انوار الفقاهة-ج16-ص20
سابعهـا: ذهب جمع من أصحابنا ونسب للمشهور إلى كفاية الضربة الواحدة للوجه والكفين في الوضوء ووجوب التعدد مرتين في الغسل مستندين إلى مناسبة الخفيف للأخف والثقيل للأثقل وللاحتياط في الجملة وللجمع بين الأخبار الدالة على المرة بحملها على الوضوء والدالة على المرتين بحملها على الغسل وبما رواه في المنتهى عن الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (() (إن التيمم من الوضوء واحدة ومن الجنابة مرتان) وبما روي في الصحيح عن التيمم قال: (هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين) وبالإجماع المنقول في الأمالي بأنه من دين الإمامية وفي الجميع نظر لضعف التعليل عن جعله من الدليل ولمعارضته الاحتياط باحتياط أقوى منه يظهر لك من الأدلة إن شاء الله تعالى ولعدم ثبوت رواية المنتهى في جميع الكتب فلا يحصل ظن بل شك بصحتها فالظاهر أنه اشتباه بالرواية الأخرى ولإجمال الرواية الأخرى لاحتمال كون الواو (في) (والغسل) معطوفاً على الوضوء لا استئناف وهو مقتضى للتسوية بينهما ويكون دليلاً على المرتين لهما معاً أما على المذهب المعروف بحمل النفضة والمرة على الضربة أو على ما لا يقوله أحد بجعل الضربتين متلاحقتين متقدمتين وتوزيع النفضتين على الأعضاء الثلاثة في المسحين ولعدم ثبوت الإجماع المنقول أما لعدم كون لفظ من دين الإمامية من ألفاظه وأما لعدم تحققه مع مخالفة الأساطين له ولورود الموثق والرضوي بالمنع من التفرقة بين تيمم الوضوء والغسل وإنهما سواء فظهر بذلك ضعف القول بالتفصيل وذهب جمع من الفحول إلى اتحاد الضربة للمسحين للأخبار البيانية الواردة في كيفية التيمم من حيث هو وفي كيفيته في مقام الجنابة الخالية عن ذكر الضربة الأخرى فمنها الصحيح في وصف التيمم (ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعها على الصعيد ثم مسح جبينه بأصابعه وكفيه إحداهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك) والظاهر أن التتمة من كلام الإمام (()وإن المراد بما لا يعاد هو الضرب لأنه هو الملحوظ في البيان ومنها الموثق عن التيمم (وضرب بيديه الأرض ثم رفعها فنفضها ثم مسحها على جبهته وكفيه مرة واحدة) ونحوه الآخر والظاهر الواحدة ولبيان الضرب لأنه محل التوهم بين العامة والخاصة دون المسح له ولا توهم في تكراره سيما والسائل عن مثل ذلك زرارة واشباهه وهم من أفقه الناس فلا يتوجه سؤالهم إلا عما كان مشتبهاً عليهم لا ما كان معلوماً عندهم عدمه كالمسح على جميع البدن أو المسح متعدداً على أن وحدة الضرب منقول عن علي (() وابن عباس وعمار وقد نقله العامة وهو دليل على أنه معروف بين علماء الإمامية كما أن غيره معروف أنه من مذهب العامة وذهب جمع من أصحابنا إلى تعدد الضرب مطلقاً في وضوء وفي غسل للاحتياط ولأن المشكوك بجزئيته في مقام العبادة جزء وبشرطيته شرط وللصحيح عن التيمم قال: (مرتين للوجه واليدين والآخر التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين والجزء الآخر (تضرب بكفيك على الأرض مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك) والآخر (تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين) وفي الجميع نظر لمعارضة الاحتياط باحتياط الموالاة واحتياط التشريع ومعارضة الأخبار بالأخبار المتقدمة وهي مرجوحة بالنسبة إليها لموافقتها لفتوى أكثر العامة سيما وفي بعضها الذراعين وهو من مذهبهم ولضعف دلالة كثير منها على الكيفية المعهودة من المرتين بل الظاهر من بعضها أن الضربتين متقدمتان ومتلاحقتان ومن بعضها أن الضربتين خاصة بالبدل عن الغسل وفي بعضها الإجمال لاحتمال المرتين للضرب واحتمالها للمسح واحتمالهما لبيان القول وفي بعضها احتمال إرادة المسحتين من الضربتين لصدق الضرب عليه فحمل هذه الأخبار على التقية أو على الاستحباب أولى وذهب بعض إلى تثليث الضرب موزعاً على المسح تمسكاً برواية شاذة لم يعمل عليها أحد ممن يعتمد عليه والأحوط الإتيان بالضربتين لعدم تحقق فوات الموالاة بالضربة المتوسطة بل الظاهر عدم فواتها وأحوط منه ضربة للوجه واليدين ثم ضربة لليدين وأحوط منه أن يؤتى بتيممين أحدهما يشتمل على ضربة والآخر على ضربتين.
