دخله كان مؤمناً ومن خرج من بابه كان كافراً وعلى أنّ من عرفنا كان مؤمناً ومن أنكرنا كان كافراً وعلى أنّ من تبع علياً كان مؤمنا ومن جحده كان كافراً ومن شرك فيه كان مشركاً وعلى أنّه باب الهدى من خالفه كان كافراً ومن أنكره دخل النار وعلى أنّ الكفر بعلي (() كفر بالله والشرك به شرك بالله والشك فيه شك في الله والإلحاد فيه الحاد في الله والإنكار له إنكار لله وعلى أنّ الله تعالى عرف إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها إذ أخذ عليهم الميثاق في عالم الذر إلى غير ذلك من الأخبار من هذا القبيل وللأخبار الدالة على أنّ من جحد النص وقدم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة فهو ناصب وإنْ الناصبي لا يحتاج إلى امتحان اكثر من تقديم الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما وإنْ الناصبي من نصب لكم وهو يعلم أنكم متولونا وتتبرؤن من أعدائنا والدالة على أنّ كل ناصب كافر وإنّه نجس وإنّه انجس من الكلب وإنْ الناصبي يمنع لطف الإمامة وهو عام واليهودي يمنع لطف النبوة وهو خاص فثبت بذلك أنّ كل مخالف ناصبي ما عدا المستضعف كما دلت على خروجه الأخبار وكل ناصبي نجس إجماعاً والذي يدل على مساواة باقي الأئمة (() لعلي (() جملة مما تقدم وجملة من الأخبار الأخر الدالة على أنّ الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أوّلنا وإنْ قوماً يفتنون بموسى اشر من النصاب وإنْ الزيدية والواقفية والنصاب بمنزلة واحدة إلى غير ذلك والجواب عن الجميع أنّ إطلاق الكافر والناصب على من جحد النص أو جحد إماما مجاز للمبالغة في عنادهم وفسقهم وقبيح مالهم وسوء مصيرهم لأنّ الحق أنّهم مخلدون في النار في الآخرة بل تجري عليهم أحكام الكفر بعد انقطاعهم من الحياة ويدل على ذلك إطلاق الكافر على تارك الصلاة أو الزكاة أو الحج في الأخبار المتكثرة من غير قرينة ولكن فتوى الأصحاب والأدلة المتقدمة قرينة التجوز كما أنّها قرينة على صرفها في الأخبار الأُخر أيضاً وإلاّ فالمتبادر من الكافر والمنصرف إليه الإطلاق هو ما ضاد الإسلام وباينه حتى أنّ من أنكر ضرورياً من ضروريات الدين إنما جاء كفره من جهة كشفه عن إنكار الدين اللازم منه إنكار صاحبه الذي جاء به فالكافر المطلق هو من لم يتسمى بالإسلام وغيره ممن أطلق عليه الكافر أما كافر مضاف أو أنّه أطلق عليه اللفظ مجازاً وكذا اللفظ الناصب فإنّه حقيقة في العدو لأهل البيت لأنّ النصب هو العداوة فإطلاقه على غير هم من باب المجاز والمبالغة ويمكن أن يقال أن الكافر المطلق لا يجامعه وصف الإسلام والكافر المضاف يجامعه والمتيقن من دليل نجاسة الكافر هو الكافر المطلق الذي لا يجامعه وصف الإسلام وأما من جامعه وصف الإسلام فهو طاهر للأصل وعدم شمول دليل النجاسة له وعلى كل حال فالمقطوع به الآن طهارة المخالفين أما لكونهم مسلمين أو للشك في شمول دليل الكفار لهم أو لأنّ الضرورة والتقية أجرت عليهم أحكام من الطهارة والميراث وحقن الدم وعصمة المال كما التزمه جماعة ممن حكم بكفرهم وأما المجبرة من المخالفين فقد حكم الشيخ بكفرهم لنسبتهم القبيح إليه سبحانه وتعالى من أنّ إيجاد المعاصي والقبائح والكفر بمشيئته وإرادته وهو مناف لضرورة العقل والنقل ولقوله تعالى (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دونه مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ( فإنّه سبحانه وتعالى جعل تكذيبهم كتكذيب الذين من قبلهم وهو التكذيب المطلق المتعلق بالعقل والنقل من