انوار الفقاهة-ج16-ص1
أحدهـا: تجب مواراة الميت المسلم ومن بحكمه في الأرض على الكيفية المعهودة بحيث يحفظ جسمه من السباع المعتادة ورائحته من الانتشار على النحو المعهود ولا عبرة ببعض السباع التي لا يحفظ منها إلا القدر العميق نعم لو علم ذلك في حيوان خاص فلا يبعد وجوب حفظه مما لا عبرة بظهور بعض الرائحة الخارقة للعادة والظاهر أن الوصفين مثلاً زمان غالباً ولا يكفي أحدهما عن الآخر ويدل على اشتراطهما الإجماع وبعض الأخبار وكونه المعهود من فعل الأئمة (() ولا يجزي حلول الوصفين من دون صدق الدفن عرفاً كوضعه في بناء أو تابوت أو بيت وحجرة ضيقة أو غير ذلك للإجماع والتأسي وكذا لا يجزي وضعه في سرداب مبني بابه أو شبه ذلك لعدم صدق الدفن والإقبار بل الظاهر وجوب صدق الدفن في القبر عرفاً فلا يجزي ما لم يسمى بذلك كالموضوع عليه تراب كثيراً أو حائط ينهدم عليه.
ثانيهـا: يجب الاستقبال به إلى القبلة بأن يضطجع على الجانب الأيمن ويستقبل بمقاديمه القبلة للتأسي والأخبار والإجماع المنقول وفتوى الفحول وما دل على الاستقبال بالميت مطلقاً يدل على ذلك أيضاً.
ثالثها: يسقط وجوب الاستقبار عند التعذر فيؤخذ بما هو الأقرب فالأقرب إلى الهيئة المعهودة لعموم (لا يسقط) ولأن المقصود مواراته مهما أمكن.
رابعهـا: من مات في البحر وأمكن دفنه خارجه وجب للقواعد المقررة وإلا ثقل وطرح في الماء كما دلت عليه الأخبار وفتوى الأصحاب ولا فرق بين البحر وغيره من المياه للمساواة بينهما وهل يجب الاستقبال به عند طرحه الظاهر العدم والأحوط نعم ولو أمكن وضعه في وعاء أو خابية ويرمى مستقبل القبلة جاز قطعاً للصحيح الدال على ذلك وفتوى الأصحاب بذلك وهل يجب لأقربيته لهيئة الدفن وهيئة المستقبل ولزيادة صيانته عن الحيوانات وعن هتك حرمته مقتضى القواعد وجوبه يقيناً فيقدم على وضعه من دون ذلك فإن لم يمكن وضع كما ذكرناه أولاً ولكن مشهور الأصحاب على التخيير جمعاً بين الروايات فاتباعهم أقوى والترتيب أحوط.
خامسهـا: الذّمية الحامل من مسلم بنكاح صحيح إذا ماتت ومات الذي في بطنها دفنت في مقابر المسلمين احتراماً للمسلم وللإجماع المنقول وفتوى الفحول ولخبر أحمد (أيشيم الأمر بدفنه معها) والظاهر أنّ الدفن بمقابر المسلمين وإن لم يصرح فيه من الخبر وقيل بشق بطنها وإخراجه ودفنه في مقابر المسلمين دونها ويرده الخبر المعتبر بفتوى الأصحاب وأنه قد يكون هتكاً لحرمة الولد ولا فرق بين موتها قبل ولوج الروح في الولد وبعده عملاً بإطلاق النص والفتوى ولا يبعد إلحاق المتولد من زنا بمن تولد بنكاح صحيح عملاً بإطلاق الإجماع وكثير من الفتوى وبقاء احترامه للإسلام لا للتبعية لأن ولد الزنا لا يتبع أبويه بل لقوله ((): ( كل مولود يولد على الفطرة ) وهل يلحق غير الذمية بها لاحترام الولد والتساوي في الكفر بعد الموت أو لا يلحق للأصل واختصاص الخبر والكثير من الفتوى بها فيشق بطن غير الذمية ويخرج الولد وجهان أقواهما الأول وإذا دفنت الذمية يجب الاستدبار بها للقبلة على جانبها الأيسر