انوار الفقاهة-ج12-ص36
عشـــرونهـــــــا: ينزح سبع لأمور منها موت الطير ما عدا العصفور وشبهه وفسر بالحمامة والنعامة وما بينهما ويدخل فيها الدجاجة لأنها طير عرفاً وإن قل الصّدق عليها ويدخل فيها مأكول اللحم وغيره والصغير والكبير والحكم منسوب للمشهور ونقل عليه الإجماع في الجملة ودللت عليه الأخبار المعتبرة بما ذكرناه وإن لم تكن بنفسها كذلك فبهذا رجحت على صحيحة (أبي أسامة) الدالة على نزح خمس للدجاجة والطير لعدم العامل بها وعلى ما دل على نزح دلوين أو ثلاثة وعلى ما دل نزح عشرين إذا تفسخ الواقع ومنها الفارة إذا تفسخت للأخبار المطلقة ينزح سبع والمقيدة بالتفسخ فيجمع بين مطلقها ومقيّدها بذلك ولفتوى المشهور والإجماع المنقول وبهذا يرجح على ما دل على كفاية نزح الخمس من الصحيح وعلى ما دل على نزح الكل لعدم العامل به وعلى ما دل على نزح عشرين ويلحق بالفارة الجرذ لصدق اسمه عليه وإن كان له أسماً مستقلاً على الظاهر مع احتمال أنه من غير المنصوص وظاهر جملة من الأصحاب إلحاق الانتفاخ بالتفسخ وهو قوي من حيثيّة الاحتياط لا من حيثية أن التفسخ هو الانتفاخ كما يتخيل والظاهر أن المراد بالتفسخ هو ما كان بنفس الماء لا ما كان خارجاً عنه فوقعت متفسخة فيه مع احتمال الإلحاق للاحتياط ومنها بول الصبي الذي لم يبلغ وكان متغذياً بالطعام مستغنياً عن الرضاع لأنه المفهوم منه عند الإطلاق ويراد بالاستغناء المنشانية لا الفعلية ويدل على ذلك الحكم رواية (منصور) المنجبرة بفتوى المشهور وبهذا ترجح على صحيحة (عمار) الدالة على نزح الماء كله وعلى ما دل على نزح دلو واحد وعلى ما دل على ثلاث والظاهر عدم إلحاق الصبية والخنثي به لأنه خروج عن مردود النص كما أن الظاهر شمول الصبي للكافر والمسلم ومنها اغتسال الجنب في البئر أرتماسا أو ترتيبا وفتوى مشهور الأخيار فتخصيصه بالارتماس لا وجه له كما تخيله بعضهم ولا يبعد إلحاق مطلق الوقوع والنزول والدخول في البئر بالاغتسال في الحكم بالسبع لتعليق الحكم في جملة من الأخبار على الدخول والنزول وشبههما وما اشتمل فيها على الاغتسال لا يصلح للتقيد لضعفه سندا ودلالة على أن حمل المطلق على المقيد في باب السنن والآداب لا نسلمه والنزح عندنا من السنن لا من الواجبات والحكم بظهور إرادة الاغتسال من هذه الألفاظ ممنوع والظاهر أن الحكم معلق على المجنب فلا يسري بغيره من الأحداث الكبريات اقتصاراً على المنصوص فلا يؤثر الحدث الأكبر غير الجنابة في البئر شيئا تنجيسا أو سلب طهورية أو غيرهما لعدم الدليل على ذلك واحتمال التأثير والتزام نزح الكل لدخوله في غير المنصوص أو إلحاقه بالجنب ضعيف والظاهر تخصيص الحكم بما تقدم وعدم سريانه للمباشرة مطلقاً لعدم الدليل على ذلك كما أن الظاهر اختصاص الحكم بالجنب من حيث الجنابة لا مطلقا فلو كان بدنه متلوثا بنجاسة، جري عليها حكمها فيب النزح حتى لو كان منيّاً لوجب له نزح الجميع وكذا لو كان كافراً وهل النزح على القول بنجاسة البئر تعبد شرعي أو لسلب الطهورية أو لرفع النجاسة وجوه أقواها أوسطها لأن البئر عندهم كالقليل والمستعمل فيه لرفع الحدث الأكبر ربما يمكن أن يدعي فيه سلب الطهورية فكذا هنا للنص ولأشعار قوله ((): (لا تفسد على القوم ماءهم بذلك) وإن احتمل استناد الإفساد لخوف الموت أو إخراج العفونة أو تغير الماء لكن ما