پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج13-ص41

وهما حقيقة مسح الرجلين في العضو المخصص والتحديد الآتي للحكم أو مشترك معنوي بين الكل والأبعاض والواجب مسحه هو ظاهر القدم من أطراف الأصابع وإن أخذ شيئاَ من الباطن من باب المقدمة إلى الكعبين كتاباً وسنة وإجماعاً فلا يتعلق بما فوق الكعب حكم بالأصالة بالإجماع بل بضرورة المذهب وإنما الكلام في الكعب والأظهر أن الكعب مأخوذ من كعب أي ارتفع فهو عظم مرتفع نابت في وسط القدم عليه يقع الشراك غالباً ويسمى بقبة القدم لنقل الإجماع مكرراً على انه ذلك من كثير من فقهائنا المتقدمين والمتأخرين باختلاف تعابيرهم عنه فمنهم من صرح بلفظ الإجماع ومنهم من نسبه إلى الأصحاب ومنهم من قال أنه المعروف من المذهب ومنهم من نقل إجماع المتأخرين والمتقدمين ومنهم من نسبه إلى سائر المتأخرين وباختلاف تعبيرهم عن معنى الكعب المتقدم فالمفيد بقبة القدم وابن أبي عقيل بظهر القدم والإسكافي بما في ظهر القدم والمرتضى بالعظم الالناتئ في ظهر القدم عند معقد الشراك والشيخ بالناتئ في وسط القدم والحلبي بمقعد الشراك والحلي بالعظم في ظهر القدم عند معقد الإشراك والمحقق بالناتئ في وسط القدم إلى غير ذلك ولنقل كثير من أهل اللغة إنه كذلك فالظاهر أن معناه الحقيقي ذلك وإن كان يطلق عندهم مع الأول على نفس المفصل بين الساق والقدم وعلى ما في ملتقاهما من العظم المستدير الشبيه بما يلعب به من كعب الغنم وقد يطلق عليهما نفس المفصل للمجاورة أو تسميته للحال باسم المحل و يطلق الكعب على العظمين الناتئين عن يمين القدم وشماله وهو الكعب عند العامة ولكن المشهور إطلاقه على ما ذكرناه وفي المدارك أن أهل اللغة متفقون على انه العظم الناتئ في ظهر القدم حيث معقد الشراك وفي الذكرى أن لغوية الخاصة على ذلك المعنى متفقون ولغوية العامة مختلفون وصنف عبد الوشاء كتاباً أكثر فيه من الشواهد على أن الكعب هو الناتئ في ظهر القدم وقال الفراء هو في مشط الرجل ونقل أيضاً عن الكسائي عن محمد بن على (() أنه في مشط الرجل وفي النهاية كل شيء علا وارتفع هو كعب وفي القاموس ذكر المعاني الثلاث وفي الصحاح أنه الناتئ عند ملتقى الساق والقدم وأنكر الأصمعي قول الناس أنه في ظهر القدم فيظهر منه ومن المغرب أنه معروف بين الناس وفي الأثيرية والغريين أنه ما على وارتفع وفي المجمل أنه ما عند العامة كما ذكره الصحاح وهو لا يراد قطعاً وللأخبار المتكثرة المعتبرة بفتوى الأصحاب الدالة على ذلك حتى ادعى في (الروض) تواترها كصحيحة البزنطي وحسنة مسير وفيهما ووصف الكعب في ظهر القدم وحسنة الأخرى وفيها ثم وضع يده على ظهر القدم وقال هذا الكعب وظاهر الظاهر أنه قبة القدم لا المفصل لخفائه كما أن الظاهر من الكعب هو المرتفع حسّاً لا المرتفع في مكانه خفياً قد سره الجلد على أن المفصل بين القدم والساق ليس في القدم بل منتهى القدم وكصحيحة زرارة وحسنته وصحيحة الآخرين وحسنتهما الدالة على كفاية المسح على النعل من دون استبطان الشراك والغالب أن معقد الشرك دون المفصل وكما دل على قطع رجل السارق من الكعب ومكانه قبة القدم كما هو منسوب للشيعة وذهب العلامة (() إلى أن الكعب هو المفصل بين الساق والقدم أو المجمع ما بين الساق والقدم فهو من الأمور الغير محسوسة فيجب مسح جزء من الساق من باب المقدمة لتحصيله أو من باب الأصالة لأن المجمع لا يتحقق إلا بملاقاة جزئين من طرف العظمين إن قلنا أن الغاية داخلة في المغيّ أو انه نفس العظم المستدير الواقع في ملتقى الساق والقدم كما فهمه منه بعض وتبعه على ذلك جمع من أصحابنا مستندين للاحتياط في مقام الشغل وأصالة بقاء الحدث وعدم الرافع إلى بعض كلمات اللغويين والمفسرين والفقهاء فعن الفخرى والنيشابوري في تفسير الآية أن جمهور الفقهاء على أن الكعبين هما العظمان النابتان في جانبي الساق وقالت الإمامية انه عظم مستدير مثل كعب الغنم تحت عظم الساق غير مفصل الساق والقدم وعن بعض الأفاضل في علم التشريح أن القدم مؤلف من ستة وعشرين عضماً أعلاها الكعب وهو مائل للاستدارة واقع في ملتقى الساق والقدم له زائد ثان في أعلاه انسيته ووحشيته كل منهما في حفرة من حفرة قصبة الساق وعن الصحاح أنه الناتئ عند ملتقى الساق والقدم وعن القاموس أنه يطلق على كل مفصل وما عن الأصمعي من إنكار قول الناس أنه قبة القدم وعن أبي عُبيدة أنه الذي في أصل القدم ينتهي إلى الساق وعلى أن أكثر عبارات الأصحاب والروايات قابلة للتنزيل على المفصل لأن القدم من أطراف الأصابع إلى أصل العرقوب فالعظم الذي عند منتهى الساق والقدم واقع في وسطه وعليه يُحمل من عبر بالوسط وعلى ظهره وظاهره وعليه يحمل من عبر بهما وربما عقد عليه الشراك وعليه يحمل من جاء من المسح على النعل من دون استبطان وإلى الروايات كصحيحة الآخرين أن الكعب هاهنا يعني المفصل دون عظم الساق وكرواية ابن بابويه عن الباقر (() في وصف وضوء النبي (() أنه مسح على مقدم رأسه وظهر قدميه وظاهرها استيعاب الظهر وفي الجميع نظر أما ما نقله عن اللغويين فإما غير دال أو دال ولكنه مؤول ومنزل على رأي المعظم أو مطروح لعدم معارضته لنقل الأكثرين وأما الخبران فضعيفان عن معارضة ما قدمنا فيطرحان أو تحمل الصحيحة على التقية وتطرح الأخرى أو يؤولان بما يناسب المشهور لان أدلة المشهور مؤيدة بإطلاق الآية والروايات الدالة على إطلاق المسح والدالة على كفاية المسح بشيء من القدمين من الكعبين إلى أطراف الأصابع خرج تحديد المشهور وبقي ما بقي والدالة على كون الباء في المسح للتبعيض فتقوى على معارضها فلا يجوز الركون إليه فيحتمل إرادة قبة القدم من المفصل في الصحيحة لإطلاقه عليه في بعض أخبار قطع رجل السارق ويناسبه قوله دون عظم الساق فإن قبة القدم دونه أي تحته في المكان والمفصل ليس دونه لأنه المجمع بين الساق والقدم أو قريب إليه وإن أريد بدونه معنى المغايرة احتمل في الرواية كل من المعنيين والترجيح لفهم المشهور ويحتمل أن يراد بالكعب هو ما عند العامة بقرينة قوله والكعب أسفل من ذلك وكذا إرادة التبعيض من ظهر القدم بقرينة عطفه على مقدم الرأس وقد يقوى قول العلامة (() بأن كلمات من وافقه صريحة فيما ذهب إليه وكلمات من وافق رأي المشهور ظاهراً لا ينكر منها إرادة ما ذهب إليه (() بل قد توازي إرادته في الفهم إرادة ما ذهب إليه المشهور لأن وسط القدم وظهر القدم وقبة القدم لا تنافي إرادة ما فهمه العلامة لان القدم هو ما بين أطراف الأصابع وأسفل العرقوب فيصح إطلاق تلك الألفاظ عليه حتى القبة وإن كان أبعدها لان المفصل حول الساق مقارب للمنتصف ولأن المفصل كالقبة عليه وكذا يصح إطلاق الكعب عليه لأنه مرتفع على سطحه وكذا النتوء أيضاً سيما لو كان مراده بالكعب نفس العظم المستدير فإن ارتفاعه ونتوءه حاصل وإن لم يظهر للحس وكذا معقد الشراك لوضع معقده في بعض النعال فيما هو اقرب إلى أصل الساق من القبة على أن كيفية النعال مختلفة فلم يعلم كيفية وضع نعاله (() والحكم