انوار الفقاهة-ج16-ص19
سادسهـا: يجب على المتيمم ضرب اليدين على الأرض سواء كانت الأرض فوق اليدين أو تحتها أو مسامتة لهما والأخبار للإجماع والاحتياط الواجب وللتأسي ولأنّه المعهود فلا يكفي استقبال العواصف ولا ضرب الأرض على اليدين ولا وضع تراب عليهما ولا غير ذلك ونعنى بالضرب هو الوضع على الأرض باعتماد سواء حصل له صوت أو لا والظاهر أنه لا يكفي مجرد الوضع للمتمكن من الضرب لكثرة التعبير بالضرب في الفتوى والرواية فيحمل عليه ما جاء بلفظ الوضع حملاً للمطلق على المقيد ولكونه هو المعهود وللاحتياط في مقام فراغ الذمة وإن كان القول بجواز مجرد الوضع لحصول الغرض منه بالمماسة ولإطلاق الآية وحمل ما دل على الضرب على الاستحباب قوي إلا أن الأول أقوى ويجب أن يكون باليدين معاً للأخبار وفتوى الأصحاب وللتأسي وكونه المعهود ويجب أن يكون دفعة لا مرتباً لظاهر الأخبار فإن من وضع يديه وضرب بكفيه وتضرب بكفيك هو الدفعة والإطلاق منصرف إليه لأنه المعهود من فعل الأئمة (() والإمامية ويقضي به الاحتياط ويجب أن يكون الضرب بكلتا اليدين بباطنهما لأنه هو المنصرف إليه الإطلاق وهو المعهود من فعلهم (() وهو الموافق للاحتياط ولو تعذر الباطن وجب الانتقال إلى الظاهر لعموم (لا يسقط) و(ما لا يدرك) وربما شمله إطلاق الآمر باليدين لتوجهه إلى المختار والمضطر فالمختار بباطنهما والمضطر بظاهرهما ومقطوع اليد يكتفي بالواحدة لعموم (لا يسقط) وللاحتياط ومقطوعهما ينتقل إلى الزند للعموم المذكور وللاحتياط والقول بانتقاله إلى أن تيممه غيره قوي أيضاً والأحوط الجمع والقول بسقوط مسح الجبهة فقط هاهنا لعدم الأمر بها فقط فيسقط فرض الصلاة بسقوطها ضعيف ويجب استيعاب الكفين عند الضرب لظاهر الأخبار والاحتياط ولأنه المعهود، نعم يستثنى من ذلك ما لا يصل إلى الأرض عادة عند الضرب من الأجزاء الداخلة في الكف الشبيهة بالبواطن لجريان السيرة على عدم التفحص عنها ولا يجب كون الضرب على الأرض نفسها بل لو وضع التراب في إناء لأجزأ الضرب عليه قطعاً بل أكثر المرضى لا يتمكنون إلاّ من ذلك ولا يشترط العلوق كما ذهب إليه المشهور للأصل وخلو الأخبار عن الأمر به في مقام البيان ولاستحباب النفض المدلول عليه بالفتوى والرواية فلو كان العلوق معتبراً لما أمر بما كان عرضة لزواله ولجواز التيمم بالحجر أما بالمرتبة الأولى أو الثانية والغالب خلوه عن التراب العالق ولأن الضربة الواحدة كافية والغالب عدم بقاء شيء منها لمسح اليدين والظاهر من المشترطين للعلوق هو اشتراط المسح به لا مجرد نفس كونه عالقاً عند الضرب وقيل باشتراطه بل ولزوم المسح به لرواية زرارة وفيها فلما أن وضع الوضوء عن من لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحاً لأنه قال (بوجوهكم) ثم وصل بها (وأيديكم منه) أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجري على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها وظاهر الآية أن (من) للتبعيض كما صرح به (صاحب الكشاف) وإن المراد بالتيمم الراجع إليه ضمير الجار هو (المتيمم به) لأنّ (من) لابتداء الغاية (والضّمير) للمعنى المصدري أو (المتيمم منه) الذي هو الصعيد ويؤيد الرواية الاحتياط ويقين الفراغ به وكون التراب بمنزلة الماء فيجري عليه ما يجري على الماء من لزوم تأثيره في المحل بل ربما يقال أن الظاهر من أخبار التيمم والأمر باستعمال التراب ووصفه بالطهورية وغير ذلك هو أن المسح به وإن استعماله على نحو استعمال الماء ولا ينافي ذلك جواز التيمم بالحجر عند فقد التراب لأنا نشترط أيضاً استعمال حجر له تأثير في اليد مهما أمكن نعم لو لم يمكن جاز استعماله في المرتبة الثانية ويمكن الاستدلال عليه بقوله ((): (ثم مسح وجهه وكفيه ولم يمسح الذراعين بشيء) وبأن استحباب النفض دليل على لزوم العلوق لأن النفض لا يزيله أصلاً بل يزيد ما يؤدي للتشويه فالأمر بالنفض في الرواية ظاهر في ملازمته للضرب للأمر به بعده فيفهم منه لزوم العلوق معه لأنه إن اتفق العلوق استحب النفض وهو ظاهر وحينئذٍ فاشتراط العلوق أقوى واشتراط المسح به أيضاً قوي وهو الأحوط.