پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج12-ص49

الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر طهور مزيل للحدث والخبث من غير خلاف يعرف وكذا المستعمل في الاغسال المندوبة أو الواجبة الغير الرافعة أو المبيحة للأصل والعمومات وأما المستعمل في رفع الحدث الأكبر جنابة أو غيرها فهو طاهر للإجماع بقسميه ورافع للخبث للأصل والعمومات بل الإجماع منعقدٌ عليه وهل يصح استعماله في رفع الحدث الأكبر والأصغر قولان أقربهما عدم الجواز ونسب لا عيان القدماء للاحتياط والشك في حصول رفع الحدث به بعد تيقن حصوله للشك في الخروج عن العهدة في الأمر بالغسل به وللشك في الشرطية أو المانعية وكلما شك في شرطيته أو مانعيته فهو شرط أو مانع ولخبر (عبد الله بن سنان) الناهي عن الوضوء بالماء الذي يغتسل فيه للجنابة ولا فرق بين الوضوء والغسل كما لا فرق بين الجنابة وغيرها لعدم القائل بالفرق مما يعتّد به وللصحيح في ماء الحمام ولا تغتسل من ماء آخر إلا أن يكون فيه جنب أو يكثر أهله فلا يدري فيهم جنب أم لا وأفادته للنهي من جهة الأمر بالاغتسال من ماء آخر المفهوم من الاستثناء بعد نفي طلب الغسل لأن المراد أنه لا يطلب منك الغسل من ماء آخر إلا أن يكون فيه جنب فإنه يكون مطلوباً والأصل في الطلب الوجوب وليس المراد من قوله (() (لا تغتسل) النهي عن الغسل كي يكون المستثنى بحكمه رفع التحريم المتقدم ضرورة أنه على خلاف ظاهر الخطاب والجمع بين ما كان فيه جنبا وبين ما لا يدري فيه لا يضر في الطلب لأنه قدر مشترك بين الواجب والمندوب فيحمل في الثاني على الندب الخبر الآخر بعد سؤاله عن الحمام ولا تغتسل من البئر التي يجمّع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها مما يغتسل فيه الجنب ولما جاء من وجوب غسل المغتسل رجليه مع استنقاعهما في ماء الغسالة المنفصلة ولولا عدم ارتفاع الحدث بالغسالة لما وجب غسل الرجلين وللخبر: (من اغتسل من الماء الذي اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومّن إلا نفسه) وللمكاتبة للصحيح عن الغدير يغتسل فيه الجنب لا يتوضأ من مثل هذا إلاّ من ضرورة وقيل بالجواز ونسب لأعلام المتأخرين ومشهورهم للأصل والعمومات الدالة على الطهورية ولاستصحاب الطهورية عند الشك في طرق المانع ولما جاء من الأخبار الدالة على جواز الاغتسال من ماء الحمام الذي يغتسل منه الجنب وللصحيح فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فإن ذلك يجزيه وهذا الأخير أقوى لعدم مقاومة أدلة الأول لأدلته لضعف بعضها وظهور بعض آخر في الكراهة ولجواز استنادها في المنع إلى غلبة اشتمال بدن المجنب على نجاسة المني كما هو المعتاد والغالب ودلت عليه كثير من الأخبار المشتملة على غسل الفرج عند غسله وأشعرت به أخبار البئر. أيضا فروع.

أحدهــا: لا بأس ببقية الماء الذي يؤخذ منه ماء الغسل للأصل وبعض الأخبار.

ثانيهــا: لا بأس بوقوع القطرات من المغتسل في الماء إذا استهلكت ولم تستبين للأصل ودلالة جملة من الأخبار على نفي البأس عنه بل ولو تكثرت القطرات ما لم تتجاوز المعتاد أخذ بإطلاق الأخبار.

ثالثهـــا: لا بأس بالمتصال من الماء قبل انفصاله عن بدن المغتسل للقطع بجواز إجراء الماء من موضع إلى آخر عند اغتساله وعلى ذلك السيرة وأدلة نفي العُسر والحرج نعم عند بُعد بعض الأعضاء عن بعض فالأحوط عدم غسل العضو البعيد بماء العضو المتقدم بأن يلقيه عليه.

رابعهــــا: الواجب من غسل الجنابة عند الشك فيها كالواجد بللاً قبل الاستبراء والواجد منياً في ثوبه المختص به حكمه كحكم غسل الجنابة على ما يظهر من الفتوى والأحوط إلحاق المندوب به أيضاً كاغتسال واجدي المني في الثوب المشترك احتياطاً.

خامسهـــا: المستعمل من الماء الكثير في ترتيب أو ارتماس لا يحكم عليه بالحكم المتقدم اقتصاراً فيما خالف الأصل فتوى ورواية على المورود اليقين ولقوله (إذا بلغ الماء قدر كرّ لم يحمل خبثاً) وسلب الطهورية خبث ولجريان السيرة على عدم الاجتناب منه وما جاء في ماء الحمام والغدير من النهي منزل على عدم بلوغه كرّاً.

سادسهـــا: لو اغتسل الجنب فبطل غسله في الأثناء فالأقوى عدم إلحاقه بالماء المستعمل لرفع الحدث ولو تبين بطلانه من رأس فأولى بعدم اللحوق.

سابعهــــا: ظاهر الأصحاب إلحاق جميع الرافع للأحداث الكبريات بل والمبيح برافع الجنابة وليس في الأخبار دلالة صريحة على ذلك، نعم في رواية (عبد الله بن سنان) ما يحتمل شموله لجميع ذلك لقوله فيها وأشباهه على تقدير إرجاع الضمير للغسل لا للوضوء وفي رواية (علي بن جعفر) إطلاق من اغتسل من ماء أغتسل به لكنها ضعيفة.