انوار الفقاهة-ج15-ص5
سابعهـا: لا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيّام بلياليها كاملة متوالية يتبع بعضها بعضاً صحيحة إن ابتداء الحيض في أولها وملفقة إنْ انكسر اليوم الأوّل وعلى الأوّل تدخل الليلتان المتوسطتان وعلى الثّاني تدخل الثلاث ويحتمل عدم احتساب اليوم المنكسر مطلقاً ويحتمل احتسابه تاماً ويحتمل الفرق بين الكسر القليل فالثاني والكثير فالأول والأوجه ما قدمنا والاحتياط غير خفي وتكميل الكسر من اللّيل وجه والأوجه خلافه ويشترط الإِستمرار في الثلاثة ولو في الرحم بحيث كلما إذا دخلت القطنه وجدت الدّم فلا يكفي في الحيض أقل من ثلاثة أيّام للإجماع والأخبار المتكثرة الدّالة على أن الحيض لا يكون أقل من ثلاث وإن أدنى الحيض ثلاث ولا تكفي الليالي الثلاث دون الأيام لأنّ الموجود في الأخبار وهو الأيام لا الليالي لا تكفِ الأيام دون الليلتين المتوسّطتين في الصحاح أو دون الثلاث في الملفق لتبادر دخولها في مثل هذا التركيب عرفاً وشرعاً واستقراءً لظاهر الاتفاق ولا يكفي وجودها في ضمن العشرة غير متوالية كما اكتفى بها الشيخ (() سواء كان وجودها أياماً كاليوم الأوّل والخامس والعاشر أو دون ذلك أو أكثر أو أبعاضاً بحيث لو اجتمعت كانت ثلاثة كما إذا رأته ستة أنصاف أيّام في ستة أيّام أو أكثر أو تسعة أثلاث في تسعة أيّام أو أكثر أو تناوب عليها النقاء والدم ساعة وساعة إلى ستة أيّام أو أكثر إلى غير ذلك كل ذلك لتبادر التوالي من الروايات الحاكمة بأن أدنى الحيض ثلاث وللرضوي الدّال على ذلك المعتضد بفتوى المشهور نقلاً بل تحصيلاً وللأصل النافي للحيض عند الشكّ فيه وللاستصحاب المثبت لصحة العبادات السابقة والمثبت لإمكان تعلق الخطاب بها والإيراد بمنع تبادر التوالي أو بتسليمه ودعوى حصوله إذ من يقول بكفاية وجودها في ضمن العشرة يقول أن ما بين الثلاث حيض وإن لم يكن فيه دم وبمنع حجته الرضوي وبمنع الأصل لمعارضته بأصالة البراءة من التكليف سيّما قبل دخول الوقت مدفوع بأن منع تبادر التوالي مكابرة وإن الظاهر من لفظ الحيض هو الدّم دون النقاء المتخلل وإن الرضوي حجة إذا تأيَّد بفتوى لمشهور وإن أصالة البراءة لا تعارض استصحاب القابلية للتكليف وتعلق التكليف أو التكليف المحقق بعد تعلقه ومن جاء حجة للشيخ (() من مرسل يونس وقوله فيه (وإن انقطع الدّم من بعد ما رأته يوماً أو يومين اغتسلَت وصلّت وتطهّرت من يوم الدّم إلى عشرة أيّام فإن رأت في تلك العشرة من يوم رأت الدّم يوماً أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيّام فذلك الذي رأته) في أوّل الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة من الحيض وهو طويل أخذنا منه موضع الحاجة وفي الصحيح محمد بن مسلم وموثقته الدالتين على أن المرأة إن رأت الدّم قبل العشرة فهو في الحيضة الأولى وإن رأته بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة ضعيف لضعف المرسل سنداً ومتناً لاشتماله ظاهر على كون ما بين الدمين طهراً ولا يقول به أحد لأنّ الطّهر لا يكون أقل من عشرة كما دلّت عليه الأخبار ونطق به أخير هذا المرسل وضعف دلالة الروايتين على ذلك لأنّ قوله (() فهو من الحيضة الأولى موقوف على ثبوت كون الأوّل حيضاً وهو أول المسألة وبعد ثبوت اشتراط التوالي يكون الحيض الأوّل هو ما كان ثلاثة أيّام متوالية فلا يصلحان لمعارضة ما ذكرناه وأما ما ذكره بعض متأخري المتأخرين من أن الطهر الذي لا يكون أقل من عشرة هو ما كان بين حيضتين إلاّ ما كان متخللاً بين حيض واحد في أيّام النّقاء فإنّ ذلك لا يكون إلاّ أقلّ من عشرة وهو كالطّهر في الأحكام فلا ضعف في المتن ومن أن المرسل حجة عند المتقدمين فلا ضعف في السند ومن أن الروايتين ظاهرتان بذلك إن لم يكونا نصاً على أنه يلزم على فهم المشهور الاختلال بلفظهما لأنّ العشرة المضاف إليها بعد يراد بها عشرة الطّهر والمضاف إليها قيل هي عشرة الدّم التي