پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج14-ص16

ثالثهـا: إذا رأى الإنسان في ثوبه المختص به الذي لم يشاركه فيه أنثى ولا رجل أو في بدنه منياً قد علمه بالصفات من رائحة أو غيرها أو من بينة شهدت له بذلك فإن علم أنه منه وأنه في زمن خاص فلا إشكال في حكمه وإن علم أنه منه ولكنه لا يدري بزمن حدوثه فالأظهر الحكم عليه بالتأخر إلى زمن يعلم عدم تأخره عنه من نوم أو يقضة فيعيد الصلاة المعلومة التأخر عن ذلك الزمن بعد أن يغتسل ويحتمل القول بأنه إن شك في كون هذا المني من جنابات سابقة قد اغتسل لهن أو لاحقة لم يجب عليه الغسل لأصالة البراءة وهو قوي إلا أن الأول أحوط ويحتمل وجوب إعادة كل صلاة صلاها بعد آخر غسل من جنابة متقدمة بعد أن يغتسل هذا الغسل الواجب عليه للاحتياط وربما نقل عن الشيخ ذلك وهو ضعيف لان هذا المقام ليس من مقامات وجوب الاحتياط القاطعة لأصل البراءة على انه يلزمه إيجاب الإعادة على من لم يعلم بوقوع الجنابة منه والاغتسال مدة عظيمة ولو أربعين سنة كمن لم يجنب من أول بلوغه إلى مضي ذلك القدر بل يلزمه على ما ارتكبه من جادة الاحتياط أن يعيد كل صلاة صلاها قبل آخر الإغسال إذا احتمل سبق خروج المني عليه ولا قائل به هذا بالنسبة إلى الحدث وأما بالنسبة إلى الخبث فإن قلنا أن جاهل النجاسة لا يعيد فلا حكم له وإن قلنا بالإعادة وجب عليه إعادة ما علم مقارنته للصلاة من الازمنة سواء علم بارتفاع حدثه قبل ذلك كما إذا علم أنه من النومة الأخيرة وقد اغتسل بعدها ولكن لم يغسل الثوب أو لم يعلم ذلك وإن لم يعلم واجد المني في ثوبه المختص كونه منه فإن شك في كونه منه أو من غيره وقع عليه يقضة أو نوما فالأصل البراءة وإن ظن كونه منه لضعف احتمال كونه من الغير كما هو المعتاد فالظاهر هو الحكم بكونه منه للأخبار الدالة على وجوب الغسل وإعادة الصلاة على من يصح ويرى في ثوبه المني ولم يكن قد رأى في منامه أنه احتلم كموثقة سماعة والدالة على وجوب الغسل على من يرى في ثوبه أو على فخذه الماء ولم ير في نومه أنه احتلم وظاهرها الشمول للمقطوع به والمظنون بل هي في الثاني أظهر لمكان السؤال وأما شمولها لصورة الشك فهو غير ظاهر لندرة حصول الشك في الثوب المختص أنه منه أو من غيره فيبقى على الأصل وعلى ذلك يحمل ما رواه (أبو بصير) عَمَّن يصيبُ ثوبه منّي ولم يعلم أنه احتلم قال ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ وأما حمل الأخبار الأولية على صورة العلم وحمل خبر (أبي بصير) على صورة عدمه لقاعدة عدم جواز نقض اليقين في الشك فهو بعيد وأما الواجد المني في الثوب المشترك بينه وبين غيره على سبيل الاجتماع أو على سبيل النوبة والتعاقب فالأظهر أنه على القاعدة من عدم جواز نقض اليقين إلا باليقين فلا يحكم بالحدث من دون اليقين ظن بكونه منه أم لا وشك أم لا وجده في نوبته أو وجده في نوبة صاحبه وربما يحمل على ذلك رواية أبي بصير ويحتمل إلحاق صاحب النوبة فيما إذا كان الاشتراك على التناوب بصاحب الثوب المختص لاختصاصه به ولأصالة تأخُّر وجوده سيما مع طول نوبته كسنة وشبهها ولكن الأول أقوى لعموم الأدلة من غير معارض ولاختصاص الروايات المتقدمة بصاحب الثوب المختص كما يظهر منه ذلك نعم صاحب النوبة يحكم عليهما مع اختصاصه بهما مع العلم والظن بذلك أنه منهما والظاهر أن حكمهما بالنسبة إلى غيرهما حكم الشبهة المحصورة فيجب تجنبهما في الإئتمام فلا يأتم بأحدهما ولا بكل منهما سواء أئتم بكل واحد منهما في فرض منفرد أو ائتم بكل واحد منهما في فرض واحد كالمسبوق ولا يجوز احتسابهما معاً من عدد أهل الجمعة ولا يجوز ائتمام أحدهما بالأخر بالطريق الأولى وحكمهما بالنسبة إلى أنفسهما حكم غير المحصورة فيتمسك كل منهما بيقين الطهارة السابق فيكون كمن تيقن الطهارة وشك في الحدث فلا يجب على أحدهما غسل ولا يحرم عليه ما يحرم على المجنب من دخول مساجد أو قراءة عزائم ويمكن المناقشة فيما ذكرناه أولا بأن الائتمام جائز من حكم بصحة صلاته بظاهر الشروع ويكفي في صحة صلاة المأموم عدم علمه بفساد صلاة الإمام ولا يشترط علمه بصحتها ولكن الأحوط اجتنابهما معاً وأحوط منه اجتناب كل منهما لكل منهما وتجري لما فوق الاثنين ولغير حدث المني من الأحداث ولا خصوصية للاثنين ولا للمني ولا للثوب.

رابعهـا: إذا خرج منه بعد الغسل بلل فإن علم أنه مني أو بول فلا إشكال في إعطاء كل حكمه وإن علم أنه ليس أحدهما فلا إشكال أيضاً في بقاء طهارته الصغرى والكبرى وإن لم يعلم حاله سواء لم يعلم حاله مطلقاً أو علم أنه لا يخلو عن أحدهما ولكنه لا يعرفه بعينه فلا يخلو إلا أن يكون قد بال قبل الغسل واجتهد أو فعل أحدهما فقط أو لم يفعل شيئاً منهما ثم مع الإتيان بالاجتهاد خاصة فإما أن يكون مع إمكان البول أو يكون مع عدم إمكانه فهذه صور.

منهـا: أن يبول ويجتهد قبل الغسل ثم يجد بللاً بعد الغسل فالظاهر أنه لا إشكال في عدم وجوب إعادة الغسل والوضوء معاً للاستصحاب وفتوى الأصحاب وأخبار الباب الدالة على أن من بال سقط عنه إعادة الغسل وهي متكثرة معتبرة معمول عليها لا شك في مضمونها والدالة على من استبرأ لا شيء عليه وقد تقدمت كيفية الاستبراء ومع الأخذ بما هو الأحوط فيها ولا يبقى إشكال في الحكم.