انوار الفقاهة-ج15-ص16
ومنهـا: أنه يحرم وطؤها قُبلاً إجماعاً وكتاباً وسُنّة وتُصدّق في قولها إذا لم تكن مُتّهمة لما ورد في الحكم بتصديقهن وذات العادة يجب اجتنابها ما دامت في العادة والأحوط انتظارها للعشر للاستصحاب واحتمال الانقطاع والمبتدئة إلى تمام العشرة والمضطربة إلى تمام ما تتحيض به كما مر آنفاً ولو لم تعين حيضها في مقام التخيير جبرها على التعيين فإن لم يمكن احتمل جواز وطئها مطلقاً للأصل والاجتناب مطلقاً للاحتياط وتفويض أمر التعيين إليه والنقاء المعتاد لها بين الدمين حكمه حكم الدّم على الأظهر ويجوز وطؤها بعد النقاء قبل الغسل شبقاً كان أم لا للأصل وعدم صدق الحائض عليها بعد ذلك لغة وشرعاً ووجوب الغسل تابع لحدث الحيض شرعاً لا للحيض نفسه ولفتوى المشهور والإجماع المنقول والأخبار كموثقة علي بن يقطين الحائض ترى الطهر فيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل (قال لابأس وبعد الغسل أحب إلي)وفي آخر إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل فإن فعل ذلك فلا بأس به وقد يستدل عليه بقوله تعالى: (حتىّ يَطهُرْنَ ( بقراءة التخفيف حيث أنّ الطهارة بالمعنى الشرعي الذي هو رفع الحدث لم يثبت والمعنى اللغوي شاهد لنا لأنه صالح لإرادة انقطاع الدّم ومفهوم الغاية يشعر بجوازه بعده ويؤيده ما ورد أنّ غسل الحيض سنة لا فريضة ولا ينافيه قراءة التشديد لمجيئ فعّل بمعنى فعل وكونه صالحاً لإرادة التنظيف عن النجاسة وغسل الفرج كما أفتى به جمع ودل عليه الخبر فيمن انقطع عنها حيضها وأصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها ويساعده مفهوم قوله تعالى ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ(، لا يُعينّ وجوب غسل الفرج والتنظيف كما أفتى به جمع عيناً وجمع آخر تخير بينه وبين الغسل للأصل وخلو الأخبار البيانية في مقام الحاجة عنه فلتحمل الآية والرواية على الندب أو على أن تطهر بمعنى طهر أو على أنّ مفهوم الشرط نفي الإباحة وهو حاصل مع الكراهة وما ورد في بعض الأخبار من المنع عن وطئها (كموثقة أبي بصير) الناهية عن وطئها حتى تغتسل و(موثقة عبد الرحمن) و(موثقة أبي سعيد) وغيرهن محمول على التقية أو الكراهة جمعاً لعدم القائل بمضمونها ممن يعتد به والأحوط عدم الإتيان إليها قبل الغسل إلاّ أن يكون شبقاً فيأمرها بغسل فرجها لفتوى الصدوق وإن لا يؤتى إليها مطلقاً إلاّ بعد غسل فرجها لفتو ى جمع بذلك.
ومنهـا: أنه يجوز الاستمتاع بها في غير القبل ولو في الدبر للأصل وفتوى المشهور وظاهر قوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ( بإرادة اسم المكان دون المصدر واسم الزمان لافتقارهما إلى تكليف وقوله تعالى (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ( وعمومات الأدلة المجوّزة لمباشرة النساء والمجوزة للوطء في الدبر ولقوله (() في الموثق (إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما أتقى موضع الدّم) وقوله في الصحيح ما للرجل من الحائض قال (ما بين إلبيها ولا يوقب)والنهي عن الإيقاب للكراهة إذ لا مفصل بالمنع بين الإيقاب وغيره من أنواع الاستمتاع أو محمول على الوطء من القبل وقوله (() بعد قوله (ما لصاحب المراة الحائض منها قال كل شيء ما عدا القبل بعينه) والضعيف من هذه الأخبار مجبور بفتوى المشهور وذهب المرتضى إلى تحريم الاستمتاع بها إلاّ بما فوق المئزر ومنع من الاستمتاع بها ما بين السرة والركبة استناداً لقوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ( وقوله تعالى (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ( وللصحيح في الحائض ما يحل لزوجها قال (تتزر بازار إلى الركبتين وتخرج سُرّتها ثم له ما فوق الإزار) وفي آخر (تلبس درعاً ثم تضطجع معه) وفي آخر ( ما يحلّ من الطامث قال لا شيء حتى تطهر) والكل ضعيف لظهور إرادة المكان من لفظ المحيض دون المصدرية والزمان وظهور المقاربة في النكاح ولأنه لا يراد بها المعنى الحقيقي إجماعاًَ فيتعين حمله على أقرب المجازات وأشهرها ولأنه يلزم من إزادة العموم وخرج منه ما خرج وبقي الباقي كون الخارج أكثر من الداخل وهو متروك والمجاز خير منه ولمعارضة الأخبار بما هو أقوى منها سنداً وعدداً وبُعداً عن فتوى العامة وعمومات الأدلّة فلا بُدّ من حملها على الكراهة.