ثامنهـا: يجب مسح الجبهة إجماعاً منقولاً بل محصلاً وشهرة محصلة وهو مقطوع به من النص والفتوى إنما الكلام في وجوب الزيادة عليها فالمشهور لزوم الاقتصار عليها ومن فقهائنا القدماء من أضاف إليها الحاجبين والجبينين ومنهم من أضاف إليها باقي الوجه مخيراً بينها وبينه أو معيناً للوجه دونها والأخبار في ذلك مختلفة فمنها ما تضمنت مسح الوجه وهي أكثرها ومنها ما تضمن لفظ الجبين مفرداً وهي جملة أخرى ومنها ما تضمنت لفظ الجبينين تثنية ومنها ما تضمن في نسخة التهذيب لفظ الجبهة وفي نسخة التهذيب الأخرى ونسخ الكافي لفظ الجبين والجمع بينها بقرينة فتوى المشهور وضعف القول بما دلت عليه الأخبار وشذوذ القول باستيعاب الوجه وعدم القول بوجوب جبين واحد وبالإجماع المنقول على نفي الزائد على الجبهة التي هي من القصاص إلى طرف الأنف وبالمحكي عن العماني من تواتر الأخبار بمسح الجبهة والكفين في تعليم عمار وبالرضوي تمسح بها وجهك موضع السجود من قدام الشعر إلى طرف الأنف الحمل على إرادة الجبهة من لفظ الجبين ولفظ الوجه لاستعمال لفظ الجبين في الجبهة وكذا لفظ الجبينين وقد ورد في المعتبرة استعماله كذلك كالموثق (لا صلاة لمن لا يصيب أنفه جبينيه) ونحوه غيره وكذا استعمال لفظ الوجه فيها عرفاً وشرعاً كالصحيح (خر وجهك إلى الأرض من غير أن ترفعه) وقوله (أنى آجر أن أضع وجهي موضع قدمي) ويؤيده إرادة الجبهة من الوجه خصوص الصحيح المفسر للآية الدالة على أن الباء للتبعيض والأحوط المسح على الجبينين مع الجبهة أخذاً بالمجمع عليه من الجبهة وبما دلت عليه أخبار الجبينين ولأن استعمال لفظ الجبينين فيما يعم الجبهة والجبينين أكثر من استعماله فيما يخص الجبهة ولظاهر إجماع الأمالي على وجوب مسح الجبينين وللتخلص من شبهة الخلاف وأحوط منه إضافة الحاجبين للمرسل (يمسح الرجل على جبينه وحاجبيه) وللتخلص من شبهة فتوى الصدوق بهما ولقربهما للإتيان بهما من باب المقدمة واحتياط الوجه لا وجه له والواجب المسح بباطن الكفين لأنه هو المعهود والمنصرف إليه إطلاق الفتوى والرواية وأن يكون بهما جميعاً للأخبار الدالة على المسح بهما معاً والظاهر منها هو الدفعة والمعهود ذلك أيضاً ولا يشترط تنصيف الممسوح على الكفين بحيث يأخذ كل منهما نصفاً لعدم الدليل وعدم معهوديته بخصوصه والإطلاق يقضي بنفيه.