الرسل والكتب وفيه أنّا لا نسلم أنّ القول بالجبر ضروري الفساد بين المسلمين بحيث لا يتناكرونه بينهم بل هو من المسائل النظرية بين المعتزلة والإمامية والأشاعرة وإنْ كان فساده قطعياً على أنّ القول بالجبر من المتشابه في كلامهم ومما اختلفت فيه تفاسيرهم فالحكم بكفرهم بمجرد دعوتهم الجبر مشكل وأما المجسمة فالقائلون منهم بأنّه جسم لا كالأجسام مخالفون للدليل القطعي قطعاً وأما كونهم مخالفين لضرورة المسلمين بحيث يحكم بكفرهم فلا يخلو من إشكال وأما القائلون منهم بأنّه جسم كالأجسام وكذا المشبهة له سبحانه فالظاهر أنّهم كالغلاة يحكم بكفرهم لإنكارهم ما علم من الدين ضرورة ومن أنكر المعاد الجسماني أو الجنة والنار الجسمانيين فقد أنكر ضرورياً وأما من جعل المعاد الجسماني على غير النحو المعروف بين العلماء بان ادعى أنّ المعاد جسم خالص عن الأخلاط والمركبات بل والعناصر أو ادعى أنّ الجنة والنار أجسام على غير طريقة الأجسام وكذا الصراط والميزان والصحف وماء الكوثر وكذا قدم العالم على نحو آخر وكذا الكلام النفسي وكذا الرؤية الغير بصرية وكذا الحلول والاتحاد لا على النحو المعلوم عند عامة الناس بل ادعى معان أخر لا يصل إليها النظر ونحو ذلك فالظاهر أنّه على الإسلام ليس منكراً لضروري من ضرورياته نعم من ادعى أنّ الأمور الأولية أمور معنوية وليس لها في المحسوسات والمشاهدات مدخلية وجعلها عبارة عن معاني خفية وأوّل ما جاء السمع به إلى ما لا يقبله السمع وكذا من ادعى أنّ الأمور الأخيرة حقيقية فإنّه يحكم بكفره ونجاسته والظاهر أنّ المدار في كفر الإنكار لضروري من ضروريات الدين هو الكشف عن إنكار سيد المرسلين أما قطعاً أو عملاً بالظاهر مع من لم يعلم حاله لأنّ الأصل الطهارة وبقاء صفة الإسلام ولا نخرج عن ذلك إلاّ مع القطع بطرق صفة الكفر ولم يعلم طروها من الإجماع وكلام الأصحاب إلاّ فيما هو المتيقن والمتيقن من الخروج عن صفة الإسلام إلى صفة الكفر هو من كان إنكاره كاشفاً قطعاً أو كان على ظاهر الكشف ممن لا يعلم حاله وحينئذ ممن علمنا أنّ إنكاره لشبهة تمكنت منه أو كان شكه لذلك سيما فيمن يتطلب الحق وهو في طريق النظر كان مسلماً طاهراً على الأظهر نعم من كان في طريق النظر غير معتقد لأحد الأصول الدينية الإسلامية كان نجساً محكوماً بكفره وإنْ قلنا بعذره ومن أنكر قطعياً لا يحكم بكفره إلاّ إذا علم أنّ إنكاره بعد قطعيته فيكشف عن إنكار الرسالة ويلحق بالناصب السّاب لله تعالى بلفظ صريح في السب بعيد عن احتمال التأويل أو للنبي (() أو الأئمة (() أو للزهراء (() أو إهانة أحدهم أو الاستخفاف به بقول أو فعل وربما يلحق بهم باقي الأنبياء والملائكة المقربين وكذا الهاتك لحرمة الدين بقول أو فعل كالبيت أو القرآن وشبههما من سب أو وضع في القاذورات وشبهها ويدل على ذلك في الجملة ما ورد أنّ الكفر بعلي (() كفر بالله وإنْ الساب لعلي (() ساب للنبي (() والسب للنبي (() سب لله تعالى ويضم إلى ذلك أنّهم طينة واحدة وإنْ آخرهم كأوّلهم ومن أنّ الظاهر أنّ السب نصب من السّاب أيضاً فيدخل في حكم النواصب وهم كفار نجسون وربما كان في سبهم هتك حرمة للدين ومن هتك الحرمة فقد كفر للخبر وقد يؤيد الحكم بكفرهم الحكم بقتل الساب فإنّ الظاهر منه أنّه لمكان الكفر والارتداد لا لكونه حداً نعم يشكل الحكم بنجاسة الساب لباقي الأنبياء والملائكة المقربين (() وكذا الهاتك لحرمة النعمة ومن وضعها في القذارة وسحقها بالنعال وشبه ذلك من إطلاق اسم الكفر عليه ومن أصالة بالطهارة.
تذييل: أولاد الكفار الغير بالغين ومجانينهم كالكفار في الأحكام وإنْ لم يتصفوا بصفة الكفر وكان حكم النجاسة دائراً مدارها في الكافر لاتفاق الأصحاب على تبعيتهم لهم من غير مخالف يعتد به وللأخبار الدالة على التبعية لآبائهم وإنّهم كفار وإنّهم يدخلون مدخل آبائهم وإنْ أولاد المشركين مع آبائهم في النار وإنْ أولاد المؤمنين يلحقون بآبائهم وأولاد المشركين بآبائهم وللسيرة المعلومة من معاملتهم في الأحكام معاملة آبائهم في سائر الإعصار والأمصار فلا وجه للإشكال من نجاستهم حينئذٍ استنادا لأصل الطهارة ودوران النجاسة مدار صفة الكفر وليس فليس لما قدمناه من الأدلة الدالة على نجاستهم وربما يؤيده أنّ أطفالهم من الحيوان المتولد بين نجسين فيتبعه في الحكم إذا لم يصدق عليه وصف آخر ولو سبي ولد الكافر فالظاهر لحوقه بالمسبي في الطهارة لرفع العسر والحرج وللسيرة القاضية بمساورتهم من غير نكير وللشك في شمول دليل التبعية لمثلهم ولانقطاعه عن أبويه فلا يجري فيه الاستصحاب وأما أطفال المؤمنين فالمقطوع به تبعيتهم لآبائهم في جميع الأحكام في الدنيا والآخرة إلاّ أنّه قد ورد في جملة من الأخبار أنّ الأطفال تؤجج لهم نار فمن دخلها كان من أهل الجنة ومن امتنع كان من أهل النار محمول على أولاد الكفار فقط أو على أولاد المسلمين الذين خرجوا عن الإيمان ولم يتصفوا بالكفر أو على جميع الأطفال ولكن أولاد المؤمنين يدخلون النار وأولاد الكفار يمتنعون.
عاشرهـا: يظهر من بعض الأخبار وكلام جملة من الأخيار أنّ ولد الزنى نجس وأنّه كافر وإنْ سؤره نجس وظاهرها أنّه لا يختار الإسلام باختياره فتكون الأخبار كاشفة عن ذلك وإلاّ فالقول بكفره ودخوله النار مع كونه مسلماً مؤمناً ظاهر البطلان عقلاً ونقلاً كالقول بأنّه مجبور على الكفر ذاتاً وطبعاً ومع ذلك يعاقب تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً والأقوى حمل الأخبار على الكراهة لمعارضتها عموم الكتاب والسنة وفتوى الأصحاب وسيرة المسلمين وعدم اشتهار الحكم بالنجاسة مع توفر الدواعي إلى اشتهاره أو على ولد الزنى عن الكفار والنصاب حمل ما جاء من عدم دخوله الجنة أنّه يثاب بثواب آخر غير الجنة لا أنّه يدخل النار.