انوار الفقاهة-ج13-ص29
ثالثهـا: الوجه في الوضوء المأمور بغسله له حدٌّ طولي وحد عرضي دل عليهما الإجماع والروايات وهذا التحديد يحتمل انه حد لما وجب غسله منه فهو ضيق دائرة في الحدود عرفاً كما قيل انه ما دون منابت الشعر معتاداً إلى الأذنين والجبينين والذقن وأضيق دائرة من المحدود لغة وهو ما يواجه به ويحتمل أن التحديد الشرعي كاشف عن المعنى العرفي العام فهو تحديد له لا للمغسول منه ويحتمل كونه حقيقة شرعية وهو بعيد أما الحد الطولي فهو من منابت الشعر المعتاد لمستوى الخلقة إلى محادر الذقن فلا عبرة بالأغم والأصلع وقد تختلف محال الشعر لمستوى الخلقة علواً وهبوطاً في الجملة فيؤخذ بأعلاها احتياطاً وحدّه عرضاً يعلم بوضع وسط ما بين طرفي الإبهام والوسطى وعلى وسط القصاص على وجه يؤخذ به شيء من القصاص ليعلم الاحاطة ثم يجرهما إلى منتهى الذقن فما دخل تحتهما داخل وما خرج عنهما خارج ويدّل على هذا التحديد فتوى الأصحاب والإجماعات المنقولة له في الباب و(صحيح زرارة) عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ ما دارت عليه الإبهام والوسطى من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديراً فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه، قلت الصدع من الوجه قال لا فظاهر الخبر أن ما دارت بيان العرض وقوله من قصاص الشعر بيان للطول وهو متعلق بقوله دارت وأما حال من الموصول الرافع خبر عن الوجه إن جوزنا الحال عن الخبر وفهم بعض الأصحاب من لفظ دارت الدوران على نحو الدائرة البركالية وذلك بإثبات وسط للخط المتوهم من القصاص إلى الذقن ويدار عليه دائرة فما دخل فيها داخل وما خرج عنها خارج وطريقها أن يجعل طرف الوسطى على قصاص الناصية وطرف الإبهام على طرف الذقن و يثبت وسط انفراجها ويدار الوسطى على الجانب الأيسر والإبهام على الأيمن حتى تتم الدائرة فما دخل فهو داخل وما خرج فهو خارج وهو بعيد لبعده عن فهم المشهور وفهم القدماء من أصحاب اللسان ولعدم مناسبة الدائرة البركالية للخطابات الشرعية المبنية على الظهور ولخروج كثير من الجبهة من الجانبين وكثير من صفحتي الخدين ولدخول ما خرج مما حول الصدغين فلا يناسبه سؤال ولعدم الفائدة في التحديد الطولي حينئذ وللزوم مساواة الوجوه في الحكم مع أن الغالب اختلافهما وللزوم كون ذكر الابتداء بقصاص الشعر لا فائدة فيه لكفاية الابتداء في تحصيل الدائرة من أي موضع أراد وما قيل على فهم المشهور من لزوم دخول النزعتين والعذارين فالعذر عنهم إن الخبر مسوق لبيان المشيئة في الحكم أو أن الدخول ممنوع .