پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج15-ص8

ثالث عشرهـا: المرأة إما ذات عادة أو غير ذات عادة وذات العادة هي ما تكرّر عليها الدّم عدة أيّام سواء فلا بُدَ من التكرّر والعود فلا يكفِ المرّة الواحدة إجماعاً منا ولا تفتقر إلى دمّ ثالث ويدل على ذلك فتوى الأصحاب (ومُرسلة يونس) قال فيها فإن انقطع الدّم لوقته من الشّهر الأوّل سواء حتى توالت عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الآن أنّ ذلك قد صار لها وقتاً وخلقاً معروفاً فتعمل عليه وتدع ما سواه ثم علّلَ بقول رسول اله (() : (لمن تعرف أيّامها دَعي الصّلاة أيّام إقرائكِ) ولم يقل ولم يقل قرئيك وأدنى الإقراء الحيضتان ومقطوعة سماعة إذا اتفق شهران عدة أيّام سواء فتلك عادتها ولا حاجة فيها إلى تكرّر الطّهر الثّاني كالأول بل لو رأته في أوّل شهر خمسة وفي ثاني شهر كذلك ثم انقطع عشرة فيه وعاد واستمر كانت ذات عادة وفاقاً للمشهور وإطلاق الروايات ولا تفتقر إلى تكرُّر الدّم في شهرين هلاليّين بل يكفي تكراره في الشّهر الواحد فيثبت به عادة عدديه ويمكن وقوعه في ثلاث أو اكثر فيثبت عادة وقتية عددية وإطلاق الشّهر في الروايتين وإن كان المراد به الشّهر الهلالي لا الشّهر الحيضي لأنه المُتصرّف إليه الإطلاق لكّنهُ محمول على الغالب والوصف وشبهه إذا خرج مخرج الغالب لا عبرة به وكذا تخصيص التكرار بالشهرين دون الأزيد والعادة إما وجودية وهي ما تؤخذ من تكرر نفس الدّم أو وصفيّة وهي ما تؤخذ من تكرر وصفه أو مركبه منهما معاً والأظهر عدم جواز أخذها من عادة الأقران أو من حكم الشارع به عند الاضطراب أو غير ذلك لعدم انصراف الأخبار إلى ذلك وفي أخذها من رؤيته أشد واجمع وصفاً من غيره مع الاستمرار إشكال والنقاء المُتخلّل بين دمين إذا أعتيد حكم عليه بالاعتياد كالدم فيحكم بحيضيته ومع اعتياده فهل يَحلُّ بالعادة عند تخلله كما إذا رأت في أول الشّهر خمسة دماً متواصلاً وفي الثانية خمسة بين الرابع والخامس يوماً بياضاً أو لا يخل؟ وجهان أقواهما العدم ويشترط في العادة أنّ لا يتخلّل بين المرّتين دم مخالف فلو تخلل دم بين المرتين مخالف لم يثبت بهما عادة وقد تتركب العادة من عادتين كما إذا رأت أول الشّهر وآخره ثم رأت كذلك مرة أخرى وكذا لو رأت في العددية أربعاً ثم رأت خمساً ثمّ تكرّر ذلك فإنّها تثبت بها عادة عددية أما لو لم يتكرّر الأوّل بعينه بل تكرّر غيره كانت الثّانية ناسخة للأولى مع احتمال أنّ النّسخ متوقف على كثرة التّكرر لقوّة الظّن بالعادة الأولى وقد تختلف العادة بحسب المكان والزمان فتكون العادة في مكان مغاير للعادة في مكان آخر ولا تثبت العادة طهراً بل إنما تثبت حيضاً في الشّهر الواحد نعم يلزم ذلك كون بقية الشّهر عند استمرار الدّم وعدم فاصله أقل الطهر طهراً وحينئذٍ فلو رأت في شهرٍ دماً ولم ترَ في الثّاني شيئاً ورأت في الثالث دماً ولم تر في الرابع شيئاً ثم رأت في الخامس والسادس دماً لم تحكم على السادس بالطهريه مع عدم استمرار الدّم بل كان صدوره على حسب ما رأته أولاً وإنما يحكم بحيضيته.

رابع عشرهـا: العادة إما وقتّية عدديّة وهي ما تكرر دمها في وقتين مُتساويّين في الوقت ولا يضر الكسر في اليوم سيما لو كان قليلاً وفي الكثير إشكال واليوم التام مخل على الأظهر وفي عددين متساويين لا يزيد أحدهما على الآخر بيوم تام ولا بأس بالكسر القليل وفي الكثير إشكال ويشترط لا أن يتخللهما دم مخالف للوقت أو العدد فلو تخللهما لم تثبت العادة وإما وقتية فقط وهي ما ضبط الوقت فيها من أول الحيض أو آخره أو وسطه أو أوله ووسطه أو وسطه وآخره والأظهر صحة هذه العادة مطلقاً والرجوع إليها عند الاشتباه بإضافة ما يكمل به العدد من رجوع إلى وصف أو عادة اقران أو ما في الروايات والحكم بالتخيير لها في إضافة ما شاءت وجه والمراد بالوسط أن تعتاد أنّ أوّل الشّهر مثلاً وسط لحيضها مع عدم معرفة قدر الطرفين وعدم استقرارها وإلاّ فمن اعتاد الوسط الخاص اعتاد الطرفين وعرفهما فتكون العادة عدديّة وقتيّة وكذا من عرف الأوّل والآخر والأول والوسط أو الوسط والآخر عرف الوقت والعدد ولو اعتادت أنّ يوماً من أيّام حيضها هو أول الشّهر كانت من العادة الوقتية في وجه وتخيرت في الإضافة إليه من قبل أو من بعد أو من الطرفين بعد فقد الصفات وعادة الأقران ولا يبعد الرجوع إلى الروايات هاهنا أيضاً ولو أعتادت أنّ حيضها في النصف الأوّل أو الأخير ففي إلحاقها بالعادة إشكال وأما عدديّة فقط وهي ما اعتادت عدداً خاصاً من غير زيادة يوم تام أو أغلبه على وجه من غير تعيين وقت خاص ومن غير فصل لما بين المرّتين بدم مغاير لهما في العدد وفي إلحاق من اعتادت قدراً ناقصاً في ضمن زائد كمن رأت أَربعة ثم خمسة أشكال وأشكل منه العكس كأن رأت خمسة ثم أربعة والأحوط عدم جعل الأربعة عادة في كل من المثالين.