پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج16-ص22

ثانيهــا: الأظهر والأشهر والذي دلت عليه الأخبار من أن (التيمم بمنزلة الماء) وأنه (يكفيك الصعيد عشر سنين) وأنه (جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً) وأنه (غسل المضطر ووضوئه) إن التراب كالماء فكلما يكون استعمال الماء سبباً لاستباحته يكون استعمال التراب على الوجه المخصوص سبباً لاستباحته فيجوز التيمم للصلوات المفروضة اليومية وغيرها من كسوفية وخسوفية قضائية وأدائية سواء قلنا بمضايقة وقت القضاء أو لا أو غير مفروضة من نافلة راتبة أو ابتدائية أو ذات سبب كصلاة الاستسقاء والزيارة ونحوهما ولغير الصلوات كمس مصحف أو قراءة عزائم أو سجود سهو أو دخول للمسجدين أو الحضرات المشرفة أو لبث في غيرهما من المساجد أو للكون على الطهارة أو لتكميل بعض الغايات أو لغير ذلك وبالجملة فكلما يستباح بالطهارة المائية يستباح بالطهارة الترابية ولكن هذه العمومات والإطلاقات كلها واردة مورد التيمم الشرعي الصحيح إجماعاً فلا يصح التمسك بها لإثبات ماهية التيمم وصفاته أو أجزائه أو نفي جزء أو شرط أو وصف أو قيد مشكوك به لأن أدلة التيمم الشرعي واردة على تلك العمومات وهو مجمل لوضعه للصحيح على الصحيح فتعود كلها مجملة بالنسبة إليه نعم بعد حصول التيمم الشرعي يصح التمسك بها لإثبات الأثر المترتب على المائية الصحيحة لأنه بمنزلته فظهر ما ذكرنا صحة الاستدلال بالعمومات على استباحة التيمم لكل ما يستباح بالمائية ولا يصح الاستدلال بها على نفي تقييده بوقت أو وصف أو شرط أو غير ذلك وحينئذ فلو شككنا في صحة التيمم للعبادة المؤقتة قبل وقتها منعنا صحتها ولم يكن لنا التمسك بالعمومات فلا يصح التيمم لفريضة أو نافلة قبل وقتها ويصح فيما لا وقت له عند إرادة فعله لا قبله بكثير كالنوافل المبتدئة ومس المصحف وغير ذلك لأنه هو المتيقن والمعهود ويصح فيما له سبب كالزلزلة والزيارة والاستسقاء والجنازة عند حصول هذه من تجهيز الميت والخروج إلى الصحراء أو الدخول إلى الحضرة ويصح وإن لم يترتب عليه المسبب استصحاباً لصحته بعد مشروعيته من غير تفاوت في الحكم بين مسوغات التيمم من فقدان ماء أو خوف مرض أو عطش أو غير ذلك.

ثالثهــا: ظهر مما قدمنا أن من تيمم تيمماً مشروعاً جاز له الدخول فيه في كل مشروط بالطهارة ما لم ينتقض تيممه بأحد النواقض للاستصحاب ولعمومات الأدلة ولخصوص الصحيح يصلي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار قال: (نعم) والآخر في الرجل يتيمم قال: (يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء) والآخر عن الرجل لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة؟ قال: (لا هو بمنزلة الماء) وما ورد في الصحيح من الأمر بالتيمم لكل صلاة يراد به كفاية التيمم لكل صلاة عند الحدث كقوله: (يجزيك الصعيد عشر سنين) وخبر السكوني أن التيمم لا يتمتع به إلا صلاة واحدة ونافلتها لا يسكن إليه في معارضة ما قدمنا فيحمل على التقية لموافقته لمذهب العامة.

رابعهـا: ظهر مما قدمنا جواز اللبث في المساجد للجنب المتيمم للعمومات المتقدمة وفتوى الأصحاب خلافاً لفخر المحققين حيث منع استناد الآية حيث أن الله تعالى منع القرب إليها وجعل الغاية الاغتسال وأراد بالصلاة مواضعها وإلا للزم التكرير لذكره لها بعد ذلك وللأخبار المشعرة بذلك والجواب إن ذلك عام مخصوص بما قدمناه وظهر أيضاً مما قدمناه وجوب تيمم المجنب للصوم لعموم المنزلة ولأن الغسل ماء فهو بمنزلته ولأنه من جملة ما يقع في العشر سنين مما استظهر (صاحب المدارك) من الفرق بين ما يتوقف استباحته على الطهارة المائية فإنه يستباح به التيمم لعموم الأدلة وبين ما يتوقف على نوع خاص منها كالغسل للصوم فلا يستباح به إذ لا ملازمة بينهما غير ظاهر وعلى نحو حمل كلامه وبأي طور فسر فهو منظور فيه.