انوار الفقاهة-ج16-ص26
ثاني عشرهـا: لو وجد المتيمم الماء بعد فقده وتمكن من استعماله فأما أن يجده قبل دخوله في الصلاة حال السعة فلا شك في انتقاض تيممه ووجوب استعمال الماء حتى أنه لو لم يستعمله ففقده بعد ذلك لزمه تيمم جديد ويدل على ذلك إجماع الأصحاب والصحيح قلت: (فإن أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه فلما أراده تعسر عليه ذلك قال: (ينقض ذلك تيممه وعليه أن يعيد التيمم) وأما أن يجده بعد تمام الصلاة والأظهر هنا والأشهر مضي الصلاة من غير إعادة خلافاً لشاذ من أصحابنا وقد تقدم وأما أن يجده قبل الصلاة ولكن في الضيق عن استعماله وإدراك تمام الصلاة أو إدراك ركعة على الوجهين فالظاهر هاهنا عدم انتقاض التيمم ولزوم البدار إلى الصلاة لأهمية أدائها عند الشارع والظاهر كفاية الضيق عن إدراك المائية وجميع الصلاة في عدم انتقاض التيمم ولا الضيق عن المائية وإدراك ركعة هذا كله بالنسبة إلى هذه الصلاة التي يريد فعلها في الوقت وأما بالنسبة إلى غيرها من الصلوات فهل ينتقض التيمم بالنسبة إليها أو يبقى حكمه كما إذا فقد الماء بعد هذه الصلاة بلا فصل وجهان أوجههما عدم الانتقاض مطلقاً لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي إلا في صورة ما إذا تمكن من الصلاة واستعمال المائية في أثنائها من دون إبطال لها كما إذا أمكن فعلها من دون فعل كثير أو لزوم استدبار أو غيره من قواطع الصلاة فإن القول بالانتقاض هاهنا قوي لحصول الطهارة المائية وإمكان فعلها وكذا لا ينتقض التيمم لو وجده قبل الصلاة بمقدار زمان لا يتمكن من الطهارة به لقصره فإنه لا ينتقض التيمم أيضاً استصحاباً بحكمه وما جاء من أن الماء ناقض عند وجوده منزل على صورة إمكان استعماله وسعة الوقت له وأما أن يجده في الوقت الموسع وهو في مقدمات الصلاة قبل انتهاء تكبيرة الإحرام فالظاهر هاهنا الانتقاض لعدم انعقاد الصلاة قبل انتهاء تكبيرة الإحرام ولا يتفاوت الحال بين كون المقدمات مما يحرم قطعها أو مما لا يحرم لأن تحريم القطع ليس من مسوغات التيمم لبطلان العمل في نفسه فلا يدخل تحت (ولا تبطلوا أعمالكم) ويتمشى الحكم لكل عمل يحرم قطعه فإن الظاهر أن الماء ينقض التيمّم فيبطل العمل المبني عليه ما لم يكن العمل وقته مضيقاً فيفاجئه الماء عند الضيق ولا يتمكن فيه من استعماله حال تلبسه به فإنه يكون حكمه حكمه الصلاة حينئذ وعدم انتقاض التيمم بالماء للمصلي في الجملة إنما جاء به الدليل كما سيجيء إن شاء الله تعالى لا لأجل تحريم قطعها والمراد بانتقاض التيمم وبطلان العمل انتفاضه من حينه لا من أصله فيصح ما مضى من العمل ويبطل الباقي ما لم تكن الموالاة شرطاً فيه بحيث لا يمكن تجزيه وأما أن يجده بعد الدخول في الصلاة وانعقادها بتمام تكبيرة الإحرام سواء قرأ أو لم يقرأ والظاهر هاهنا انتقاض تيممه للدليل الدال بإطلاقه على أن وجود الماء ناقض فهو كالحدث ناقض متى وقع ولا يعارض ذلك ما دل على تحريم إبطال العمل وعلى تحريم إبطال الصلاة لانصرافهما إلى صدور الإبطال والقطع بالاختيار بعد ثبوت الصحة وأما لو جاء البطلان لنفسه من جهة فقدان شرط أو وجود مانع فذلك بطلان لإبطال فلا يدخل تحت ما دل على منع الإبطال ودعوى أن النهي عن الإبطال جاء على سبيل الإطلاق فيكون الإبطال ممنوعاً منه شرعاً والمانع الشرعي كالمانع العقلي مسوغ للتيمم ولا ينتقض التيمم ما دام متحققاً فلا تنتقض الصلاة مردودة بأن تحريم الإبطال موقوف على صحة التيمم فلو توقفت صحة التيمم عليه دار وكذا لا يعارضه استصحاب إباحة التيمم أو استصحاب صحة