انوار الفقاهة-ج12-ص53
السؤر البقية من كل شيء والفضلة أو بقية المشروب من الماء المطلق أو مطلقا أو ما باشره فم حيوان من الماء المطلق أو ما باشره جسم حيوان مطلقا من الماء المطلق أو ما باشره من كل مائع ماء أو غيره أو ما باشره فم حيوان ولو كان جامداً كسؤر الفار أو ما اختلط به لعاب فم حيوان مطلقا على وجه الحقيقة في الكل تواطياً أو شراكاً لفظياً أو الحقيقة والمجاز وجوه أقواها إنه ما باشره فم حيوان من المائع مطلقا وإطلاقه على غيره كسؤر المؤمن وسؤر الحائض وإرادة ما باشره الجسم مطلقاً أو إطلاقه على ما باشره الفم ولو من الجامد كسؤر الفأر والسنوّر مجاز ويلحق بحكمه إلا باسمه والظاهر عدم ثبوت حقيقة شرعية له كما أن الظاهر دخول القلة في الماء في مفهومه فلا يقال لما بقي من نهر أو غدير كثير إنه سؤر وعلى أي تقدير فسؤر كل حيوان يتبعه في الطهارة والنجاسة على الأقوى والأظهر وفاقا لفتوى المشهور والأصول والعمومات والإجماع المنقول والروايات المتكثرة المعتبرة الدّالة على ذلك عموما وخصوصا مثل ما ورد من نفي البأس عما يشرب منه ما يؤكل لحمه وما ورد من جواز الوضوء بما شربت منه الدجاجة وما ورد في السنّور معلّلاً بأنه من السباع وما ورد من جواز الوضوء مما يشرب منه الطير إلا أن يكون في منقاره دما وقد منع جمع من فقهائنا من استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه إذا كان أنسيّا وأمكن التحرز منه ما عدا الطير ويظهر من بعضهم نجاسته وبعض اطلق المنع وهو أعم من النجاسة تمسكا بمفهوم قوله (() في المعتبرتين (كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب منه) وربما يستند لقوله ((): (يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه) وكلاهما ضعيف لضعف سند الأخير ودلالته لعدم دلالة (يكره) على التحريم وضعف دلالة المفهوم وعدم قوة معارضته لتلك مع احتمال ورود الوصف مورد الغالب من وقوع سؤر ما يؤكل لحمه والسؤال عنه وأما الجواب عنه بعدم عموم المفهوم فلا نرتضيه لأن الأقوى عموم المفهوم هنا لبقاء الموضوع العام منطوقاً ومفهوما غاية ما في الباب ان الحكم في المنطوق على واجد الوصف وفي المفهوم على فاقده ودعوى أن المفهوم سلب لكل منطوق فيعود كأنه إيجاباً جزئياً خلاف المتبادر عرفاً من اللفظ والسّند والخروج ما لم يمكن التحرز عنه للعسر والحرج ولخروج الطير للروايات الدالة على جواز الشرب والوضوء من فضل الطير وكلاهما غير منافيين لما نقول وذهب بعض إلى نجاسة سؤر الجلال واكل الجيف لنجاسة لعاب فمهما لتكونه من الأعيان النجسة وفيه منع التكون أولاً وتسليمه والحكم بطهارته للاستحالة ثانياً والأصل الطهارة.
فوائــــــــد
أحدهــــــا: زوال العين النجسة من الحيوان مطهرة له للإجماع ولنفي العسر والحرج والسيرة القاطعة ولظاهر كثير من الأخبار النافية للبأس مما يباشره جسم حيوان مع العلم بعروض النجاسة له بل يقوى القول بالطهارة مع احتمال الزوال للسيرة على ذلك في سائر الحيوانات ولما يفهم من الأخبار من كراهة سؤر الجلال وأكل الجيف مع القطع بعدم القطع بعدم النجاسة ولا تحتاج إلى غيبة محتملة للتطهر فيها كما يظهر من بعض الفقهاء وأما الإنسان فالأقوى فيه أن الغيبة مع احتمالا لتطهير مع علمه بالنجاسة مطهرة له والظاهر إن المراد بالغيبة هو الخفاء عن الناطر ولو لعمى أو ظلمة أو ستر أو غفلة أو نوم لا الخروج عن مجلس الحضور وتعبير الفقهاء بها إرشاداً للفرد الأكمل ويحتمل إرادة الغيبة عرفا لظاهر كلماتهم واقتصاراً على مورد اليقين ومع جهله بالنجاسة لا يبعد ذلك إلا أن الأظهر خلافه والأحوط عدم الحكم بالطهارة إلا بعد تلبسه بمشروطه بها أو إخباره بتطهير ذلك النجس كي يعاضد أصل الطهارة أصل صحة فعل المسلم وصحة قوله في قطع الاستصحاب والسيرة القاضية بجواز مباشرة المسلمين من دون سؤال مع العلم بطرق النجاسة عليهم من خروج الخبث ونحوه وجواز الاقتداء بإمام الجماعة مع العلم بطرق النجاسة عليه إلى غير ذلك إنما يقطع بها بأخبارهم بالطهارة أو بفعل ما يقضي بها مع سبق علمه بها من فعل مشروط بها ونحو ذلك.
ثانيهــــا: يكفي في تطهير البواطن من الإنسان زوال عين النجاسة للأصل ونفي الحرج والإجماع المنقول والأخبار المشعرة بذلك كقوله (() في الموثق بعد سؤاله عن غسل جوف أنف يسيل دما (إنما عليه أن يغسل) ما ظهر منه وغيره أيضا.