انوار الفقاهة-ج15-ص10
سابع عشرهـا: تستظهر ذات العادة بعد تمام العادة بترك العبادة والبناء على الحيض إذا لم ينقطع الدّم عليها واستمر بعدها بيوم أو يومين أو ثلاثة كما في الصحيح أو بثلاثه كما في صحيح (محمد بن عمر بن سعيد) أو بيومين كما في صحيح (زرارة) أو بيوم واحد كما في موثقة (إسحاق بن جرير) أو إلى العشرة كما في موثقة يونس بن يعقوب ويشعر بها غيرها من الأخبار وظاهر الروايات التخير في قدر الاستظهار بين هذه المراتب وإن مراد الشّارع الثّاني لذات العادة من المبادرة إلى الحكم بالطهارة واستعمال العبادات لقوّة الظّن بالحيض واستمراره إلى العشرة بل كلما ازداد الاستظهار بحيث وصل العاشر كان أولى ومن ذلك كان من المحتمل أنّ إرادة الشارع استمرار الاستظهار إلى العشرة لأنّ بها يبين الحيض عن غيره وتنزل الأخبار المحددة باليومين والثلاث والواحد على اختلاف العادات فمن كانت عادتها سبعة استظهرت بثلاث وثمانية بيومين وتسعة بيوم لأنّ غالب عادات النساء ذلك ويبقى غير الغالب داخلاً تحت الروايات العشر وهل هذا الاستظهار على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة أقوال تنشأ من ظاهر الأوامر وإنها للوجوب ومن حصول القرائن على الندب كخلوّ كثير من الصّحاح من الأمر به بل الأمر بالاغتسال بعد العادة كصحيحة معاوية بن عمار المستحاضة تنتظر أيامها فلا تصلي فيها ولا تقربها بعلها فإذا جازت أيامها ورأت الدّم اغتسلت للظهر والعصر وصحيحة (ابن سنان) لا بأس أن يأتيها بعلها كيف شاء إلاّ أيّام قرئها وموثقة سماعة المستحاضة تصوم شهر رمضان إلاّ الأيام التي كانت تحيض فيها إلى غير ذلك. وهذه الأخبار وإن كانت بينها وبين الأخبار الأوّل عموم مطلق فينبغي حمل العام على الخاص فيها إلاّ أنّ اختلافها في قدر الاستظهار وفتوى المشهور بخلاف ظاهرها من الجواب يضعف إرادة الوجوب وحينئذٍ فهذا القول أقوى والاحتياط لا يخفى ومنشأ القول بالإباحة هو الأخذ بروايات الأمر بالطهارة وحمل ما دلّ على الاستظهار على إرادة الإباحة لوقوعه في مقام توهم الخطر في ترك العبادة وفيه أن توهُّم خطر تركها ليس بأولى من توهم خطر فعلها فلا معنى لتوهم ذلك التوهّم وإما الجمع بين الأخبار بحمل ما دلّ على الاستظهار على ما إذا كان الدّم بصفة الحيض وما دلّ على عدمه على ما إذا لم يكن بصفة بعيد عن الأخبار وكلام الأخيار والإيراد على القول بندب الاستظهار أو إباحتهِ بلزوم كون العبادة مرجوحة عند فعلها أو مباحة وذلك غير جائز مدفوع بأن العبادة عند عدم البناء على الاستظهار راجحة بل واجبة وينوي بها الوجوب وعند البناء عليه محرمة غير مشروعه فالتخير في البناء عليه وعدمه ويترتّب عليهما فعل العبادة وتركها إلاّ في نفس العبادة وتركها وينظر ذلك التخيّر في الرجوع إلى المجتهدين المختلفين في الفتوى أو إلى الروايتين المختلفتين في الحكم بل ربما يقال أنّ المقام مما تعارض فيه نصان وليس عندنا فقد المرجح والعجز عن الجمع إلاّ التحيز وهو قاض بذلك.