پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج16-ص8

في بعض المندوبات يستحب تشييع الجنازة إذا كان مؤمناً للإجماع والنصوص ويكره الركوب للإجماع والنصوص والظاهر أنه مكروه عبادة ويستحب المشي خلفها عرفاً لا بحيث يخرج في البعد عن هيئة المشيع فإن لم يكن خلفها مشى على جانبيها لدلالة الأخبار على ذلك ويكره المشي أمامها جمعاً بين الأخبار المجوزة والأخبار الناهية مع أن المشي أمامها من شعار العامة أو الرشد في خلافهم والظاهر أن الكراهة كراهة العبادة ويكره كراهة حقيقية المشي أمام جنازة المخالف للتعليل باستقبال ملائكة العذاب ويستحب تربيع الجنازة بمعنى حملها من الجوانب الأربع للأخبار وفتوى الأصحاب والظاهر أنه يستحب الاستدارة عليها مع ذلك مختتماً بما بدأ مرة أو مرتين أو أزيد والأخبار في كيفية التربيع مختلفة ككلام الأصحاب والمشهور نقلاً بل ربما يدعي تحصيلاً ونقل عليه الإجماع البدأة بمقدم السرير الأيمن على عاتقه الأيسر ثم بمؤخره ثم بمؤخر الأيسر على عاتقه الأيمن إلى أن يرجع فيجتمع إلى مقدمة يسار الحامل مع يسار المحمول مع يمين السرير بناء على أن السرير كالدابة السائرة والميت مستلقي عليها فيمينه يساره ويساره يمينه والظاهر أن السرير قبل ذلك في الزمن السابق كان له أربعة أرجل كهيئة الدابة وأما تابوت اليوم فالظاهر أن يمينه ويمين الميت سواء وقد ورد أيضاً ما يدل على الحكم المزبور كقوله ((): (السنة أن تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن) فيراد بالجنازة السرير لا الميت لقوله (() (مما يلي يسارك) ولقوله (() في المرسل (ابدأ باليد اليمنى ثم الرجل اليمنى ثم ارجع من مكانك إلى ميامن الميت) فإن الأمر بالرجوع إلى ميامن الميت دليل على يمين السرير في الأول وقيل في معنى التربيع عكس الأول ونقل عليه الشهرة وأيد بالاعتبار لاجتماع يمين الحامل والميت مع يسار السرير دون الأول لاجتماع يسارهما مع يمينه والأول أولى واُيّد أيضاً بالتحقيق الاستدارة المأمور بها معه من غير تكلف دون المذكور سابقاً لأن استدارة الرحى إلى اليسار غالباً وفي الجميع نظر ويستحب حفر القبر قامة أو إلى الترقوة للإجماع المنقول (ورواية الأذرع الثلاث) ولا يبعد استحباب القامة إلى الرأس وإلى الثدي ولكن الأول أفضل وهذا في الأرض المعتدلة فلو كانت رطبة يخرج ماؤها قريباً استحب دون ذلك أو كانت رملاً مهيلاً ضعيفة الحفظ من السباع استحب فوق ذلك ويستحب اللحد إجماعاً فتوى ونصاً وهو حفيرة واسعة بقدر ما يجلس الميت نحو القبلة ويكره الشق إلا للبدن لأمر الباقر (() بالشق له ويستحب أن يتحفى النازل إلى القبر ويحل أزاره ويكشف رأسه للأخبار وفتوى الأصحاب وأن يدعو عند نزوله بالمأثور ويكره نزول ذي الرحم القبر إلا الولد مع والده على الأظهر للأخبار وفتوى جملة من الأصحاب إلا إذا كان الميت امرأة فالمحارم والزوج أولى بإنزالها للأخبار وفتوى الأصحاب ويستحب إذا أريد دفنه أن يجعل الميت عند رجلي القبر أي بابه إن كان رجلاً للأخبار وإن كانت امرأة فقدامه للرضوي وفتوى المشهور ويستحب أن ينقل الميت مرتين ويوضع ويصبر هنيئة وينزل في الثالثة للرضوي وفتوى الأصحاب ويستحب إنزاله سابقاً برأسه إن كان رجلاً وأخذها عرضاً إن كانت امرأة وأن يحل عقدة كفنه بعد نزوله وأن يلقنه الولي أو من بأمره أصول دينه وأن يجعل معه تربة الحسين (() وأن يشرح اللحد وينضد باللبن وأن يخرج من قبل رجليه وأن يهيل الحاضرون التراب عليه بظهور الأكف مسترجعين وأن لا يهيل ذو رحم وأن لا يوضع على القبر غير ترابه وأن يلقنه الولي بعد انصرافهم

عنه أصول الدين وأن يرفع القبر قدر أربع أصابع منفرجات وأن يكون سطحاً مربعاً وأن يضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين له ويكره فرش القبر بالساج وتجصيصه باطناً بل وظاهراً سوى العلماء وشبههم ويكره تجديد القبر بعد اندراسه وجميع ذلك دلت عليه الأخبار وفتوى الأخيار فلا محيص عنها.

القول في التيمــــم

وهو لغة القصد وشرعاً قصد أفعال مخصوصة على وجه مخصوص أو أفعال مخصوصة مقترنة بالقصد وهو في الحقائق الشرعية الموضوعة للصحيح على الصحيح ومشروعية ثابتة بالكتاب والسنة قال سبحانه وتعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى( نبه بدلالة الإيماء على أن الممنوع من استعمال الماء مع وجوده من مرض حالي أو استقبالي يتوقع باستعمال الماء أو من خوف العطش عند إتلافه وما شابه ذلك من العوارض ثم قال: (أَوْ عَلَى سَفَرٍ( نبه بذكر السفر لأنه مظنة عدم الماء في السفر البري على عدم وجوده أو وجوده وعدم إمكان الوصول إليه لعدم الآلة أو لقطع طريقه من سبع أو لص أو ظالم أو لكونه مال الغير أو لكونه نجساً أو لضيق الوقت عن استعماله وما شابه ذلك ثم قال: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً( وأراد بعدم الوجدان ما يشمل ما دل عليه ذكر المرض والسفر تأكيداً لكون الحكم معلقاً عليهما لا لأنفسهما بل لعدم القدرة على الماء وذكر الغائط والجنابة تبينها على قيامه مقام رافع الأصغر والأكبر أو بمعنى الواو ووسط ذكرهما تنبيهاً على ترتيب التيمم على عدم وجدان الماء لا عليهما ثم قال سبحانه وتعالى: (فَتَيَمَّمُوا( أي اقصدوا، (صَعِيدًا( أي وجه الأرض كما عن المشهور بين اللغويين والفقهاء أو التراب الخالص كما عن بعض ثم قال : (طَيِّبًا) أي طاهراً خالصاً من غير الأرض ثم قال: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ( أي ببعضها مبتدئين منه أو من بعضه ويمكن إرادة نفس الفعل من قوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا( فيكون صعيداً منصوب بإسقاط الخافظ ودلّ على مشروعية التيمم الإجماع والسنة الدالة على أنه بمنزلة الماء وأنه يجزيك الصعيد عشر سنين وأنه أحد الطهورين وأن الأرض مسجد وطهور ولولا الإجماع وجملة من الأخبار الدالين على كونه مبيحاً لا رافعاً لكان حكمه حكم الماء والكلام فيه في مواضع: