انوار الفقاهة-ج13-ص25
ومنهـا: أن ينوي مع وجود الجنابة وغيرها غسلاً لرفع الحدث المطلق أو لرفع حدث مساً أو لاستباحة مشروط بالغسل لو كان عليه أغسال متعددة رافعة أو مبيحة فإن غسله يقع فاسداً إلا إذا آلت نية رفع الحدث المطلق إلى نية رفع طبيعة الحدث المنحلة إلى رفع كل حدث أو إلى نية رفع خصوصية الجنابة لعدم اجتماع غيرها من الروافع معها فالأقوى الصحة حينئذ وذهب بعض هاهنا إلى الصحة لإطلاق أخبار التداخل ولحصول الامتثال بنية الاستباحة أو الرفع في الجملة ونقل عليه ظاهر الوفاق والكل ضعيف يظهر وجهه مما تقدم:
ومنهـا: أن ينوي غير الجنابة مع تحققها وتحقق غيرها بشرط عدم ارتفاعها والأقوى هاهنا الإجزاء عما نواه دون الجنابة ويجب له الوضوء حينئذ بناء على وجوب الوضوء لكل غسل ما عدا الجنابة ودعوى الاجتزاء به عن ما لم ينوه من الجنابة أو غيرها لأصالة البراءة وحصول الامتثال وإطلاق بعض أخبار التداخل تبين ضعفه مما تقدم.
ومنهـا: أن ينوي غير الجنابة لا بشرط والأظهر عدم الاجتزاء عن الجنابة لأصالة عدم الاجزاء وللمفهوم من أخبار النية أن لكل امرئ ما نوى ولفتوى عمدة الأصحاب ولضعف شمول التداخل لما خلي عن غسل الجنابة ولان غير الجنابة أضعف لاحتياجه إلى الغسل والوضوء وغسل الجنابة وأقوى لرفعه الحدثين من غير وضوء ورفع الأضعف لا يستلزم رفع الأقوى ولاستصحاب حدث الجنابة إلى أن يعلم المزيل ولأن الشك في الشرط شك في المشروط وقيل بأجزائه عن الجنابة وغيرها ما لم ينوه للأصل وحصول الامتثال لأوامر الغسل بإيجاد طبيعته ولقوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا( وقد حصل فلا يشترط نية كونه للجنابة ولأن الحدث معنى واحد فقصد رفع بعضها يوجب قصد رفع المشترك فيرتفع الكل ولمنع ضعف غير الجنابة سيما الحيض لما يفهم من بعض الأخبار انه أعظم منها واحتياجه إلى الغسل والوضوء لا يدل على ضعفه إذ لعله لزيادة قوته احتاج للأمرين معاً على أن الدليل لا يفيد قوة الجنابة وإنما يفيد قوة رافعها والتلازم بين القوتين ممنوعة والكل ضعيف يظهر ضعفه مما قدمنا من الأخبار وكلام الأخيار وأعلم أن كل موضع يجتمع فيه غسل الجنابة مع غيره أو يسقط بفعله غيره فالظاهر عدم احتياجه للوضوء لعدم الاحتياج للوضوء في غسل الجنابة وكونه رافعاً للأصغر فلا يفتقر إلى وضوء آخر رافع له وبهذا يخصص ما جاء من أن كل غسل معه وضوء فيصدق أنه غسل لغير الجنابة كما يصدق انه غسل لها فلا ترجيح ويبقى عموم الأمر بالوضوء لأنا نفهم من ما دل على عدم الوضوء مع الجنابة أنه لمكان رفعه للأصغر ومما دل على وجوبه بغيره أنه لمكان عدم رفعه له فإذا اجتمعا وحصل الرفع لا حاجة إلى رافع آخر للزوم تحصيل الحاصل ولا فرق في الأصغر بين المستقل وبين المنظم للأكبر على الأظهر.