انوار الفقاهة-ج13-ص7
سادسهـا: يكفي في استنجاء البول غسل المخرج مرة واحدة بحيث يجري عليه فيزيل ما به من البول وبحيث لا يستهلكه البول أو يساويه بل بحيث يغلب الماء عليه ويقهره لاطلاقات أوامر الغسل من البول مطلقاً وإطلاقات خصوص أوامر غسل مخرج البول في الاستنجاء كقوله في الصحيح (إذا انقطعت درة البول فصب الماء) وفي الآخر (وأما البول فلا بد من غسله) وفي الآخر (اغسل ذكرك وأعد صلاتك) وفي الاخر (عليه أن يغسل ذكره) وفي الآخر (يغسل ذكره ويذهب الغائط) وفي الأخر (يغسل ذكره ولا يعيد الوضوء) وفي الآخر (يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة) وفي الآخر (عليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك) فإطلاق هذه الأخبار في مقام البيان بيان للاكتفاء بمسمى الغسل بل في خبر نشيط عما يجري من الماء في الاستنجاء قال مثلاً ما على الحشفة من البلل والخبر الآخر، يجزي في البول أن يغسله بمثله ظهور كفاية للمرة الواحدة لأن السؤال وإن كان ظاهراً عن إجزاء قدر الماء المستعمل دون وحدة الغسل وتعدده إلا أنها من اللوازم للمسؤول عنه فينبغي بيان أحدهما ولما كان الإطلاق كاف ببيان الواحدة اكتفى بها في المقام ودعوى أن وجوب التثنية في غسل الثوب والبدن والإجماع المنقول عليها وتنقيح المناط بين مخرج البول وسائر البدن وما ورد من الأمر بالصب مرتين على البدن إذا أصابه بول وخبر نشيط بحمل المثلين على إرادة الغسلتين دال على وجوب تثنية الغسل في المخرج مردودة بمنع شمول الإجماع والأخبار الدالين على التثنية لمخرج البول بل هي ظاهرة في غيره من البدن وتنقيح المناط بين البدن ومخرج البول ممنوع لمكان السهولة المطلوبة في الاستنجاء والتخفيف المراد من الشارع لكثرة وقوعه وكذا دلالة خبر تشيط على التثنية ممنوعة لافضائها إلى التجوز في اللفظ ولظهورها في الجواب عَمّا يجزي من قدر الماء لا عما يجب من قدر الغسل وحدة وتعدّد أو للزوم الحمل على تثنية الغسل الاكتفاء بمثل الحشفه من البلل بعد انقطاع البول وهو مخالف لأوامر الغسل في الأخبار والإجماع لعدم حصول مسمى الغسل به ولاستهلاكه بالبول غالباً على ما ذكرنا فيحمل خبر نشيط الآخر على الاستخدام بإرجاع الضمير في مثله للبول أو القطرة الأخيرة منه وإرادة المخرج من مرجع الضمير وإرادة البلل المتخلف عليه ضرورة أن البول لا يكون مغسولاً وذهب جمع من أصحابنا إلى وجوب تعدد الغسل في استنجاء البول تقيداً للمطلقات بما دل على وجوب المرتين في غسل البول عن البدن من الأخبار والإجماع وتنقيحاً للمناط والجواب أولاً بعدم المقاومة وثانياً بانصراف ما دل على ذلك إلى غير مخرج البول ولكن الاحتياط يقضي بالتعدد وعليه فهل يشترط التعدد والانفصال الحسي أم يكفي التقديري لو حصل بغسلة واحدة وجهان من الأخذ بظاهر الأمر والاستصحاب والاحتياط ومن تنقيح المناط وتسريت للعلة والأول أقوى وأحوط وأحوط الكل الثلاث لما ورد في الصحيح من الأمر به واكتفى جمع من أصحابنا بغسل المخرج بمثلي ما على الحشفة استناداً للرواية المتقدمة وفيه أنها لا تقاوم إطلاقات الغسل فلا بد من حملها على الكشف عن حصول الغسل بذلك القدر وإنه أقل ما يسمى غسلاً عرفاً أوعلى المبالغة والتقريب أو على إرادة القطرات المتخلفة لا البلل كما تحمل الرواية الثانية المكتفية بالمثل على ذلك أو على السهو من حذف الياء فيكون مثليه فالقول بمضمونها لا وجه له.
سابعهــا: الواجب في غسل المخرجين هو الظاهر للنص والإجماع والأصل دون الباطن والمرجع في معرفتهما إلى العرف والظاهر وجوب إدخال جزء من الباطن من باب المقدمة لإزالة الشك وقد يتمسك بأصالة الطهارة في المشكوك به أنه من الظاهر أوالباطن ولكن الاحتياط يقضي بغسله.
ثامنهــا: يجزي في مخرج الغائط عند عدم التعدي التمسح للإجماع والأخبار ومنها كان يستنجي من البول ثلاث مرات ومن الغائط بالمدر والخزف والخرق ومنها كان الحسين (() يتمسح من الغائط بالكرسف ومنها جرت السنة في الغائط بثلاث أحجار ومنها يجزي من الغائط المسح بالأحجار فما دل على إعادة الوضوء والصلاة مع التمسح أو على متابعته بالماء أو غير ذلك مطرح أو محمول على صورة التعدي أو الندب نعم الماء أفضل للأخبار وكلام الأصحاب والاعتبار والجمع أكمل مع تقديم الأحجار للأخبار والاعتبار ولا بأس بأفضلية أحد فرديّ الواجب التخييري لإمكانه ووقوعه ولا يلزم منه اجتماع الوجوب والاستصحاب في شخص واحد لأن المراد بالأفضلية زيادة ثواب أحدهما على الآخر ولا مضادة فيه والجواب باختلاف الاعتبار ولتعلق الندب بالفرد والوجوب بالكل ضعيف لعدم ارتفاع تضاد الحكمين وامتناع اجتماعهما بالاختلاف بالاعتبار مع كون الفرد متحداً ويكفي في التمسح هنا ذهاب العين ولا عبرة باللون والرائحة لفتوى الأصحاب ولزوم العسر والحرج لولاه ولإشعار الأخبار به بل ربما يدعي عدم العبرة بالأثر الزائد على اللون لحصوله غالباً وعدم زواله بالثلاث فيطهر حينئذ المحل وإن بقي الأثر.