ذكرناه أظهر وأما احتمال التنجيس فيبعده تنجيس البئر بغير النجس والنجاسات محصورة معلومة وهي متساوية في الحكم فاختصاص البئر دون غيرها به بعيد واحتمال أن الأمر بالنزح يدل على النجاسة كالأمر بالغسل بعيد جدا وظهر مما ذكرنا حكم المغتسل بهذه البئر فإنّا إن أخذنا بظاهر النهي عن الوقوع فيها وعن الإفساد بطل الغسل لكونه منهيّاً عنه لوصفه اللازم أو المفارق المتحد معه في الوجود وكلاهما مقتض للبطلان سيما وفي الرواية الأمر بالتيمم وهو مبني على فساد الغسل وإن لم نأخذ بظاهر النهي استضعافا للرواية كما هو الأقوى فإن قلنا بطهارة البئر وعدم سلب طهوريتها واستحباب النزح أو وجوبه تعبّداً فلا إشكال وإن قلنا بنجاستها قوي حينئذٍ القول بصحة الغسل ارتماساً وتنجسه حين خروجه وكذا لو قلنا بسلب طهوريتها فإنه إنما يكون بعد الخروج وأما لغسل ترتيبا فيحتمل القول بتنجيسها أو سلب طهوريتها من ابتداء الغسل فلا ينتفع بها بعد ذلك ويحتمل القول بها بعد تمام الغسل والجزء الأخير منه فيصح الغسل حينئذ وتتنجّس البئر بعد ذلك وتسلب طهوريتها أيضا بعد ذلك لأن الموجب لهما الاغتسال ولا يتحقق إلا بعد تمامه وربما يقوى الثاني بخلوّ الأخبار عن بيان فساد الغُسل ومنها وقوع الكلب البرّي وخروجه حيا للرواية المعتضدة بفتوى المشهور وبها يخصص ما جاء من الأمر بنزح دلاء وبذلك ترجح على ما ورد من الأمر بنزح خمس لعدم العامل بها والظاهر إلحاق مطلق مباشرته بوقوعه ويحتمل اختصاص الحكم بالوقوع عرفا بحيث يستولي الماء على أكثر جسمه.
الحادي والعشرون: ينزح خمس لذرق الدجاج الجلال ولم نعثر على نص فيه بالخصوص فيقوي إلحاقه بغير المنصوص واحتمال إلحاقه بالعذرة ضعيف لأنها فضلة الإنسان كالاحتمال لزوم الثلاثين لضعف المستند.
الثاني والعشرون: ينزح لموت الحية دلاء ثلاث لفتوى المشهور والإجماع المنقول ولرواية (الحلبي) إذا يسقط في البئر حيوان صغير فمات فيها فلينزح منها دلاء وأقل الجمع ثلاثة وقد يقال بالسبع لرواية (ابن سنان) في الدابة الصغيرة سبع لكنه ضعيف لعدم القائل به كالقول لنزح الواحد لموتها والقول بدخوله فيما لا نص فيه فيجب له نزح الجميع أو السبعين لما ورد أن أكبره الإنسان وينزح له ذلك لا يخلو من وجه ولكن لا قائل بجميع ذلك ممن يعتد به والنزح هنا للسّمّية وزوال النقرة أو التعبد لأن الحية غير منجسة لأنها ليس لها نفس سائلة وكذا ينزح ثلاثة للفأرة إذا لم تتفسخ وتنتفخ لفتوى مشهور الأصحاب والأخبار الدالة على نزح الدلاء بموت حيوان صغير المحمولة على ذلك لأن أقل الجمع ثلاث والأخبار الدالة على لزوم نزح الثلاث مطلقاً المحمولة على ما إذا لم تتفسخ جمعاً وكذا ينزح ثلاث لموت الوزغة على الأشهر من غير تفاوت بين تفسّخها وعدمه وقيل بالسبع إذا تفسخت والثلاث بدونه وقيل بكفاية الواحد وقيل بعدم لزوم النزح والأول أقوى لورود الصحيحين به وفتوى الكثير من فقهائنا فيرجح على ما ورد بكفاية دلو واحد لجلد الوزغ وعلى ما ورد بالسبع لسام أبرص إذا تفسخ وسام أبرص والوزغة شيء واحد ولكن الكبير هو سام أبرص فلذلك اختص باسمه وكذا على ما ورد بعدم شيء لوقوع سام أبرص وعلّل أيضاً بأنها غير نجسة فلا تنجس وكذا ينزح للعقرب ثلاثا أيضا لأشعار بعض الأخبار وفتوى كثير من الأخبار ويقوى القول بعدم الوجوب لطهارتها ولما ورد أنه ليس عليها شيء.