بعدم لزوم الاستبطان لا ينطبق حتى على رأي المشهور في جملة من النعال بل الأغلب إلا أن يلتزم باستثنائه من مباشرة الممسوح أو أن إيصال المسح بالتحريك دون الإدخال أو باختلاف نعال ذلك اليوم عن هذا اليوم كما يظهر من (الإسكافي) حيث قال ما كان من النعال غير مانع لوصول الراحة والأصابع أو بعضها إلى مماسة القدمين فلا بأس بالمسح عليه لما روي عن النبي (() وعلي (() والصادقين (() وعلى ما ذكرناه يحمل أيضاً أكثر الأخبار التي استدل بها المشهور ومع ذلك فمخالفة المشهور بعيدة عن الصواب بل لا يبعد تنزيل كلام العلامة (() على ما فهمه المشهور كما حاوله البعض لتصريحه في التذكرة بأن الكعب هو ما قاله المشهور ونقل عليه الإجماع وكذا في المنتهى فيحمل ما اشتبه في كلامه في أن الكعب هو مجمع القدم والساق كما في الإرشاد وحد المفصل بين الساق والقدم كما في القواعد على ما فهمه المشهور لأن المفصل يطلق على قبة القدم لعلاقة المجاورة ولانتهاء قبة القدم به ولأن منتهى قبة القدم هو المجمع ما بين القدم والساق فيما لو كان العلامة (() ممن يوجب مسح جميع القبة فإنه يتصل إلى المفصل قطعاً من باب المقدمة والاحتياط لا يخفى وهاهنا أمور.

أحدهـا:الأقوى عدم دخول الكعبين على المذهب المشهور في المسح لأنهما غاية للمسح أو الممسوح وعلى التقديرين فالغاية لا تدخل في المغيّ مطلقاً على أن الفاصل هاهنا محسوس ودخول البداية من أطراف الأصابع للإجماع ولأن البداية غير النهاية ويحتمل الدخول أصالة للاحتياط في مقام الشك ولمعادلة الممسوح للمغسول في الكتاب والسنة وظاهر المقابلة الاتحاد والأول أقوى وعليه فيدخل بعضه تبعاً على الرأي المشهور ويدخل كله أصالة أو تبعاً على رأي العلامة (() واستند بعض أصحابنا لعدم وجوب إدخال الكعب إلى إطلاقات المسح وإلى قوله (() في رواية زرارة وبكير إذا مسح بشيء من رأسه وبشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأ وفيه نظر لضعف الإطلاق ولاستلزام ظاهره وعدم وجوب استيعاب الطول ولا نقول به.

ثانيهـا: يجب استيعاب الطولي في الرجلين للاحتياط ولظاهر الأمر بالمسح إلى الكعبين فإنه يقضي بالاستيعاب وللإجماع المنقول وللتأسي المعلوم فعله من الأئمة (() وللمعهود من السلف والخلف وللوضوءات البيانية ولصحيح البزنطي عن الرضا (() فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين وذهب العلامة إلى كفاية المسمى في الطول كمسح الرأس استناداً للإطلاق والخبر المتقدم لزرارة وبكير وللشك في الاجماع لاحتمال وروده هو رد أصل وجوب المسح رداً للعامة ولاحتمال كون إلى غاية للممسوح وفي الجميع نظر لضعف الإطلاق ولحمل الخبر على إرادة المسمى في العرض لمعارضة ما هو أقوى منه له وحمله على كون ما بدلاً من قدميه أو صفة لهما لا أنه بدل من شيء أو صفة له كي يفيد عموم المسح لما بين أطراف الأصابع والكعبين وللترجيح من دون مرجح ولا أقل من مساواة الاحتمالين فيسقط بهما الاستدلال في البين سيما أن أراد التبعيض من الباء محل نظر والشك في الإجماع لا يرفع ظهوره كاحتمال التحديد للممسوح دون المسح مع انه لو كان كذلك فالظهور لا ينكر نعم في روايات كثيرة عدم وجوب استيطان الشراكين في المسح قولاً وفعلاً عن الأئمة (() فتدل بظاهرها على كفاية المسمى ولكن كون الشراك مانعاً من الاستيعاب الطولي محل نظر لعدم العلم بوضعه وعدم العلم بمانعيته في جميع ظاهر القدم وبهذا امتنع الاستدلال بها على عدم وجوب الاستيعاب.