پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج15-ص18

ومنهـا: أنه تجب على الواطئ الكّفارة مع العلم بالحيض والتحريم وفاقاً لمشهور المتقدمين ونقل عليه الإجماع ودلّ عليه ظاهر جملة من الأخبار وذهب أكثر المتأخّرين إلى الاستحباب للاصل ولاختلاف الأخبار فيها المؤذن بالاستحباب وللأخبار النّافية لها كقوله في الصّحيح عمّن واقع امرأته وهي طامث أعليه كفارة قال (لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله تعالى) وفي آخر (ليس عليه شيء يستغفر الله تعالى ) المؤيدة بفتوى مشهور المتأخرين الموافقة للعمومات وهو أقوى جمعاً بين الأخبار وهو أولى من الجميع بحمل المثبتة على العالم والنافية على غيره ولشذوذ القول به إلاّ أنّ الأوّل أحوط وقدرها دينار عن أوّله ونصف في وسطه وربع في آخره ومن لم يجد تصدق على مسكين واحد وإلاّ استغفر الله كما دلّت عليه (رواية داود بن فرقد) وأفتى به المشهور ونقل عليه الإجماع فيما عدا الأمة فما ورد من التصدق بشبعة مسكين وأفتى به الصدوق ضعيف أو محمول على ما إذا كان القدر من قيمة قدر أحد المقادير المتقدمة وكذا ما ورد من التّصدّق بنصف دينار وما ورد في التّصدُّق بدينار متروكٌ أو محمولٌ على وسطه من الأوّل وأوله في الثّاني وكذا ما ورد فيمن أتى جاريه من التصدق على عشرة مساكين أما مطروح أو مخصوص في الجارية أو محمول على بلوغها أحد المقادير وقت السؤال وعلى القول بالاستحباب فالتحيز بين هذه المقادير غير بعيد عن مذاق الأصحاب ويراد بالأول والوسط والأخير هو تقسيم الحيض أثلاثاً والعمل على كل قسم بما وظف كما فهم الأصحاب والظّاهر من لفظ الرواية ذلك ويعرف هذا التقسيم عند الفراغ منه وقد تعرفه ذات العادة ولا يراد بالوسط هو ما بين اثنين مطلقاً فالستة أولها الأوّل وآخرها الأخير ووسطها الأربع لأنّهُ خلاف فهم الأصحاب وظاهر رواية الباب ولا يراد بالأوّل والآخر والوسط بنسبة أكثر الحيض فالثلاثة لا وسط لها ولا أخر والسّتة لا آخر لها والسّبعة فما فوق لها أول ووسط وآخر كما فهم الرّاوندي لشذوذه وبعده عن ظاهر الرّواية وما عن سلار أنّ الوسط ما بين الخمس والسّبع فمن كانت عادتها خمسة لا وسط لها شاذّ لا يلتفت إليه ولا يتفاوت الحال في ترتب الكفارة بين الدائمة والمتمتع بها والمزني بها والموطوءة وشبهه والمملوكة لاطلاق الأخبار وكلام الأخيار ومنع بعضهم منها في الأجنبية لغلظ الذنب فلا تكفر العظيم وهو بعيد وذهب جمع من الأصحاب ونسب للمشهور ونقل عليه الإجماع أنّ الأمة غير الحرّة وإن الواجب التصدق بثلاث أمداد تفرّق على ثلاثة مساكين ولم نرَ عليه دليلاً من الأخبار فالقول به متجه إلاّ أنّ الأقوى المساواة مع الحرة أخذاً بالإطلاق وما دلّ في التصدّق على عشرة مساكين لم نر عاملاً به والمراد بالدّينار هو الذّهب الصّنمي المسكوك وأما نصفه وربعه فإن كان مسكوكين فلا كلام وإلاّ أجزئت عنهما القيمة قطعاً وفي أخزاء القيمة عن المسكوك وعدمه وجهان أقواهما الإجزاء لأنّ المفهوم من الأخبار ومن تقدير النصف والربع أنّ المراد إيصال قدر ذلك لا عينه وللزوم المشقة غالباً ولعدم تيسر توزيعه على الفقراء غالبا أيضاً نعم لا يبعد الاقتصار على قيمته من النقدين المسكوكين ذهباً أو فضة لأنه المتيقن من القيمة وفي إجزاء غير المسكوك أو غير النقدين إشكال والاقتصار على عشرة دراهم في القيمة لا وجه له لأنّ القيمة قد تزيد وقد تنقص ومصرف هذه الصدقة مصرف سائر الصدقات ويقوى الاقتصار فيها على الفقراء والمساكين لأنه هو الظاهر من التصدق في الأخبار وللتصريح بالمسكين في جملة من الأخبار ولأنهما المتيقن والظاهر ترتب الكفارة على العامد فقط دون غيره لظاهر اتفاق الأصحاب وللإجماع المنقول وللأصل السالم عن المعارض من إطلاقات الأخبار لانصرافها إلى العامد ولقوله (() في خبر أبي بصير عن وقوع الرجل على الطامث خطأ قال ( ليس عليه شيء وقد عصى ربه) وظاهر الرواية إطلاق كلام الأصحاب شمول ذلك للجاهل بالحكم بقرينة وقد عصى ربه في الرّواية وظاهر الكفارة ترتُّبها على الإثم والجاهل معذور سيما لو لم يتفطن للسؤال والقياس على كفارة الحج قياس مع الفارق ونقل الإجماع على عدم الكفارة على الجاهل أيضاً فالقول بعدم الكفارة عليه هو الوجه والعاجز عن الكفارة تسقط عنه وجوباً واستحباباً ولا يعيدها عند القدرة لو تمكن على الظاهر ولا يبعد أنّ الإستغفار ينوب منابها ولو لم يستغفر بقيت في ذمته ولو قدر على البعض فلا يبعد الوجوب لتنزيل الأمر بالكل منزلة أوامر متعددة ولعموم ما لا يدرك لا يترك ولا يسقط الميسور بالمعسور ولو تكرر الوطء تكررت الكفارة لأصالة عدم التداخل سواء تكررت في الزمن الأوّل أو الوسط أو الأخير أو تكررت في جميع الأزمان فإنّ كلاًّ من المكرر بأخذ حكمه ولا فرق بين وقوع التكفير في الأثناء وعدمه وإن كان في الأوّل أظهر ولا بين مضي زمان كثير وعدمه ولا بين تغاير الأزمان وعدمه ودعوى تداخل الأسباب هنا فيكفي فيها مسبب واحد عرفاً كأوامر الوضوء وغسل الجنابة بعيد عن ظاهر الخطاب ولولا الدليل لما كان إلى القول بالاتحاد هناك سبيل والظاهر ثبوت الكفارة على الاستدامة كالابتداء فيما لو علم بالحيض في الأثناء ولم ينزع ولا تجب الكفارة على الموطوءة لابتداء ولإستدامة.