الصلاة لأن الإباحة والصحة إنما وقعا على وجه خاص وهو ما دام الماء مفقوداً وأما مع وجوده فيتغير الموضوع وينقطع الاستصحاب وكذا لا يعارضه رواية (محمد بن حمدان) الدالة على أن من تيمم ودخل في الصلاة فأتي له بالماء يمضي في الصلاة وليس ينبغي لأحد أن يتيمم إلاّ في آخر الوقت وكذا رواية (الفقه الرضوي) الدالة على ذلك لضعفها سنداً لاشتراك (محمد بن حمدان) بين الهندي الثقة وبين غيره ولا قرينة تعين أنه الثقة ولمعلومية ضعف الرضوي وضعفهما دلالة لأنهما مطلقان وقد جاء ما يقيدهما من التفصيل بين الوصول إلى الركوع فلا يتنقض التيمم وبين عدم الوصول فينتقض المقيد وأقوى دلالة من المطلق والجمع بحمل المطلق على المقيد خير من إبقاء المطلق على إطلاقه وحمل المقيد على الندب كما حقق في محله سيما لو كان المقيد أقوى سنداً وأكثر عدداً كما هو هاهنا هكذا ولاحتمال حمل رواية (محمد بن حمدان) على ضيق الوقت وكذا لا يعارضه ما ورد في الصحيح فيمن تيمم وصلى ركعتين ثم فاجأه الماء أنه يمضي في صلاته فيتمها ولا ينقضها لمكان أنه دخلها وهو على طهور لأن عموم هذا التعليل مخصوص بما دل على التفصيل بين الوصول إلى محل الركوع وبين عدمه والخاص مقدم على العام مع احتمال إرادة الدخول في الركوع من لفظ دخلها لأنه هو الفرد الأكمل وقد ورد أن أول الصلاة الركوع وأنه ثلثها وأما أن يجد الماء بعد أن ركع والأظهر هاهنا المضي على الصلاة وعدم الإعادة للأخبار الدالة على ذلك وفيها الصحيح والحسن فهي أقوى سنداً من غيرها وأصرح دلالة فلا يعارضها الخبر الدال على أن من تيمم وصلى ركعة ومر بنهر قال: (فليغتسل وليستقبل الصلاة والخبر الآخر أن من صلى ركعة بتيمم وجاء رجل معه ماء قال: (يقطع الصلاة ويتوضأ ويبني على واحدة لضعفها عن المعارضة سنداً ودلالة فليحملا على إرادة التلبس بالركعة لإتمامها على أن الأخير لا قائل به ممن يعتد به وكذا لا يعارضها الصحيح الدال على أن من صلى ركعتين بتيمم يمضي ولا يعيد لأنا نقول به فهو مؤيد لنا لا ناف لما قلنا وعلى ما ذكرنا من أن الأصل انتقاض الصلاة إلا ما خرج بالدليل من الوصول إلى حد الركوع كان الواجب الاقتصار على مورد اليقين من الخارج وهو وجدان الماء لفاقده بعد أن ركع فلا يسري لمن برأ من مرضه أو أمن من خوفه أو غير ذلك بل تبقى هذه على القاعدة من الفساد ويحتمل فيها الصحة وعدم الانتقاض بمجرد الدخول في الصلاة بناء على استصحاب الصحة وإن الصلاة على ما افتتحت به وإنهم لم يعدوا من قواطعها برء المريض وأمان الخائف المتيممين ويحتمل إلحاقها بالفاقد للماء تسوية بينهما في الحكم وإلغاء للفارق لاستوائهما في العلة ابتداء فليتساويا استدامة ولا فرق فيما قدمناه من الحكم بين النافلة والفريضة لإطلاق الأخبار ويجوز العدول بعد وجدان الماء بعد الركوع إلى فريضة أخرى سواء قلنا أن التيمم انتقض بالنسبة إلى غيرها من الفرائض أو لم نقل وذلك لوحدة المعدول عنه والمعدول إليه وهل يجوز العدول لواجد الماء قبل الركوع للنافلة جمعاً بين عدم قطع الصلاة وبين بطلان الفريضة أم لا وجهان أقواهما الأخير لعدم ثبوت أن ذلك من مقامات العدول ومن احدث في أثناء صلاته المتيمم لها ثم وجد الماء بطلت صلاته مطلقاً لمكان الحدث سهواً كان الحدث أو عمداً وفاقاً لفتوى الأصحاب وللإجماع المنقول على أن ناقض الطهارة مبطل للصلاة والمنقول على أن الفعل الكثير مبطل لها فلا يمكنه البناء ولا يمـكنه التطـهير في الأثناء وللأخبار الدالة على
??
??
??
??
294 احكام الدفن
انوار الفقاهة / كتاب الطهرة 293
298 مسائل متفرقة
312 التيمم