قد حصل الدّم في أولها هذا على فهمهم مع أن المراد بالعشرين واحدة وهي عشرة الطهر فإن وقع الدّم قبلها كان من الحيضة الاولى ولو زاد مجموعة والبياض على العشرة كما إذا رأت خمسة دماً وثلاثة بياضاً وخمسة دماً وهكذا كان كل دم حيضاً وكل بياض وكل بياض طهراً ما لم يزد الدّم على العشرة فإنه لا يكون حيض وإن وقع بعدها كان من الحيضة الثانية كله بعيد عن الصواب ومخالف لفتاوى الأصحاب القاضية بإطلاقها على أن الأظهر الذي يعاند الحيض اسماً وحكماً لا يكون أقل من عشرة مطلقاً من غير تفصيل والقاضية بأن المراسيل ما لم تعتضد فتوى المشهور أو عملهم أو كانت ممن أجمع العصابة على قبول مراسيله لم تقبل وأما ما ذكره من الاختلال في نظم الروايتين فمردود أولا بأنه لا بأس بحمل لفظ العشرة على عشرة الطهر في المقامين على فهم المشهور أيضاً ويكون المراد أن ما تراه قبل عشرة الطهر إذا تقدّمهُ ما يصلح لأن يكون حيضاً ولم يتجاوز العشرة فهو من الحيضة الأولى وما تراه بعدها فهو من المستقبلة ويكون التخصيص بتقدم ما يصلح للحيضيّة وبعدم تجاوز العشر للدليل الدال على أن الحيض ثلاثته متوالية وإنه مع بياضه المتخلل لا يتجاوز العشر لأنّ البياض بين الدّمين إذا كان دون العشرة حيض أو بحكم الحيض وثانيا بأنه لا بأس باختلاف معنى العشرين بعد فهم الأصحاب وقرائن الباب مع أنه قد يمكن إرادة عشرة الدّم في العشرين معاً ويكون عدم الحكم بحيضيّته ما فوق العشر من الدّم الذي لم يتخلله أقل الطهر للدّليل و يكون في الثلاث مسماها بل لابُد كمالها استمرار الدّم فيها للأصل وعدم تيقن الحيض إلاّ بذلك ولظهور الأخبار به ولظاهر الإجماع المنقول على أنها لو رأت يومين ونصفاً لم يكن حيضاً ولظاهر الاتفاق المنقول عن القائلين بالتوالي أنهم قائلون بإكمال الاستمرار والظاهر أن المراد بالاستمرار هو الاستمرار العرفي فلا تضرّ الفترات المعتادة للنساء ونقل عليه الإجماع واحتمل بعضهم لزوم الاستمرار حقيقة وأنه لا بد من ذلك والظاهر بعده وأبعد منه قول من اكتفى في المسمى في الثلاث مطلقاً ومن اكتفى بالمسمى في سالوسط وأوجب مقارنته لأول الأوّل ولأخير الأخير تحقيقاً لصدق الثلاثة لمخالفتهما للأصل مع عدم الدليل عليهما.
ثامنهـا: لا يكون الحيض أكثر من عشرة أيّام بالليالي التّسع مع عدم الانكسار بالعشر مع الانكسار وفي احتساب المنكسر يوماً أو طرحه أو الفرق بين قليله وكثيره أو تلفيقه من اليوم الأخير أو من الليل الخارج وجوه أقواها ما تقدم من البناء على التلفيق ويدل على أنّ اكثر الحيض عشرة، الأخبار المتكثرة الدالة على انه لا يكون أكثر من ذلك كما أنه لا يكون الطهر أقل من ذلك والإجماع محصلاً ومنقولاً عليهما معاً فما دلّ على أن أكثر الحيض ثمان مطروح أو محمول على التقية أو على الغالب المعتاد وكذا ما دلّ على من رأت الدّم خمسة والنقاء خمسة والدم أربعة والنقاء ستة أنها لا تُصلّي إذا رأت الدّم إلى ثلاثين يوماً فإنه محمول على المتحيرة المستمر بها الدّم فإن الأحوط لها ترك الصلاة عند رؤية الدّم والصلاة عند رؤيته وإعلم أنه يحتسب من الحيض أيّام النقاء الواقعة في العشرة بعد مُضيّ ثلاثة أيّام الدّم إذا انقطع الدّم على العشرة وعلى قول الشيخ بكفاية الثلاثة المتفرقة في العشرة فإن جعل النقاء بينها حيضاً كان أكثره وأقله سواء فيما لو رأت يوماً وخامسه وعاشره وإن جعل النقاء طهراً كما تخيله بعض المتأخرين كان أقله مقصوراً على حصوله في العشرة وأكثره قد يحصل بالعشرة إذا ملأها وقد يحصل بالأكثر حتى ينتهي إلى الثمانين يوماً ثلاثة في العشرة المتقدمة وسبعة كل تسعة أيّام وعاشرها دم يكون إلى سبعين يوماً نعم لو فصل بين الدّمين طَهُر قدره عشرة أيّام كانت الحيضتان مستقلّتين وكلما رأت ثلاثة في ضمن عشرة ثم رأت بعدها كان المجموع حيضاً ما لم يفصل أقل الطهر أو يزيد مجموع الدّم على عشرة ولا يخفى بعد هذا عن كلام الأصحاب بل عن الإجماع المحصل.