انوار الفقاهة-ج13-ص31
سابعهـا: الشعر النابت على الوجه من المعتاد أو غيره إن خرج عن الحد لا يجب غسله للأصل وفتوى الأصحاب وأخبار الباب وإن دخل في الحد وجب غسل ظاهره ويكتفي به عن غسل ما تحته من البشرة أو من شعر آخر خفيفاً كان الشعر أو كثيفاً والدليل على ما ذكرناه الإجماعات المنقولة على عدم وجوب تخليل الكثيف وعلى عدم وجوب تخليل الشعر مطلقاً ونقل الشهرة وفتوى المعظم على عدم وجوب تخليل الخفيف وهو ما يرى منه البشرة غالباً في مجلس التخاطب ولأن الوجه هو ما يواجه به وقد انتقل من البشرة إلى الشعر واستصحاب حكم البشرة مقطوع بتبدل الموضوع ولخلو الأخبار عن وجوب التخليل مع توفر الدواعي لنقله لو كان ولما دل على الاجتزاء بغرفه والغالب عدم كفايتها لغسل الشعر ظاهراً أو باطناً ولما دل على الإجزاء بكف واحد أثلاثاً ثلث للوجه وثلثان لليدين ولخصوص الصحيح ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه والصحيح الآخر الدال على عدم تبطين اللحية والقوى الآخر إنما عليك أن تغسل ما ظهر هذا كله فيما ستره الشعر وأما ما يرى من خلال الشعر في البشرة دائماً أو أحياناً أو وقت الوضوء فالظاهر وجوب إيصال الماء إليه للشك في بدليه الشعر عنه والاستصحاب والاحتياط يقضي بوجوب غسله ونقل الإجماع على وجوب غسل ما يرى من البشرة بين الشعور وما ستره المتدلي من الشعر فحكمه حكم ما ستره الشعر الأصلي ولو وقع المتدلي على غير موقعه المعتاد فالظاهر وجوب رفعه وغسل ما نحته ولو كشف المتوضي الشعر حين الوضوء عن البشرة فالظاهر لزوم إحد الأمرين عليه إما إرجاع الشعر وغسل ظاهره أو غسل البشرة المكشوفة كما أن الظاهر أن غسل ظاهر الشعر رخصة لا عزيمة وكذا غسل الظاهر عن باطن الشعر في الكثيف.
ثامنهـا: يجزي غسل ما يجب غسله في الوضوء بعد الأخذ من باب المقدمة لما يحصل به يقين دخول الوجه المأمور به واقعاً ولا يحتاج إلى تعين الحدود من مجتهد أو مقلد سواء عرف الحدود وجهل تطبيقها على المحدود أو جهل الحدود من أصلها على إشكال فيه من جهة دخوله في عبادات الجاهل حينئذ.
الثالث: من فروض الوضوء غسل اليدين وفيه أمور:
أحدهـا: الظاهر أن اليدين بحسب اللغة والعرف العام هما العضوان من المنكبين إلى أطراف الأصابع مقابلاً للرجلين وإطلاقهما على الأبعاض في الوضوء والتيمم والسرقة وغيرهما مجازاً والمراد به الحقيقة والتحديد للحكم المتعلق بهما لا الاسم ويحتمل الاشتراك اللفظي بين الكل والأبعاض الخاصة أو مطلقاً ويحتمل الاشتراك المعنوي كذلك ويحتمل الحقيقة الشرعية في خصوص الوضوء والتيمم والأظهر الأول أو الاشتراك وعلى كل حال فالواجب غسله هاهنا هو العضو من المرفق إلى أطراف الأصابع والمراد بالمرفق مجمع الذراع والعضد وقيل موصل الذراع والعضد وعن بعضهم انه مفصل الذراع والعضد وعن آخرين انه مفصل الساعد والعضد وفي جملة من عبائرهم انه موصل الذراع في العضد وصرح بعضهم بأنه مجمع العظمين أي رأساهما المتلاقيان ويمكن إرجاع التفاسير المتقدمة للأخير فيكون المرفق عبارة عن أمر محسوس وهما عظمان متلاقيان أو متداخلان فالمرفق هو مجمع الطرفين ولو انفصلا انفصلت أجزاؤه فيريدون بالمجمع والمفصل والموصل مكان الاجتماع والفصل والوصل ويمكن أن يريد الأولون بالمعنى الوهمي وهو نفس الوصل ونفس الفصل ونفس الجمع ولكنه بعيد عن ظاهر أوضاع اللغة والعرف وعن جعله حداً في لسان الشارع لخفائه على العوام.