انوار الفقاهة-ج13-ص6
ثالثهـا: يجب تطهير ظاهر المخرج من البول والغائط إجماعاً محصلاً منقولاً وجوباً شرطياً ويتعين للبول الماء إجماعاً والنصوص مستفيضة به والأصول والقواعد تقضي به وما جاء في بعض الأخبار مما يدل على خلافهِ مطرح أو محمول على التقية لموافقة ذلك لفتواهم وما ورد في الموثق عن الرجل يبول وليس له ماء فيمسح ذكره بالحائط قال (كل شيء يابس ذكي) محمول على إرادة عدم سريان النجاسة منه إلى غيره لإظهارته في نفسه لظهور أن اليبس ليس من المطهرات للنجس وكذا ما ورد في الموثق إذا بلت وتمسحت فأمسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئاً فقل هذا من ذاك محمول على إرادة وضع الريق على طرف الذكر الغير نجس حتى أنه لو خرج بلل من الذكر لم يقطع به لاحتمال استناده إلى الريق فلا ينجس وحمله على إرادة الحيلة في رفع الخبث أو يقين الحدث بخروج المشكوك به قبل الاستبراء لحصول الشك في خروجه عند وضع الريق على المخرج لاحتمال استناد البلل إليه وإن كان محملاً جيداً لكنه لا يثبت الطهارة لكفاية وضع الريق على المحل الطاهر في الخلاص في الشبهتين وتأدية الحيلتين معاً وكفاية وضعه على النجس من التخلص في شبهة نقض يقين ارتفاع الحدث وإن تنجس به ولا أقل من احتمال المعنيين فيقع التنجس في البين بل ربما يدعى أن هوانه حيلة في التخلص عن التنجس بمخرج البول من حيثية عدم غسله هو أن يقال أنه لو كان حيلة؟ في تحصيل البقاء على الطهارة لما قدم على الاستبراء المحصل لذلك من دون احتيال ولذكر الوضوء فيه فظهر أنه حيلة في رفع التنجس بتلك النجاسة وبطل بما ذكرنا أيضاً دعوى أنَّ المتنجس بعد زوال عين النجاسة لا ينجس استناداً لهذه الرواية ولخبر (سماعة) الدال على أن من تمسح بالأحجار وجاءه البلل بعد استبرائه لا بأس عليه ولصحيحة (العيص) عمن مسح ذكره بيده ثم عرق يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا وللخبر الآخر يصيب يدي شيءً من البول فأمسحه بالحائط أو بالتراب ثم يعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس لعدم دلالة الرواية الأولى كما قدمنا ولظهور إرادة عدم تنجسه وعدم نقضه بما يخرج جديداً بعد الاستبراء في خبر (سماعة) ولعدم ظهور ارادة مماسة لنجّس نفسه بعد العرق للثوب والوجه بل هو اعم والأصل الطهارة عند محل الشك على أن هذه الأخبار لضعفها سنداً ودلالة وإعراض الأصحاب عن العمل بمضمونها لا تصلح لمعارضة ما جاء من الأمر بغسل الأواني والفرش من النجاسة فلو أنها لا تنجس لعرى الأمر بالغسل عن الفائدة لعدم إمكان لبسها ومصاحبتها حين الصلاة نعم قد تحمل هذه الأخبار على وجوب مسح الذكر عند تعذر الماء لتخفيف النجاسة عند فعل ما هو مشروط بالطهارة ووجوب الغسل بعد الإمكان جمعاً بين الأدلة ويكون استفادة الوجوب من مجموع السؤال والجواب المشعر أنَّ بمشروعية ذلك اليوم لا من الأمر به لخلوها عن الأمر بذلك.
رابعهـا: يجب غسل مخرج الغائط عند التعدي عن المحل المعتاد أو مخالطة نجاسة أخرى بالماء للاستصحاب ولما ورد من قوله ((): (يكفي أحدكم ثلاث أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة) وللإجماع المنقول على عدم إجزاء الأحجار عند التعدي ولأن المتعدي كسائر نجاسات البدن فلا بد من غسلها والأقوى عدم إجزاء الأحجار مع التعدي حتى في نفس المخرج للشك في تطهيره بها والحال أنه متعدي والمراد بعدم التعدي هو ما سمي استنجاء عرفاً ولا يتفاحش عن حلقة الدبر تفاحشاً بيناً كما يصدر عن غير معتدل المزاج لا مجرد تجاوزه عن الحلقة وإن كان الاقتصار عليه أحوط.
خامسهـا: يكفي في غسل الغائط ذهاب العين لصدق الغسل معه ولقوله ((): (هل للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ما ثمة قال ينقى ما ثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها) وفيهِ دلالة على أن الريح لا ينافي النقاء وأما اللون فالظاهر أنه كالريح لا اعتبار به لما ورد من الأمر بصبغ الثوب من دم الحيض لتدليسه ولصدق زوال العين والنقاء وإن كان موجوداً ودعوى أنه مكتسب من أجزاء صغار متلاصقة بالمحل من عين النجاسة فلا يصدق مع زوال العين مردود بظهور العرف على خلافه وبعدم دوران الأحكام الشرعية على التدقيقات الحكمية نعم لو بقي على المحل أثر من غير النجاسة يمكن زواله بسرعة كالأجزاء اللطيفة اللزجة؟ العالقة بالمحل لزم إزالتهُ لأنه من عين النجاسة وللفرق بينه وبين اللون عرفاً وهو المراد بقول الفقهاء يشترط زوال العين والأثر ولا يشترط خشونة المقعدة في الغسل أو حصول الصرير من مماسة الغاسل لها للأصل ولعدم توقف الامتثال عليهما.